عرض مشاركة مفردة
  #46  
قديم 21-01-2006, 06:14 PM
الصورة الرمزية لـ الوافـــــي
الوافـــــي الوافـــــي غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2003
الإقامة: saudia
المشاركات: 24,409
إفتراضي

الرسالةُ الخامسة

لمن يقدحُ في الثوابت

لمن يسعى في زعزعةِ ثوابتِ الأمةِ، وهو يحملُ روحَ الانهزامِ، وقدَ أمعنَ في جلدِ الذاتِ متنكراً لما لهذه الأمةِ الخاتمةِ الوسطِ الشاهدةِ من رسالةٍ ربانيةٍ عالميةٍ، وما كانَ لها من مجدٍ عظيمٍ وحضارةٍ إنسانيةٍ شهدَ بسموِّهَا القاصي والداني، فأتى هذا بنفسٍ ضعيفةٍ وضميرٍ خاوٍ وقد انبهرَ بحضارةِ الغربِ مع إفلاسِه من المعرفةِ الحقةِ بالإسلام، أتى ليقولَ لنا: ليس لنا تاريخٌ، وما عندنا رسالةٌ، وما قدمنَا للعالم إلا الإرهابَ والدمار، وهذا –والله- ظلمٌ للحقيقةِ، وجنايةٌ على الأمةِ، بل لو أنصتَ لشهاداتِ غيرِ المسلمين التي أدلَوا بها في حقِ الإسلامِ، وحضارةِ المسلمين وماضيهم المشرق لكفاه ذلك، فيالله! رسالةٌ طبقت الخافقين، ودخلتْ القاراتِ السِّت، وأشرقتْ بنورِها الدنيا، ورحَّبَ بها الكونُ، واحتضنتْها المعمورُة يتنكرُ لها بعضُ أبنائها جُوراً وعقوقاً، يقولُ المؤرخُ الفرنسيُ جوستاف لوبون: ما عرفَ العالمُ فاتحاً أرحمَ ولا أعدلَ من العربِ، لقد كنَّا في مرحلةٍ طويلةٍ مباركةٍ من مراحلِ التاريخِ شموساً، في سماءِ الحضارةِ ومشاعلِ للخير، في ليلِ البشريةِ الحالك، أقمنا دولاً في الشرقِ والغربِ بالسلامِ والعدلِ والإيمانِ والرحمةِ كما قال شوقي:

كانوا مُلوكاً سَريرُ الشَرقِ تَحتَهُمُ فَهَل سَأَلتَ سَريرَ الغَربِ ما كانوا
عالينَ كَالشَمسِ في أَطرافِ دَولَتِهم في كُلِّ ناحِيَةٍ مُلكٌ وَسُلطانُ


لقد كنا فجراً جديداً أطلَّ على العالمِ بنوره بعد ظلامٍ دامسٍ طويلٍ من الشركِ والخرافةِ والجهلِ والتخلفِ كما قال إقبال:

والدهرُ مشتاقٌ وأمةُ أحمدَ يتهيأُ التأريخُ لاستقبالها

لماذا هذا الانهزامُ والإحباطُ والفشلُ والإخفاقُ، أين العزةُ والفخرُ بالملةِ والتراثِ والتاريخِ المشرقِ والمسيرةِ الخالدةِ؟ والله يقول: ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين.

أين الروحُ العصاميةُ والنفسُ الوثّابةُ، والهمةُ العاليةُ؟ التي حملَها ربعيُ بن عامرٍ وهو يدخلُ بثيابه الممزقةِ الباليةِ على رستم قائدِ فارس، فيهزُّ كيانَه بتلك الكلماتِ الخالدةِ التي اهتزَ لها العالمَ حيثُ يقول: إن الله ابتعثنا لنخرجَ العبادَ من عبادةِ العبادِ إلى عبادةِ ربِ العبادِ، ومن ضيقِ الدنيا إلى سعةِ الآخرةِ، ومن جورِ الأديانِ إلى عدلِ الإسلامِ.

