عرض مشاركة مفردة
  #7  
قديم 16-08-2001, 08:55 PM
radi radi غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2001
المشاركات: 245
Post

اخي عمر انت في كل مناسبة تقول
المجلس النيابي منتخب من اللبنانيين

والجيش؟؟؟اليس من اللبنانيين
هكذا الحريات تصان ؟ ام انك لم تشاهد اخواتنا البنات كيف داس عليهم الجيش بقدمهم امام عدسات التصوير

اخي تعال نتكلم في جرحنا

اخي عمر

انت الا ترى معي ان لبنان قد خطا خطوة كبيرة الى الوراء.

فالبلاد في حاجة ماسة الى مصالحات مجتمعية في العمق مثل التي ازهرت في الشوف وقراه. غير ان هناك من اعتبر نفسه متضررا من حصولها، او من سعى لتقزيم معانيها، او من عمل على محاولة وأد بزوغ مثيلاتها في الشمال والجنوب والسهل، وهي مثيلات ضروريات.

والبلاد في حاجة ماسة الى ارساء حياة سياسية تحتضنها مؤسسات دستورية فاعلة، منفتحة، حية، تستلهم الدستور في عملها اليومي وتكرس الاعراف الوفاقية، وترسم قواعد للعبة السياسية بما هي تنافس مشروع ومنظم بين الرجال كما بين الافكار. غير ان هناك من لم يقوّم حق التقويم اخطار التوقف، ولو المؤقت، ولو الظرفي، لهذه العملية التراكمية في بناء المؤسسات الديموقراطية التي هي علة وجود لبنان.

والبلاد في حاجة ماسة الى استقرار سياسي لا تعد ازمنته بالايام والاسابيع انما بالاشهر والسنوات كي تخرج من قمقم دينها العام الثقيل الوطأة، ومن مرحلة الركود الاقتصادي الذي اصابها منذ نحو خمسة اعوام والتي كانت تباشير الخلاص منها قد بدأت تبرز للعيان. غير ان هناك من لم ير بصورة كافية اولوية مشروع النهوض الاقتصادي وإلحاحية التصحيح المالي بوصفهما ضرورتين لتحصين السيادة الوطنية في مرحلة من تاريخ العالم باتت فيها مناعة البلد المالية والاقتصادية من اهم عناصر استقلاله السياسي ان لم تكن هي الاهم على الاطلاق.

والبلاد في حاجة ماسة الى تعزيز قضائها المستقل السيد الصارم، لا في تنفيذ احكامه فحسب بل في رضوخه الذاتي للقانون. غير ان بعض الاجراءات جاءت تثير الاسئلة المشروعة حول هذين الامرين معا.

والبلاد في حاجة ماسة الى اعلام مستقل ومسؤول، يحترم ذكاء القارئ والمشاهد، كما يعطي اعتبارا للمصلحة العليا للبلاد في ما يقول ويعرض، فتقابله الدولة باحترام استقلاله وبعدم التعرض للآراء التي ترد للرأي العام من خلاله. غير ان هذه القواعد المتكاملة شهدت تشوشا واضحا انتقلت عدواه من ابناء المهنة الى الناس جميعا، فباتت مسؤولية الاعلام غير ثابتة وتعرضت استقلاليته لاخطار ملموسة.

والبلاد في حاجة ماسة الى علاقات ممتازة مع سوريا كانت مكوناتها تتجمع تدريجا بفعل انفتاح سوري متنام، كما بفعل تدرج نحو الرشد والنضج في خطاب بعض اللبنانيين الذين كانوا سابقا قد تهوروا في تصويرهم لكُنهِ تلك العلاقة. غير ان الاحداث القريبة اعادت الى اذهان الكثيرين شكوكا كانوا في طور الخلاص منها وهواجس كانوا في مسار السعي لتجاوزها.

والبلاد في حاجة ماسة الى المصالحة والحياة المؤسسية الراسخة والنمو الاقتصادي والعلاقة الممتازة مع سوريا، ولكل ما سبق، كي تكون متأهبة للعب دورها الطبيعي في دعم انتفاضة فلسطين، وفي مواجهة الخطر اليومي الذي شكله تسنم صقر متهور فاجر لمقدرات الحكم في اسرائيل. لكن الاحداث الاخيرة حرفتها عن هذا الهم المركزي وعن لعب هذا الدور المرتجى ودفعتها مجددا الى دهاليز النرجسية والتساؤلات المضنية العقيمة عن الهوية الجماعية وعن الذات الوطنية.

