الموضوع: قصة قصيرة
عرض مشاركة مفردة
  #9  
قديم 15-11-2002, 05:19 AM
قارون قارون غير متصل
القوس
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2002
المشاركات: 139
إفتراضي

فرددتُ بفرح لا أستطيع أن أكتمه:

- كيف لي أن أنام قرب هذا الثراء الجسدي الباذخ الذي يوقظ في داخلي دوامات من الرغبة العاتية.

قالت بصوت يقطر دلعاً ونعومة وأنوثة.

- تعال إذا كي نطفئ معاً هذه النار التي تلتهمني وتلتهمك. تعال وافعل بي ما تشاء!

تلاشتْ صورة فلاح ونجلاء من ذاكرتي، لكنني سمعتْ في الحال صوت إنسان يبلع ريقه، وهذا يعني أنه ليس نائماً إذا صدقتْ طروحات فالح وحكاياته الفنتازية مع النساء. انقلبت على جنبي الأيمن فأوشكت أن أصطدم بالحاجز المعدني الذي يطوق قبر الإمام. انزحتُ قليلاً إلى جهة اليسار. ورويداً رويداً كان النوم يسرقني من هواجسي وظنوني. وكنت أتمنى في قرارة نفسي أن ينبلج الصباح سريعاً لكي يطمئن والدي أن ما دمرته الشظية الصغيرة لا يستطيع أن يرممه الإمام. بعد مدة لم أستطع تحديدها انقلبت إلى جهة اليسار، فاصطدمت قدمي اليسرى بجسدٍ بدا لي لدناً وبضاً وسط هذه العتمة المقدسة. شعرت أن هذا الجسد البض بدأ يتحرك بحذر شديد وكأنه يريد أن يستقر في حضني، غير أن أخشى ما أخشاه هو أن يكون هذا الجسد جسد لوطي أو أعمى مأبون! تصاعدت أنفاسي، وازداد وجيب قلبي، واضطربت أعصابي حينما مسّتْ وسطي يد غير مرتبكة، تبدو وكأنها تعرف ماذا تريد؟ مددتُ يدي وجلاً فاصطدمتْ بكف ناعمة. تحسستها جيداً فاكتشفت أن بنصرها مطوّق بحلقة ذهبية. تطلعتُ بحركة دائرية متفحصاً الأجساد الهامدة فلم أرَ شيئاً، ولم أسمع سوى شخير بعض العميان والمرضى الذين يطوقون ضريح الإمام. دفعتْ مؤخرتها حتى استقرتْ في حضني تماماً، فخالطني شئ من الخوف، أو الندم، أو الانكسار، لكن نار الشهوة كانت تتقد في شراييني كلما أحس أن ثوبها كان ينحسر شيئاً فشيئاً كاشفاً عن ساقين بضين، وفخذين ممتلئين، ومؤخرة مستديرة يخيل لي أنها كانت تلمع تحت الغطاء الناعم الشفاف، احتضنتها، ثم بدأت ألهثُ لهاثاً مكتوماً حتى سقطتُ في غيبوبة اللذة. وعندما انتهيت اكتشفتُ أنها تزحف في العتمة منسلة بهدوء إلى جوار أحد النائمين قرب قدميّ. تمسكتُ بشباك الإمام، وخاطبته هامساً:

- طلبتُ منك البارحة أن تشفي عيني اليسرى التي أتلفتها الحرب،وها أنا اليوم أطلب منك أن تعمي عيني اليمنى كي تكون معجزة جديدة ربما تضيفها الذاكرة الجمعية إلى سجل المعجزات الوهمية التي بات يصدقها الناس من كثرة تردادها.

أفقتُ صباحاً فاكتشفت أن عيني اليسرى لم تُشفَ مثلما كان يحلم أبي، وأن عيني اليمنى لم تُصبْ بأذى مثلما يخشى أي إنسان عادي من سطوة الإمام. حين هممنا أن نغادر الضريح لمحتُ امرأة حسناء في الثلاثين من عمرها تقود رجلاً بديناً أعمى وتتطلع نحوي بنظرات فرحة منتشية. حاولت أن أتابعها بنظراتي لكنها توارت بين الجموع في لمح البصر.
الرد مع إقتباس