[راضية]

دخول مكة والبيت الحرام(2)

ها هى أول خطواتك فى البلد الأمين..وها هو الهواء الذى تنفسه صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام.. نعم..كان هنا.. صغيرا..فقد أباه ثم أمه..ثم جده..ثم تربى فى كنف عمه..عاش فى هذه الأرض خمسين عاما..ترى؟؟أين كان يسير..أفى نفس الطريق التى تخطو أنت عليها؟؟ألامست قدماك موضعا لقدميه الكريمتين..وإن حدث..فكم مرة..وكم مرة لامست روحك أثر روحه وأنت تتبع هديه وسنته؟؟وهل نزل عليه الوحى وكلم جبريل رسول رب العزة إليه هنا أو هناك؟؟لكأنى أراك وأنت ترفع رأسك قليلا لترى من حولك؟؟إن كم من البشر لا قبل لك به..يرتدون نفس الزى ..لا فرق بين عربى وأعجمى ..يهرعون إلى نفس المكان والمقصد..أتراه يوم الحشر؟؟وهؤلاء هم رهط المؤمنين يحركهم الحب والخوف والشوق والرجاء..أكل هؤلاء يرجون رحمة الله ويخافون عقابه..؟؟أكل هؤلاء لبوا نداءه ودعوته..؟؟سبحان الله..سبحان من اطلع على قلب كل امرىء منهم وعلم غايته ومبتغاه..
لقد سأل الصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم : ربنا قريب فنناجيه ؟ أم بعيد فنناديه ؟
فأنزل الله قوله تعالى
" وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان ".
ينبئهم بقربه منهم على كل حال ومآل..فإذا كان هذا حالك و رب العزة جل وعلا وأنت فى بيتك فما ظنك وأنت فى بيته..ألا يزيد القرب والأنس والحب والرضا؟؟ألا يزيد القرب والحب والكرم والجود..
لكم أغبطك أخى على ما أنت فيه..لكم أتمنى أن أكون معك هناك ..فإن لم يشأ الله بحكمته أن أكون معك الآن لحما ودما...فهل لى أن أصحبك بروحى..وأرى نفسى واحدة من ضيوف الرحمن الذين من عليهم بزيارته والأنس به..علهربى يسمعنى ويدعونى فأطرح أوزارى وأعود لفطرتى التى فطرنى عليها..كما خلقنى أول مرة..
ها هو البيت الحرام يلوح من بعيد..يالرحابته..إنه ينادينا أن هيا ادخلوا إلى بيت الرحمن..يحتضننا ويضمنا ..فلا ملاذ لنا ولا مأوى إلا إلى صاحبه..نفر منه إليه..ونتوكل عليه..نرجو رحمته وثوابه ونخاف غضبه وسخطه عقابه..
وأدخل من الباب فتهتف روحى:
(اللهم افتح لى أبواب رحمتك)
يارب لقد جئتك خوفا وطمعا..حبا وخشية..ودعوتك تضرعا وخفية..يارب ماتركت شيئا فى نفسى ولا مما وصانى به أحبائى إلا ودعوتك أن تهبنا إياه..يارب ماتركت فى قلبى أملا فى خير إلا وتوجهت به إليك رغبة ورهبة..وأنا فى بيت أكرم الأكرمين..وأرحم الراحمين..الذىخلقنى فهو يهدين والذى هو يطعمنى ويسقين وإذا مرضت فهو يشفين والذى أطمع أن يغفر لى خطيئتى يوم الدين..وأنت من قلت فى الحديث القدسى:
. " يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد* فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر ".وبشرتنا فى كتابك العزيز بقولك: (ولدينا مزيد)
ونحن عبادك بنو عبيدك بنو إمائك نواصينا بيدك ماض فينا حكمك عدل فينا قضاؤك نسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته فى كتابك أو علمته أحدا من خلقك أو استأثرت به فى علم الغيب عندك أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا ونور صدورنا وجلاء أحزاننا وذهاب همومنا وغمومنا..
آمين