عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 30-09-2001, 09:14 PM
المؤيد الأشعري المؤيد الأشعري غير متصل
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2000
المشاركات: 226
Post

إذن فيما تقدم لنا بأن العلماء المحدثين يدا واحدة في فهم الأحاديث والاستدلال بها حيث أنهم أثبتوا في كتبهم أحاديث ضعيفة إذا لم يجدوا في الباب ما يدفعه أو سند أقوى منه يدفعه كما قال الحلال وفي شرح الكوكب المنير (2/573) قال الخلال: " ومذهبه ــ أي الإمام أحمدــ أن الحديث الضعيف إذا لم يكن له معارض قال به ..الخ" .

وفي رواية قال: طريقي لست أخالف ما ضعف من الحديث إذا لم يكن في الباب ما يدفعه .
وكان الإمام الشافعي رضي الله عنه يحتج بالمراسيل إن لم يجد سواهم هذا كما ذكر شيخ الإسلام تاج الدين السبكي .

وقال السيد العلامة عبد القادر بن أحمد الكوكباني شيخ الإمام الشوكاني في بعض مؤلفاته:
(( إذ قال المتأخرون من المحدثين: هذا حديث غير صحيح أو لا يصح، لم يكن معناه أن الإستدلال به مردود ولا أنه غير معمول به، بل لم نجد لهم حرفا مصرحا بذلك، فإذا قال المتأخرون في حديث : إنه غير صحيح أو لا يصح ولم يزد على ذلك، كان قوله مقبولا ثم يبحث عنه فإن كان حسنا أو ضعيفا معمولا به عمل به وإلا ترك)) انتهى .


قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله:
" إذا روينا عن النبي صلى اله عليه وآله وسلم في الحلال والحرام شدَّدنا في الأسانيد وإذا روينا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في فضائل الأعمال، وما لا يضع حكما ولا يرفعه تساهلنا في الأسانيد " انتهى.


وقال: قال أحمد: الناس كلهم أكفاء إلا الحائك والحجام والكساح، فقيل له: تأخذ بحديث "كل الناس أكفاء" وأنت تضعفه؟
قال الإمام أحمد: إنما نضعف إسناده ولكن العمل عليه .
إن كلام الإمام أحمد هذا فيه رد قوي لمن ينكر العمل بالحديث الضعيف .

ولكننا نجد من خالف جمع العلماء هذه الأمة سلفا وخلفا، المتقدمين منهم والمتأخرين وهو الألباني محدث السلفية فإنه قد نبذ الحديث الضعيف ولا يقول بالإحتجاج به حيث أنه جعل الحديث الضعيف والموضوع والواهي في رتبة واحدة في نبذها جميعا، فضعيف السنن الأربعة والأدب المفرد والجامع الصغير وضعيف الترغيب والترهيب ينبذ، فيكون الضعيف عند الألباني نسيا منسيا .
على الرغم من أن المحدثين كانوا يميزون الحديث الضعيف من الحديث المكذوب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو المعروف بالموضوع، فلم يثبت عند كتبهم من الموضوعات شيء أبدا كما توهم الألباني حتى ينبذ الحديث الضعيف مع الموضوع، والدليل على تمييز العلماء الأحاديث الضعيفة من الأحاديث الموضوعة هو فعل الإمام الحافظ أبو الفرج بن الجوزي بكتابيه " العلل المتناهية " وكتاب آخر وهو " الموضوعات " .

فيقول الألباني في مقدمة صحيح الجامع صفحة 45 ما نصه:
" وهذا الذي أدين الله به، ادعوا الناس إليه، أنَّ الحديث الضعيف لا يعمل به مطلقا، لا في الفضائل والمستحبات، ولا في غيرهما ذلك لأن الحديث الضعيف إنما يفيد الظنَّ المرجوح بلا خلاف أعرفه بين العلماء، وإذا كان كذلك فكيف يقال بجواز العمل به والله عز وجل قد ذمه في غير ما آية من كتابه فقال: { إن الظن لا يغني من الحق شيئا } .

وقال: { إن يتبعون إلا الظن } وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث)) أخرجه البخاري ومسلم." انتهى .

هنا سؤال
هل الحديث الضعيف الذي في دائرة الاعتبار يفيد الظن الراجح؟؟؟!!!


هناك مراتب في احتمال صدق وكذب الخبر وهم: الظن - الشك - الوهم .
والظن إذا كان صحة العلم المقطوع بصحته 99% إلى 51% .
والشك إذا كان 50% وأقل من ذلك يكون وهما، لأن الشك هو التردد بين أمرين استويا أو ترجح أحدهما ولكن لم يصل إلى حد الظن، إما الوهم فهو مغاير للظن، فالظن أقوى من الوهم ومن الشك .


أما الظن التي في الآيتين اللتين ذكرهما الألباني، فهو في مقابل العلم ومعناه تحريم القول على الله بغير علم والذي في الحديث هو الشك والتردد والتحرص في الدعاوى على الناس .

والحديث الضعيف تقسم إلى أسباب الضعف وهي ثلاثة .
1) خفيف الضعف 2) متوسط الضعف 3) المتروك أو الموضوع التالف.

وإذا نظرنا في حال الراوي بالنسبة لضعف الإسناد فهو مقسم إلى ثلاثة وهي :

1) من قالوا فيه لين أو ليس بقوي أو فيه مقال واختلف فيه، وبعضهم يحسن له .

2) ضعيف حيث ضعّفوه يروي المناكير تعرف وتنكر .

3) منكر الحديث مضطرب الحديث .


فمن الرواة من ينقسم إلى هذه الأقسام نجد المحدّث يتوقف في حديثهم ولم يرده لأنهم لم يبلغوا حد الترك أو درجته، وهذا التوقف أو التردد أو الشك يختلف طرفاه من قسم لآخر ومن راوٍ لآخر فتعرف وتنكر، فإذا تحصل على إمارة بمتابع أو شاهدٍ تُجَوزُ القبول ذهب إليه .

تنبيه:-
هناك أمر يجب أن ينتبه إليه جميع الناس في تشدد المحدثين حيث أنهم يلاحظ على المتشددين من المحدثين أمرين .

أولهما الأخذ جانب التشدد والاحتياط .
ثانيهما : الحكم بالقليل على الكثير .
مثلا

تراهم يغمزون الراوي بالغلطة والغلطتين، تجد أن الراوي يروي خمسين حديثا فإذا أخطأ في سبعة أحاديث أو أقل توقفوا في حديثه وحكموا عليه بالضعف، وليس ذلك حكما بإفادة حديثه هو الظن المرجوح إنما هي ريبة أوجبت التوقف .

وتوقف أكثرهم في المراسيل تغليبا لجانب الاحتياط وحكموا هنا بالقليل على الكثير، فكم من حديث مرسل لتابعي رد احتياطًا وتغليبا للأقل .

ويثبتون التدليس لمن دلس مرة أو مرتين فيتوقفون في عشرات أو المئات من الأحاديث التي لم يقع فيها التصريح بالسماع، فكم من حديث صرح الراوي بسماعه عن شيخه ثم جاء الرواة بعده وغيروا السماع بـ" عن " فرُد الحديث احتياطا فكم من راوٍ قد أكثر السماع من شيخه ثم جاء من بعده فغير اللفظ المفيد للمشافهة إلى " عن " فأدخل الاحتمال .

هذا وأسأل الله العلي القدير أن يفقهنا بالدين ويرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعة
والحمد لله رب العالمين