عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 17-03-2004, 07:27 PM
الاشجعي الاشجعي غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Feb 2004
الإقامة: السعوديه - الشمال
المشاركات: 24
Question لماذا يغضبون إذا تحدثنا عن إصلاح وضع المرأة

للكاتية والأكاديميه السعوديه : مرام عبدالرحمن مكاوي

ما إن يرد ذكر المرأة في بلادنا، والحديث عن ضرورة وحتمية تحسين أوضاعها الصعبة فعلا، ولو همسا، حتى تثور ثائرة النشامى في بلادي! ولذلك فإن أسهل وصفة لأي كاتب يبغي الشهرة في صحافتنا المحلية، أن يكتب أي شيء عن المرأة، مرفقا بكلمة إصلاح، وستتوالى عليه الردود، ويمتلئ بريده بالرسائل عن آخرها، وينقل موضوعه إلى كل الساحات الإنترنتية. وهناك ( في ساحات الوغى الشبكية)، سيتم اتهامه بكل نقيصة، وسوف يخوض الناس في أصله وفصله، ومن أي منطقة هو ، وأين تلقى تعليمه، ومن ثم يخلصون إلى القول بأنه علماني، ويدعى عليه بالويل والثبور وعظائم الأمور! ثم سيُدعى رواد المنتدى إلى القيام بعملية (التفكيس) للإنكار، مشفوعة بسبعة أرقام! تشمل كل وزارات الدولة. والتفكيس يعني إرسال فاكس إلى المسؤولين، للمطالبة برقبة الكاتب، سواء بالفصل، أو النفي إلى المضافة الحكومية! والفائدة التي يخرج بها الكاتب من مقال هكذا، هي أنه بحمد الله صار مشهورا، ولذلك يفعل بعض الكتّاب هذا فعلا، ويطرح أمورا يعرف أنها مستفزة أو غير منطقية، أو فيها تناقض صريح مع الشرع، وأحيانا يطرح أشياء هو غير مقتنع بها أصلا، ولن يرضاها لزوجته وبناته، يعني التحضر والانفتاح على الورق فقط.
لكن حين تكتب المرأة عن المرأة فالوضع يختلف، حتى لو تناولت نفس المواضيع التي يتناولها الرجل، ولكنها على الأقل ستتحدث عن اقتناع. وهي تعرف أن الحديث ليس سهلا، فهي ستصطدم بالواقع الاجتماعي أولا، كما أنها تخاطر باسمها حين تتحدث عن مواضيع قد لا تعجب سواد الشعب، أو على الأقل الأصوات العالية في الشعب، لأن سواد الشعب، صامت للأسف، ومنسحب من كل حوار. ولكنها تفعل ذلك لأنها تحس أن من واجبها أن تفعل، لأنه إن لم يشتك المريض من الألم فكيف سيداويه الطبيب؟ ولهذا السبب، وهذا السبب وحده، أكتب أنا شخصيا عن المرأة أحيانا.
بداية لاحظت أن هناك فئة غير قليلة، ضد أي إصلاح وأي تغيير لوضع المرأة، وتعتبر أنه ليس هناك أفضل من الوضع الحالي، بل الوضع الحالي، أعطى للمرأة حقوقا فوق حقوقها. وهم ينكرون تماما تعرض المرأة لأي نوع من الظلم أو الإجحاف أو المعاناة، ولذلك فالحديث عن وضع المرأة ما هو إلا مؤامرة "صهيوأمريكية" بعد الحادي عشر من سبتمبر. وينسى هؤلاء أو يتناسون أن هذه المطالبات قديمة، قدم تاريخنا، وإلا أ لم تكن أول عملية إصلاح جاد لوضع المرأة، هو ما قام به الملك فيصل رحمه الله، من إقرار التعليم الإلزامي للبنات رغم كل المعارضة والتعنت الذي لقيه من بعض الفئات، ورغم كل التخوفات، والتنجيمات التي بشرت بضياع الدين والحياء والعفة.. إلخ من بلادنا؟!
الشيء الآخر المزعج في طروحات هؤلاء أنهم فعلا يعتقدون أن المرأة أقل منزلة من الرجل، ويستشهدون بآيات من القرآن، لتكريس مبدأ الأفضلية، وهذا أمر يغضبني فعلا، لأن فيه أيضا تشويهاً متعمداً للدين الذي به أؤمن وأفخر وأعتز. وعبثا تحاول أن تقنعهم بالعكس، حتى لو وقعت على تناقضاتهم. مثلا هم يرون المرأة من ناحية ناقصة الأهلية، ولا تصلح للوزارة، أو لمجلس الشورى، وأن عقلها مضطرب وهرموناتها مختلة، لكن في الوقت نفسه عندما يتم الحديث عن وقوع رجل وامرأة في المعصية، فإنهم يتهمون المرأة ، لأنها لو لم تستجب للرجل لما زنى! مع أنه لو لم يراودها عن نفسها، لما استطاعت هي أن تعتدي عليه، ثم أ لم تكن قبل قليل، ضعيفة العقل؟ حسنا لماذا تحاسبونها إذن؟، فهي مسكينة (عقلها على قدها، وعواطفها جياشة.. إلخ).
