عرض مشاركة مفردة
  #28  
قديم 13-11-2005, 03:52 AM
النسري النسري غير متصل
كاتب مغوار
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الأردن
المشاركات: 2,917
إرسال رسالة عبر ICQ إلى النسري
إفتراضي

تابـــ لما قبله ـــــــع


قيل يا رسول الله ! هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد؟ فقال (لقد لقيت من قومك. وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة. إذ عرضت نفسي على ابن عبد يا ليل بن عبد كلال. فلم يجبني إلى ما أردت. فانطلقت وأنا مهموم على وجهي. فلم أستفق إلا بقرن الثعالب. فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتني. فنظرت فإذا فيها جبريل. فناداني. فقال: إن الله عز وجل قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك. وقد بعث إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم. قال: فناداني ملك الجبال وسلم علي. ثم قال: يا محمد! إن الله قد سمع قول قومك لك. وأنا ملك الجبال. وقد بعثني ربك إليك لتأمرني بأمرك. فما شئت؟ إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين). فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم (بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده، لا يشرك به شيئا). تعلوا معنا لنقرأ هذا الحديث الشريف ونتعلم من دعوته عليه الصلاة والسلام أصول الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة وعندما كان قومه يعذبونه كانوا يقول : (اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون)
إذا كان الرسول، الذي أوحي إليه هذا النور، قد غدا ـ بتلقي هذا النور ـ نورا (يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا. وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا) (يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفو عن كثير، قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين)..

إذا كان "النور" الملائكي، قد حمل "النور" القرآني، إلى الرسول، الذي غدا ـ لذلك ـ "نورا وسراجا منيرا".. فإن هذه الثمرة التي تمثلت في الوحي والنبوة والرسالة قد تجسدت في هذا الدين ـ الإسلام ـ الذي أصبح ـ كذلك.. ولذلك ـ "نورا وتنويرا".. نورا يهدي به الله من اتبع رضوانه، وتنويرا إلهيا لكل من يستنير بنوره، فيخرج من الظلمات إلى النور : (لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي، فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها، والله سميع عليم. الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات، أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون. ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه أن آتاه الله الملك إذ قال إبراهيم ربي الذي يحيي ويميت قال أنا أحيي وأميت قال إبراهيم فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر، والله لا يهدي القوم الظالمين. أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها قال أنى يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام ثم بعثه قال كم لبثت، قال لبثت يوما أو بعض يوم، قال بل لبثت مائة عام فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه وانظر إلى حمارك ولنجعلك آية للناس وانظر إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحما، فلما تبين له قال أعلم أن الله على كل شيء قدير. وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحيي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي قال فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك ثم اجعل على كل جبل منهن جزءا ثم ادعهن يأتينك سعيا، واعلم أن الله عزيز حكيم)

(أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله، أولئك في ضلال مبين)

فالله سبحانه وتعالى، الذي هو نور السموات والأرض، قد أوحى بالنور القرآني، فحمله النور الملائكي، إلى النور النبوي والرسالي، فكانت الثمرة هي النور الإسلامي، الذي يخرج المستنيرين به من الظلمات إلى النور.

ولهذه الحقيقة من حقائق امتياز وتميز "التنوير الإسلامي" بالتوازن الجامع بين أنوار الشرع وأنوار العقل ـ كانت الوسطية الإسلامية، التي رفضت ـ منذ قرون ـ غلو الإفراط، الذي وقف أهله عند ظواهر النصوص والمأثورات، متنكرين للعقل والعقلانية ـ والذين مثلوا في ثقافتنا تيار الجمود والتقليد ـ كما رفضت هذه الوسطية، كذلك، غلو التفريط، الذي توهم أصحابه تناقض المعقول مع المنقول، فانحازوا للعقل وحده دون النصوص والمأثورات.