يومٌ من الدهرِ لم تَصنـعْ أشعتَـه شمسُ الضحى بل صنعناه بأيدينا
هل أشرقَ المجدُ إلا من طلائعنا وهل بدا النجمُ إلا من نواصينا





الرسالةُ السادسة

للمرأةِ

وأقولُ لمجتمعنا قبلَ أن نبحثَ في مسائلَ عصريةٍ جدتْ عندنا في شأنِ المرأة، دعونا نعترفَ أولاً بالحقِّ الشرعيِّ للمرأةِ المنصوصِ عليه في الكتابِ والسنةِ، فهل امتثلنَا قولَ اللهِ عز وجل في شأنِ النساء وعاشروهن بالمعروف هل أدينا حقّهُنَّ من الرعايةِ واللطفِ وحسنِ الولايةِ والرفقِ والاعترافِ بمكانتِها وأثَرُها في الحياةِ كأمٍ وأختٍ وزوجةٍ وبنتٍ؟ وهل عملنَا بقولِ الرسول صلى الله عليه وسلم : "استوصوا بالنساءِ خيراً فإنهن عوانٌ عندكم"؟ فهل أحسنا التعاملَ مع هذا الكيانِ الطاهرِ العظيمِ؟ وهل فعّلنا في حياتِنا قولَ المعصومِ صلى الله عليه وسلم: "النساءُ شقائقُ الرجال"، لقد نسي بعضُنا حقَّ المرأةِ حتى أنكرَ بعضُ الجهلةِ الجفاةِ حقَّها في الميراث، وَمَنَعَها من أبسطِ حقوقِها وهو التعليمُ والمعرفةُ، بل تعدى بعضُ الظلمةِ إلى عضلِها ومنعِها من الزواجِ مقابلُ ثمنٍ بخسٍ من مالِها وراتبِها، وتعاملَ معها بعضَ القساةِ بعنفٍ ضرباً وهجراً وتهديداً ووعيداً، وليس لها سلاحٌ أمامَ هذا العدوانِ إلا دموعُها مع العلمِ أن الواحدةَ منهنَّ قد تفوقُ عشراتُ الرجالِ علماً وفَهْماً وصلاحاً ونفعاً، يقول المتنبي :

وَلَو كانَ النِساءُ كَمَن فَقَدنا لَفُضِّلَتِ النِساءُ عَلى الرِجالِ
فما التَأنيثُ لاِسمِ الشَمسِ عَيبٌ وَلا التَذكيرُ فَخرٌ لِلهِلالِ


إن المرأةَ هديةٌ ربانيةٌ وكرامةٌ إلهية، فهي أمُّ الأبطالِ ومصنعُ الرجالِ ومدرسةُ الأجيالِ:

الأُمُّ مَدرَسَةٌ إِذا أَعدَدتَها أَعدَدتَ شَعباً طَيِّبَ الأَعراقِ

فهل يعي هذا المعنَى من قلَّ علمُه وفهمُه وصارَ إذا ذكرَها قال من غباوتِه وجهلِه: المرأةُ أكرمكُم الله!! يكفي النساءُ فخراً وشرفاً ومجداً أن أمَّ محمدٍ صلى الله عليه وسلم امرأة:

وَأَسدَت لِلبَرِيَّةِ بِنتُ وَهبٍ يَداً بَيضاءَ طَوَّقَتِ الرِقابا

لقد حانَ الوقتُ أن تفعّلَ حقوقَ المرأةِ الشرعيةِ في واقعنِا؛ لتكونَ كما أرادها الله، بل إنَّ اللهَ جعلَ المثل الأعلى للمؤمنينَ آسية امرأة فرعون وضرب الله مثلاً للذين آمنوا امرأة فرعون إذ قالت رب ابن لي عندك بيتاً في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين.

المرأةُ ليستْ من سِقطِ المتاعِ، وليستْ ميراثاً يُورثه الآباءُ للأبناء، المرأةُ نصفُ الرجلِ والمجتمعِ والأمة، لها رأيُها ومكانتُها، ولها حقوقٌ وعليها واجبات، وهي تشاركُ في العلمِ والبناءِ في ظلِّ شرعِ اللهِ المطهر، فلنصححْ أخطاءنا تجاه المرأة، ولنحسنَ التعاملَ مع الأمهاتِ والبناتِ والأخواتِ والزوجاتِ.

.. يتبع ..
__________________


للتواصل .. ( alwafi_248@hotmail.com )

{ موضوعات أدرجها الوافـــــي }
الرد مع إقتباس