الموضوع: تعالوا نحب
عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 30-07-2005, 04:19 AM
يتيم الشعر يتيم الشعر غير متصل
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2001
الإقامة: وأينما ذُكر اسم الله في بلدٍ عدَدْتُ أرجاءه من لُبِّ أوطاني
المشاركات: 5,873
إرسال رسالة عبر MSN إلى يتيم الشعر إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى يتيم الشعر
Thumbs up تعالوا نحب

عروة بن حزام بن مهاجر



شاعر إسلامي أحد المتيمين الذين قتلهم الهوى‏.‏

أخبرتنا شهدة بنتَ أحمد الكاتبة قالت‏:‏ أخبرنا أبو محمد جعفر بن أحمد بن السراج قال‏:‏ نقلت من خط أبي عمرو بن حيوية حدَّثنا أبو بكر بن المرزبان قال‏:‏ حدَّثني أبو العباس فضل بن محمد بن النويري حدَّثنا إسحاق بن إبراهيم الموصلي قال‏:‏ أخبرنا لقيط بن بكير المحاربي‏:‏ أن عروة بن حزام وعفراء ابنة مالك العذريين - وهما بطن من عذرة يقال لهم بنو هند بن حزام بن ضبة بن عبد بن بكير بن عذرة - ويقال إنهما نشآ جميعًا فعلقا علاقة الصبا وكان عروة يتيمًا في حجر عمه حتى بلغ وكان يسأل عمّه أن يزوجه عفراء فيُسَوِّفُهُ إلى أن خرجت عير لأهله إلى الشام وخرج عروة إليها ووفد على عمه ابن عمّ له من البلقاء يريد الحج فخطبها فزوَّجه إياها فحملها وأقبل عروة في عيره تلك حتى إذا كان بتبوك نظر إلى رفقة مقبلة من نحو المدينة فيها امرأة على جمل أحمر فقال لأصحابه‏:‏ واللّه لكأنها شمائل عفراء‏:‏ فقالوا‏:‏ ويحك ما تترك ذكر عفراء لشيء‏.‏

قال‏:‏ وجاء القوم فلما دنوا منه وتبيَّن الأمر يبس قائمًا لا يتحرك ولا يحير جوابآَ حتى بعُد القوم فذلك حين يقول‏:‏

وإني لتعروني لذكراك رعدة ** لها بين جلدي والعظام دبيب

فما هو إلا أن أراها فُجـاءَةً ** فأبهت حتى ما أكاد أجيـب

وقلت لعراف اليمامـة داوني ** فإنك إن داويتني لطبيـب

فما بي من حُمَى وما بي جنة ** ولكن عمي الحميري كذوب

ثم إن عروة انصرف إلى أهله وأخذه البكاء والهلاس حتى نحل فلم يبق منه شيء فقال بعض الناس‏:‏ هو مسحور وقال قوم‏:‏ به جنة وقال آخرون‏:‏ بل هو موسوس وان بالحاضر من اليمامة لطبيبًا له تابع من الجن وهو أطب الناس فلو أتيتموه فلعل اللّه يشفيه‏.‏

فساروا إليه من أرض بني عذرة حتى داواه فجعل يسقيه وينشر عنه وهو يزداد سقمًا فقال له عروة‏:‏ هل عندك للحب دواء أورقية فقال‏:‏ لا واللّه‏.‏

فانصرفوا حتى مروا بطبيب بحجر فعالجه وصنع به مثل ذلك فقال له عروة‏:‏ واللّه ما دائي ولا دوائي إلا شخص بالبلقاء مقيم فهو دائي وعنده دوائي‏.‏

فانصرفوا به فأنشأ عند ذلك وجعل يقول عند انصرافهم به‏:‏

جعلت لعراف اليمامة حكمه ** وعراف نجد إن هما شفياني

فقالا نعم يشفى من الداء كله ** وقاما مع العواد يبتدران

فما تركا من رقية يعلمانها ** ولا سلوة إلا وقد سقياني

فقال شفاك اللّه واللّه ما لنا ** بما ضمنت منك الضلوع يدان

فلما قدم على أهله وكان له أخوات أربع ووالدة وخالة فمرضنه دهرًا فقال لهن يومًا‏:‏ ‏(‏اعلمن أني لو نظرت إلى عفراء نظرة ذهب وجعي‏)‏ فذهبوا به حتى نزلوا البلقاء مستخفين وكان لا يزال يلم بعفراء وينظر إليها وكانت عند رجل كريم كثير المال والحاشية فبينا عروة بسوق البلقاء لقيه رجل من بني عذرة فسأله عن حاله ومقدمه فأخبره فقال‏:‏ واللّه لقد سمعت أنك مريض وأراك قد صححت فلما أمسى دخل الرجل على زوج عفراء فقال‏:‏ متى قدم هذا الكلب عليكم الذي فضحكم قال زوج عفراء‏:‏ أي كلب هو‏.‏

قال‏:‏ عروة قال‏:‏ وقد قدم قال‏:‏ نعم قال‏:‏ أنت أولى بها من أن تكون كلبًا ما علمت بقدومه ولو علمت لضممته إليَّ‏.‏

فلما أصبح غدا يستدل عليه حتى جاءه فقال‏:‏ قدمت هذا البلد ولم تنزل بنا ولم ترَ أن تعلمنا بمكانك فيكون منزلك عندنا عليَ وعليَّ إن كان لك منزل إلا عندي قال‏:‏ نعم نتحول إليك الليلة أو في غد‏.‏