ثم إن كان هذا صحيحا، وهو أنها أقل منزلة منه، وأقصر إدراكا عن الفهم، فلماذا إذن ساوى الشرع بينها وبين الرجل في كل العقوبات؟ وطبعا هنا سيتوقفون عن الحوار معك. أما إذا كنت فتاة، فستتعرضين لكل أنواع الشتائم، وتأتيك عروض في غاية القذارة والدناءة، لأنك بنظرهم داعية فساد وانحلال!
والمحزن هنا أنهم نجحوا في أن يقنعوا المرأة ذاتها بأنها كائن أدنى وأغبى، وأنها لا تستحق أن تتولى حتى الأمور الخاصة بها، وتصبح هذه المرأة الكاتبة تقول (أرجوكم أيها الرجال لا تدعوني أتولى أمري.. أنا لا أقدر)، ومن يرد أن يتأكد من هذا الكلام، فسيجد في الساحة العربية الشهيرة، كاتبات من هذا النوع، وبأسمائهن الصريحة أيضا.
صنفان من النساء في بلادي أبغض أفعالهما: الفئة التي تبرر ظلم الرجل للمرأة، بل وتنسبه زورا للشريعة، وتندرج تحتها أيضا المرأة الخانعة التي تسمح للآخرين أن يدوسوها وهي تملك مفاتيح التغيير. وأخرى تتصور أن الشريعة هي السجن والعائق في وجه الحرية والنهضة النسوية، وكأن الحرية تعني معصية الله، والخروج عن كل الثوابت. وأعتقد أننا قبل شهرين شاهدنا في جدة شيئا من هذا النموذج. هذان الصنفان لن يحققا أي نصر للمرأة، فلن ينصلح حال المرأة إلا بامرأة مسلمة تعرف حقوقها وواجباتها، وتعرف كيف تناضل لتدافع عن حقوق مسلوبة زورا، بحجة العادات والتقاليد، وهي التي ستلجأ للقياس على مقاصد الشريعة، لمعرفة مدى خطأ أو صواب ما يناسبها من أمور مستجدة.
العجيب في هذه الفئات التي تصادفها في الإنترنت كما في الشارع وكل مكان، أنها تجمع أناسا من مشارب، ومناطق، وعادات، وأصول مختلفة، ومن خلفيات مختلفة أيضا. فهناك بعض المتشددين دينياً، وهؤلاء يريدون فرض فهمهم الخاص للدين، وإذا أتيت لهم بأدلة عن شيوخ لا يعجبونهم، خاصة إذا كانوا من خارج البلاد، فهم لا يكلفون أنفسهم عناء الرد ومحاورة أدلتك. وهناك بعض المتشددين لاعتبارات القبيلة، والعادات، والعيب الذي ليس له نهاية. وهناك الرافضون لخوفهم من أن تفلت السلطة من أيديهم لأنهم مستمتعون بلعب دور الديكتاتور، والمضحك أن هؤلاء هم أنفسهم الذين يشتمون الحكام العرب صباح مساء لأنهم ينفردون باتخاذ القرارات، ويتحكمون بمصائر الناس. وينسى الواحد منهم أنه هو ذاته صورة طبق الأصل عمن يشتمهم، لكنها صورة مصغرة، وحدودها مملكة البيت. وهناك الرافضون، خوفا من أن يؤدي الإصلاح إلى تخريب المجتمع. خاصة أن بعض النساء، اللاتي إذا أتتهن الفرصة، فسرعان ما يتنازلن عن ثوابت الدين (كالحجاب)، وهن يعطين مثالا سيئا، عن المرأة المتعلمة والمثقفة، وعن عملية التحرر والإصلاح، وهو خطأ وقعت فيه كل الحركات النسوية في العالم العربي. هذه الفئة الأخيرة من المعارضين، تخاف التغيير لكنها لا تنكر في الوقت نفسه بأن هناك أوضاعا غير صحيحة بالنسبة لوضع المرأة في البلد. وبين هؤلاء وأولئك نجد الذين لا يصلون، والذين يكذبون ويغشون، ويرتكبون شتى أنواع المعاصي، أو يسكتون عنها، لكن إذا وصل الأمر لقضية المرأة، فهنا تظهر كل آيات العفة والحجاب والحياء، وأحاديث الفتن.
==============
وأنا اقول صرخه في واد .. ولو ذهبت مع الريح .. فستأتي غدا بالأوتاد
__________________
قل الحق لو على نفسك