عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 27-02-2004, 12:36 PM
شوكت شوكت غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2001
المشاركات: 348
إفتراضي فتنة الوثيقة الزرقاوية

د. رفعت سيد أحمد
لا يمكن بأي حال، ولا بأي عقل رشيد، فضلاً عن كونه عقلاً مسلماً مؤمناً بالله مؤمناً بأن قتل نفس واحدة بريئة يتساوي مع قتل الناس جميعاً لا يمكن في ضوء ذلك وصف ما يتم في بغداد من قتل للمدنيين ورجال شرطة أو رجال جيش بأنه (مقاومــــة)؟ هل فقــــدنا عقلنا فضلاً عن ايماننا حتي نصف هذا الإجرام بأنه مقاومة؟ ولماذا لا توجه هذه الاعتداءات الغادرة المجرمة الي الاحتلال الحقيقي، لماذا استهداف الأبرياء؟
الاجابة جاءت هذه المرة وبشكل قاطع مما سمي بوثيقة (أبي مصعب الزرقاوي) أحد قادة تنظيم القاعدة في العراق، وهي وثيقة منسوبة الي (الرجل) وكشف النقاب عنها منذ أسبوع ونشرتها (نصاً) صحيفة (الحياة) يوم (13/2/24) فضلاً عن صحف أخري مثل (الأهرام) و(الشرق الأوسط)؛ والوثيقة المنسوبة للزرقاوي تطالب بإثارة أوسع فتنة طائفية وسياسية في العراق بدعوي أن ذلك يقلق الاحتلال ويقوي (أهل السنة والجماعة) في مواجهة الرافضة (يقصدون إخوتنا شيعة العراق وهم مسلمون صحيحو الاسلام) وربما والله أعلم كان اسلامهم أكثر صحة وصدقاً ممن وضعوا هذه الوثيقة الفاجرة والتي لم تكتف بالهجوم علي الشيعة بل وعلي الأكراد وهم سنة، والطوائف الآخري كل ذلك باسم (الاسلام). لقد احتوت هذه الوثيقة الخطيرة علي استشهادات منتزعة من سياقها لابن تيمية ولعلماء الاسلام من الوهابيين، ووظفت في مجال تبرير العنــــف ضد الأبرياء المسلمين في العراق؛ ان هذه الوثيقة وغـــيرها من الأفكار التي تروج وسط بعض العقول القومية والاسلامية تحتاج الي مواجهة فقهية وسياسية ترفض هذا التزييف باسم الاسلام وباسم تحرير العراق من الاحتلال وهي دعوات بريئة مما يقوم به هؤلاء وفي هذا المجال يهمنا أن نؤكد علي الآتي:
أولاً: لاجدال وبالتالي لا مزايدة في كون (الاحتلال) الأمريكي والأجنبي اجمالاً في العراق مرفوض ومكروه ومطلوب فوراً خروجه لأنه مثلما (الاستبداد) الذي كان يمثله صدام شر مطلق؛ فالاحتلال مثله، والاثنان في عرفنا وجهان لعملة واحدة، عملة يدفع ثمنها من دمه وانسانيته، شعبنا العربي المسلم في العراق، ولكن الذي يقرر شكل وطريقة خروج المحتل هو (الشعب العراقي) كله وليس فريقاً بعينه من داخله أو من خارجه، ولندع لهذا الشعب أن يقرر ذلك بنفسه وفي أجواء صحية، أجواء لا يفرضها عليه فرضاً الأخ (الزرقاوي) أو بقايا البعث المستبد.
ثانياً: هذا الاستشهاد المخيف والخطير في تكفير أصحاب المذاهب الاسلامية الآخري مثلما فعل الزرقاوي في الوثيقة المنسوبة اليه، يؤذن بحرب طائفية لن تبقي ولن تزر ولن يستفيد منه سوي المحتل الأجنبي وعلينا ان نواجهه بـ(لا) كبيرة، (لا) فقهية من كبار العلماء ومن السياسيين وقادة الفكر، (لا) تقول له ان أهل الشيعة في العراق وسواه هم مسلمون صحيحو الاسلام، واسلامهم مع تضحياتهم عبر التاريخ لا غبار عليها في مواجهة الطغاة ومحرفي (الاسلام) ودعاة الفتن ونفس الأمر يقال عن العلاقة مع الأقليات الآخري، عرقية أو طائفية ان الاسلام يدعونا الي الحوار معهم بالحسني والي التعاون معهم في سبيل نهضة واستقلال بلادنا، لا أن نتحارب معهم، حروب فتنة ودمار كما تدعونا اليه تلك الوثيقة المشبوهة.
ثالثاً وأخيراً: نطالب الأزهر الشريف، وعلماؤه الكبار بالتدخل لكشف هذا العوار الفكري والديني لدي بعض الفرق المارقة شديدة الغلو التي تستهل التكفير لأصحاب القبلة الواحدة، نطالب الأزهر الشريف، أن يعيد مجدداً مجد وفاعلية شيخه (محمود شلتوت) حين أصدر فتواه الشهيرة باعتبار التشيع أحد المذاهب الاسلامية المعترف بها والتي تتساوي مع المذاهب الآخري، أهمية وإخلاصاً ونقاءً كما نطالب الأزهر بأن يستعيد دوره السياسي والديني وألا يقف ـ كما هو الحال الآن ـ عند القضايا التي يريدها الحاكم، سواء في مجال التطبيع مع العدو الصهيوني أو الحجاب في فرنسا، ونطالب في الوقت ذاته قوانا المصرية والعربية السياسية والثقافية، أن تنتبه وتحذر لهذا الخطر الكبير الذي يترشح من وثيقة (الزرقاوي) لأنه حتماً إن نجح في العراق فسيطالهم جميعاً، ولن يفيد ساعتها فرحتهم المؤقتة (الدامية) ببعض الانفجارات العشوائية التي يطلق عليها زيفاً اسم (المقاومة) ان المقاومة التي نعرفها هي تلك التي تتجه للمحتل وحده ومباشرة وبدون قتل للأبرياء وأيضاً بدون تكفير للآخر، انها لمن يريد ان يعلم ويفهم ويفعل، مقاومة من تلك النوعية التي يقدمها لنا حزب الله في لبنان، والجهاد وحماس وكتائب شهداء الأقصي في فلسطين
انتبهوا أيها السادة فالأخ الزرقاوي ـ مع الأسف الشديد ـ ليس حلاً ولكنه حلقة آخري من الحلقات الجهنمية للفتنة، تلك الفتنة التي زرعها من قبل: الغلو في الدين متحالفاً مع الاستبداد والاحتلال انتبهوا فالأمر جد لا هزل فيه.
كاتب من مصر
E-mail: yafafr@hotmail.Com