والبلاد في حاجة ماسة الى تحسين منهجي لصورتها الخارجية كي تتمكن من حماية انجاز تحرر جنوبها، ولو غير المكتمل تماما، وكي تتمكن من رفد الانتفاضة الفلسطينية بما لديها من امكانات وكي تحصل على الدعم الخارجي الضروري لانجاز نهوضها الاقتصادي. غير ان هذه الصورة تشوشت هي الأخرى من جراء التغطية الخارجية الواسعة لأحداث وممارسات ما كان يجب ان ترى النور اساسا. لذا تشوشت الاذهان من جديد، وعادت نغمة الهجرة الى ذهن المحظوظ المحسود القادر على الحصول على تأشـيرة. وفرك كثيرون اعينهم غير مصدقين بل مذهولين. وتعثرت عملية اعادة بناء الذات الوطنية الواحدة على اسس وفاقية يحترمها الجميع.

ما العمل والحال كذلك؟ هل ان الصمت فعلا من ذهب وحولك من يسأل ويتساءل ويستجوب؟

هل ان الهروب من المسؤولية الى المنافي الطوعية هو الجواب الراشد الشجاع؟ هل ان مشاركة البعض في قنوطه هي فعلا الدواء الشافي؟

طبعا لا، حين تكون الخدمة العامة هي كتابك المقدس والبوصلة. انما الرد بثلاث:

اولها اعادة التذكير بالاساسيات التي قام عليها لبنان ولا حياة له بدونها من مؤسسات ديموقراطية فاعلة، وانتماء عربي غير مشـروط وانفتاح ثقافي غير مذعور. ولقد اكدت وثيقة الوفاق الوطني هذه الاساسيات وعدلت في تجسيداتها المؤسسية كي تكون اكثر ملاءمة لضرورة الخروج من منطق التقاتل والتطورات الديموغرافية والسياسية التي شهدها لبنان منذ استقلاله.

ان التمسك بالاساسيات كما في الصيغة التي انبثقت من اتفاق الطائف، والكف الحازم عن محاولة الخروج على عناصر ذاك الاتفاق، هما الشـرط الأول لتجاوز ما حصل وتجنب الوقوع فيه من جديد. وعلينا جميعا بالتالي ان نحترم من الآن معا، وبالنية الصادقة نفسها، نتيجة الانتخابات الرئاسية للعام 1998 ونتائج الانتخابات النيابية للعام ،2000 فكلاهما اساس لعمل المؤسسات. ومحاولات تغليب اي من هذين الحدثين على الآخر تؤدي الى مآزق جديدة والى اهتزازات عملية في عمل المؤسسات.

وثانيتها اعتراف الجميع بدءا بالدولة نفسها، بان اكثرية ساحقة من اللبنانيين (بل ان اجماعا عز مثيله في تاريخنا المعاصر، وهو اجماع لن يعكره مسلك فرد أو آخر) باتت مقتنعة بان لبنان هو بلد عربي متميز، بمعنى انه لا يعيش انتماءه كقدر مفروض عليه بل كاختيار واضح صريح هو مدعاة اعتزاز ابنائه. وانه بالتالي لا يوازن ولا يقارن بين الشقيق والعدو ولا يبارح لحظة واحدة التفكير في سبل مواجهة المشروع الصهيوني المتعسكر الجاثم على تخومه الجنوبية. ويقتضي الامر اهتماما جماعيا بما هو حاصل في صلب ذلك المشروع من تحولات، كما بما هو جار في شوارع القدس ورام الله ونابلس من اغتيالات وتصفيات. ويقتضي الأمر ايضا انكبابا وطنيا شاملا على رفد الانتفاضة بما لدى لبنان من قدرات. ويقتضي الأمر اولا واخيرا الكف النهائي عن التشكيك في هوية لبنان وفي اصطفافه العربي كما عن التشكيك السهل، بل المجرم، في عواطف فئات لبنانية باسرها وفي اتجاهاتها نحو هذه القضية المركزية.

اما ثالثتها فهي التوقف عن اعتبار بعض الحكم مسؤولا عن امن البلاد وبعضه الآخر معنيا بنهوضها الاقتصادي، وكأن هوة ساحقة تفصل بين هاتين المهمتين الوطنيتين او كأن هناك تناقضا لا دواء له بينهما. هذا هو المنزلق الذي كنا نجنح اليه. والأمل ان تقودنا الاحداث الاخيرة بذيولها المقلقة الى قليل من الرشـد. فما معنى الامن إن دفعت الضائقة الاقتصادية الناس نحو القنوط والشباب الى الهجرة؟ وما فائدة المال ان بقيت احوالنا الدستورية على تقلب وتشوش؟

ان السياسة في العمق نجاح في تزويج النمو مع الأمن. والوطنية في جوهرها قدرة على تحرير الارض كما على تحصين المناعة الاقتصادية والمالية. والمستقبل لاولئك القادرين على الاحتفاظ في ذهنهم بكل عناصر السياسة الوطنية فلا ينزلقون للتمترس وراء عنصر واحد دون غيره من مكوناتها، بحثا عن موقع يوسع او سعيا الى دور يستعاد.