فلما ولى قال عروة لأهله‏:‏ قد كان ما ترون وإن أنتم لم تخرجوا معي لأركبن رأسي ولألحقن بقومكم فليس عليَّ بأس‏.‏

فارتحلوا وركبوا طريقهم ونكس عروة ولم يزل مدنفًا حتى نزلوا وادي القرى‏.‏

وفي رواية أخرى‏:‏ أن حزامًا هلك وترك ابنه عروة صغيرأ في حجر عمه عقال بن مهاصر وكانت عفراء تربًا لعروة يلعبان جميعًا ويكونان معًا حتى ألف كل واحد منهما الفًا شديدًا وكان عقال يقول لعروة لما يرى من الفهما‏:‏ أبشر فإن عفراء امرأتك إن شاء الله وكانا كذلك حتى بلغا فأتى عروة عمة له يقال لها هند بنت مهاصر فشكى إليها ما به من حب عفراء وقال لها‏:‏ يا عمة إني لأكلمك وأنا مستحي منك ولم أفعل هذا حتى ضقت ذرعًا بما أنا فيه فذهبت عمته إلى أخيها فقالت‏:‏ يا أخي قد أتيتك في حاجة أحب أن تحسن قضاءها فإن الله يؤجرك بصلة رحمك قال‏:‏ إن تسأليني لا أردك فيها قالتَ‏:‏ تزوج عروة ابن أخيك بابنتك عفراء فقال‏:‏ ما عنه مذهب ولا بنا عنه رغبة ولكنه ليس بذي مال وليست عليه عجلة فسكت عروة بعض السكوت وكانت أمها لا تريد إلا ذا مال فعرف عروة ان رجلًا ذا مال قد خطبها فأتَى عمه فقال‏:‏ يا عم قد عرفت حقي وقرابتي وإني ربيت في حجرك وقد بلغني وحقي فرق له وقال‏:‏ يا بني أنت معدم وأمها قد أبت أن تخرجها إلا بمهر غال فاضطرب واسترزق الله‏.‏

فجاء إلى أمها ولاطفها وداراها فأبت إلا بما تحتكم من المهر فعمل على قصد ابن عم له موسر باليمن فجاء إلى عمه وامرأته فأخبرهما بقصده وعزمه فصوباه ووعداه ألا يحدثا حدثًا حتى يعود‏.‏

وودع عفراء والحي وصحبه فتيان كانا يألفانه وكان طول سفره ساهيًا حتى قدم على ابن عمه فعرفه حاله فوصله وكساه وأعطاه مائة من الإبل فانصرف بها وقد كان رجل من أهل الشام قد نزل في حيّ عفراء فنحر وأطعم ورأى عفراء فأعجبته فخطبها إلى أبيها فاعتذر إليه وقال‏:‏ قد سميتها باسم ابن أخي فما لغيره إليها سبيل فقال له‏:‏ إني أرغبك في المهر فقال‏:‏ لا حاجة لي في ذلك فعدل إلى أمها فوافق عندها قبولًا ورغبة في المال فجاءت إلى زوجها فقالت‏:‏ وأي خير في عروة حتى تحبس ابنتي عليه والله ما تدريَ أعروة حيّ أم ميت وهل ينقلب إليك بخير أم لا فتكون قد حرمت ابنتك خيرًا حاضرًا فلم تزل به حتى قال‏:‏ إن عاودني خاطبها أجبته فوجهت إليه‏:‏ أعد غدًا خاطبًا فنحر جزورًا وأطعم ووهب وجمع الحي على طعامه وفيهم أبو عفراء وأعاد الخطبة فزوجه وحولت عفراء إليه فقال قبل أن يدخل بها‏:‏ يا عروة إن الحيّ قد نقضوا عهد الله وحاولوا الغدران‏.‏

ثم دخل بها زوجها وأقام فيهم ثلاثًا ثم ارتحل إلى الشام وعمد أبوها إلى قبر عتيق فجدده وسواه وسأل أهل الحي كتمان أمرها وقدم عروهَ بعد أيام فنعاها أبوها إليه وذهب به إلى ذلك القبر وكان يختلف إليها أيامًا حتى أخبرته جارية من الحي الخبر فركب بعض إبله فدخل الشام فنزل على الرجل وهو لا يعرفه فأكرمه فقال لجارية لهم‏:‏ هل لك في يد تولينيها قالت‏:‏ نعم قال‏:‏ تدفعين خاتمي هذا إلى مولاتك فقالت‏:‏ سوء لك أما تستحي من هذا القول فأمسك ثم أعاد عليها وقال‏:‏ ويحك هي واللّه بنت عمي فاطرحي هذا الخاتم في صبوحها فإن أنكرت عليك فقولي‏:‏ اصطبح ضيفنا قبلك ولعله سقط منه فرقت الأمة وفعلت فلما رأت عفراء الخاتم قالت‏:‏ أصدقيني فأصدقتها فلما جاء زوجها قالت‏:‏ أتدري من ضيفك إنه عروة بن حزام وقد كتم نفسه حياء منك فبعث إليه وعاتبه على كتمانه نفسه وقال له‏:‏ بالرحب والسعة نشدتك الله إن رمت هذا المكان أبدًا وخرج وتركه مع عفراء يتحدثان وأوصى خادمًا له بالاستماع عليهما وإعادة ما يسمعه منهما‏.‏
__________________
معين بن محمد
الرد مع إقتباس