عرض مشاركة مفردة
  #75  
قديم 27-12-2005, 05:03 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

الأوتاد :

لو سلمنا جدلا بمعقولية اعتبار ما ذكرناه من هيئات أو أشكال اجتماعية ، لتكون بمثابة أعمدة ، ونحن هنا ، ليس لنا خيارات متعددة ، للبحث عن غير ذلك . فان تلك الأعمدة وعلى افتراض تناسق أدوارها مع بعض ، وهذا ما سنتناوله لاحقا ، فانها بحاجة لأوتاد تحفظ وقوفها بشكل عمودي ، وتضمن ثبات انتصاب البيت ، وكلما كثرت الأوتاد فان الرياح لا تستطيع النيل من البيت ، حتى لو تغيرت اتجاهاتها كل ساعة .

فعمود الأحزاب المقترح ، سيسهل عملية رسم الخطط الإنمائية ، ضمن صياغة برامج يدعو لها من خلال هيئاته ، ويتوسم خيرا من التجمعات الإدارية (الأوتاد) في أن تترجمها . وعمود الأسر المتزعمة في أقاليم أو مناطق من الدولة (أي دولة) سيضمن حالة التذاوت (توكيد الذات) لفئات عريضة من المجتمع ، تحاول التعبير عن ذاتها الجماعية التي تعتد بها . وعمود العسكر ، يصنع إحساسا لدى ساكني البيت بالأمان . أما عمود الدين ، فانه يحفظ المنظومة الأخلاقية العامة التي تفلسف مكافحة الفساد والخوف من الله في حالة ظلم العباد .

ولكن قبل أن ندخل بتفصيل موضوع الأوتاد ، علينا أن نمر سريعا ، على مصطلح الديمقراطية ، لما له علاقة بوصف ما سيئول اليه حديثنا في النهاية ، أي الى أي الأنماط ينتمي الشكل الذي نحاول صياغة مسودته ، في المستقبل ، أي أين هو من الديمقراطية ؟

منذ محاولات مونتسكيو الأولى وجهد جان جاك روسو وفولتير ، وحتى الآن فان دعاة الديمقراطية ، يزعمون بأنها أسلوب ، يضمن تناقل السلطة بعدل بين المواطنين ويحقق إطلاق إبداعات المجتمع .. وهذا الانتقاء من أهداف الديمقراطية ، وان كان مقصودا ، فانه سيسهل علينا محاكمة الصيغ التي انتشرت في العالم ومدى مطابقتها لتلك المزاعم .

فلو سلمنا مع الشكل الإجرائي النهائي الذي سيوصل ، أفراد دون غيرهم الى السلطة ، وهو الاحتكام لدى صناديق الاقتراع ، فاننا سنلحظ على وجه السرعة بأن الشخوص الواصلة الى مجالس النواب ، ان لم يكن لها جذور قوية مدعمة من أهمية الذين يصلحون كأوتاد ، فان حظوظ تلك الشخوص بالوصول للبرلمان تكاد تكون معدومة ، حتى لو كان أصحابها علماء . فقوة المال وقوة الأسرة ودعم الهيئات الدينية ، أو الانطلاق من خلفية عسكرية ، شروط يستوجب وجودها لكي ينافس من ينافس على الوصول للبرلمان .

إذن لنعدل من صياغة مزاعم دعاة الديمقراطية ، ونقول انها أسلوب يضمن تناقل السلطة بعدالة بين القوى المؤثرة ( وليس المواطنين بشكل مطلق) .

أما الهدف الثاني الذي انتقيناه ، فهو قد يكون صحيح ، فهو يدعو لإطلاق الإبداعات العامة لدى عموم الشعب .. لكن وفق إرادة القوى المؤثرة أيضا . فان كان موضوع الخصخصة الذي يضر بمصالح الفقراء ، يخدم مصالح القوى المؤثرة فان قوانين الخصخصة ستمرر من خلال مجالس النواب ، رغم عدم رضا الشعب ، الذي يدرك ذلك ، وهو يعطي صوته للمرشحين !

عموما ، فان معالجة ذلك ستكون أوضح ، في مناقشات قادمة ، سواء كانت في الأوتاد أو حبال الشد للبيت ..
__________________
ابن حوران
الرد مع إقتباس