عرض مشاركة مفردة
  #48  
قديم 10-05-2006, 03:44 PM
كونزيت كونزيت غير متصل
مشرفة
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الحجاز
المشاركات: 1,156
إفتراضي

الحلقة الثامنة والعشرون
رجعت للسكن وانتقلت لغرفة الأخ محمد زين العابدين بأمر من الشيخ!!
هل هو تحفظ علي ؟؟ لكي يراقبني؟؟ أم كان ذلك بسبب آخر أجهله ؟؟
كان الأخ محمد هو غالبا الوسيط بيني وبين الشيخ وقد لمحت مرارا
الأخ محمد يلتقي بصاحب الفتنة!!
لا أقصد من ذلك أبدا أن أتهم الأخ محمد ، فراية محمد والله عندي بيضاء ولكنه رجل
حصيف يسعى للإصلاح والتقارب بكل الوجوه الممكنة .
لقد كانت ردة فعله طوال المشكلة أنه لم يظهر الانفعال والغضب بل كظم غيضه
وانتظر ما تصير عليه الأمور بيني وبين الشيخ...
تغيرت الوجوه علي وتنكرت النفوس وضاقت علي الأرض بما رحبت ..
أصبح السكن بالنسبة لي ككابوس مخيف ونفق مظلم لا نهاية له
لم يؤذني أحد بكلام أو فعل الحمد لله ،
ولكن كانت مجرد النظرات والصمت الرهيب حولي
يولدان الكآبة والحزن والأسى في نفسي ..
لم يكن الطعام في السكن مع الطلبة لي مستساغا بل أصبح غصة في الحلق ..
ولذلك لم أحرص على مخالطة الطلبة ولا أن أتحدث معهم ..
كنت أطلب من علاء الدين أن يعطيني الطعام فأذهب به لغرفتي
أو أن أنتظر خروج الطلبة فآتي فآكل من الطعام البارد وحدي..
كنت أجلس في الغرفة اقرأ القرءان ..
حينما يمر المرء بأوقات عصيبة فإنه يحتاج لمن يؤنسه ..
لقد كان أنيسي في تلك الليالي القرءان وأنعم به من أنيس..
لقد كنت أقرأ السور بتأن وتدبر وأشغل فكري بمعانيها العظيمة مما أفهمه وأدركه ..
فيكون في ذلك من الأنس والتطمين والترويح ما جعلني أغتبط بما أنا فيه!!
من السور العظيمة التي قرأتها مرارا وتكرارا سورة يوسف ..
حيث كنت كلما وصلت لمقطع انكشاف شخصية يوسف لإخوته وقد صار سيد مصر
تصيبني نوبة بكاء ثم يتبعه أمل واستبشار قريب بفرج الله تعالى..
من السور التي تأثرت بها كثيرا في تلك الأيام سورة فاطر!!
إن في هذه السورة من المعاني والعبر والتوجيهات والإشارات العظيمة
مالو تأمله المرء لخرج بآلاف مؤلفة من العبر والفوائد..
من السور التي تأثرت أيضا بها سورة القصص وقصة موسى عليه السلام وإلقاء
أمه له في التابوت وخوفها عليه ثم عيشه وترعرعه في بيت عدوه
وما وجده في حياته من العنت والمطاردة والخوف حتى بعثه الله سبحانه وتعالى
لفرعون وقومه وبني إسرائيل ...
القرءان يا إخوتي الكرام يا أخواتي هو خير صديق ومؤنس في الشدائد
وصدق الله تعالى حينما قال ( ألا بذكر الله تطمئن القلوب)
في ذاكرتي عن تلك الأيام تشويش رهيب فكلما طرقت باب الذاكرة
لكي تفتح لي نافذة أو كوة أو خرقا صغيرا نحوه ترفض ذلك رفضا قاطعا ..!!
كأنها تقول لي : مالك ومال تلك الأيام ...!!
ألم يكف ما تجرعته فيها من آلام هائلة!!
دع تلك المآسي في جوفي ، ولا تفتح الباب فتفسد على نفسك ما بقي من عمرك!!
فيكفيك ما أنت فيه الآن من متاعب أنت في غنى عن المزيد منها ..!!
وخوفي أن يأتيك ما كنت تظنه عبرة وعظة للآخرين فيكون في مجرد ذكره
تعجيل حتفك !!!
فهل تريد الآن أن تنبش الأوجاع وتعيد الذكريات الحزينة!!
__________________









الرد مع إقتباس