فبهذا "التنوير الإسلامي"، المؤمن بالعقل والنقل، والجامع بين نورهما جميعا، صنعت الأمة الإسلامية حضارتها، المتميزة بين الحضارات، التي ـ لذلك التميز ـ تدينت فيها الفلسفة، كما تفلسف الدين!.. وغدا "العقل" ـ فيها: الأفق الذي يشرق فيه "الإيمان".

وأقول أن جراثيم الدين متأصلة في النفوس، والقلوب مطمئنة إليه، وفي زواياها نور خفي من محبته، فلا يحتاج القائم بإحياء الأمة إلا إلى نفخة واحدة يسري نفسها في جميع الأرواح لأقرب وقت، فإذا قاموا، وجعلوا أصول دينهم الحقة نصب أعينهم، فلا يعجزهم أن يبلغوا في سيرهم منتهى الكمال الإنساني.

قال الأفغاني: "ومن طلب إصلاح أمة شأنها ما ذكرنا بوسيلة سوى هذه، فقد ركب بها شططا، وجعل النهاية بداية، وانعكست التربية، وانعكس فيها نظام الوجود، فينعكس عليه القصد، ولا يزيد الأمة إلا نحسًا، ولا يكسبها إلا تعسا"!

وربما كان الخلط بين الإرهاب والمقاومة المشروعة للاحتلال هو السبب الرئيسي لعدم وجود اتفاق يذكر حول مفهوم وتعريف الإرهاب بشكل واضح، فقد دأب الخطاب الغربي [الأمريكي أساسا] على وصم حركات المقاومة للاحتلال الإسرائيلي في فلسطين وجنوب لبنان بصفة الإرهاب. ولا تزال منظمات مثل حزب الله والجهاد والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وغيرها مصنفة في تقارير وزارة الخارجية الأمريكية بوصفها منظمات إرهابية في ظل التغاضي عن أبشع الممارسات الإرهابية التي يقوم بها الكيان الصهيوني.

وأقول للأستاذ الغرباء أن الكيكة والطعام كان في غرفة أخرى .
وفي النهاية إنَّ الإسلام كلَّ الإسلام بمبادئه السمحة وتعليماته السامية القائمة على التسامح والتعايش السلميِّ مع المعاهدين، لا يقرُّ بأي حالٍ من الأحول إرهاب الآمنين بأمانه ولا إرهاب الآمنين بأمان الدار (مقيمي دار الإسلام أو دار العهد)، وينبذ الترويع والتخويف والإساءة بكافة أشكاله إلى المعاهدين والذميِّين ما دام العهد قائمًا، وما لم ينقضوا العهد والميثاق.. بل إنَّ الحربيَّ المستأمن يحرِّم الإسلام الاعتداء على دمه وماله وعرضه ما دام عقد الأمان قائمًا.. دين بهذا المستوى من الترقِّي والإنسانيَّة والتسامح لا يمكن له أن يأمر أتباعه -أفرادًا أو جماعاتٍ- بسفك دماء الأبرياء الآمنين، أو هتك أعراضهم، وإبادة ممتلكاتهم.

ولئن حثَّ الدين على إرهاب الحربيِّين وقتالهم، فإنَّما كان ذلك ردًّا على العدوان ودفاعًا عن حمى الدين والنفس والمال والعرض والعقل.. ولا يوجد قانون على وجه الأرض لا يبيح للمظلوم ردَّ الظلم والضيم والحيف قدر الاستطاعة.

..ونسأل الله تعالى أن يكون ما حدث هو سحابة صيف تمر سريعا.. وأن تعود عمان إلى أمنها وهدوئها وتنام وادعة على تلك الجبال الراسية.. وتشهد شتاءً خيرا وربيعا أخضرا وصيفا رائعا وخريفا واعدا.. فعندها نحمد الله مجددا ونشكره على ذلك الأمن والأمان .. وندعو ملء قلوبنا عند سريرها الصغير المفعم بالبراءة.. "رب اجعل هذا البلد آمنا"، هي وسائر بلاد المسلمين وسائر بلاد العالم. اللهم آمين.

ولنا عودة بإذن الله تعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
__________________