الموضوع: جسد بلا روح
عرض مشاركة مفردة
  #76  
قديم 06-05-2004, 03:16 PM
أطياف الأمل أطياف الأمل غير متصل
كاتب مغوار
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2000
الإقامة: على نفحات الأمل
المشاركات: 3,246
إفتراضي

دعوة للزفاف

وفي غرفتي.. كنت واقفة أمام النافذة.. أنظر إلى المحيط من خارجي.. أرقب حركة الأشجار ورقصاتها المنسجمه مع الرياح.. أرقب الطيور وقفزاتها الرشيقة فوق الأغصان.. من شجرة لأخرى.. لا يحكمها أحد.. ولا أي أحد.. تذهب حيث تريد.. ومتى ما أرادت.. تبقى مع من تريد.. من تريد هي.. أواه كم هي سعيدة حياتكم.. كم أتمنى لو أكون مكانك يا طير.. أو مكانك يا شجرة.. أو حتى مكانك يا قطرة المطر.. لكنت أسعد من الآن بكثير.. ليتني طائر.. فأطير عن أحزاني وأرحل بعيدا.. أغادرها ولن أعود لها.. أبدا لن أعود.. ليتني طائر فلا أكترث لشيء.. لا لشخص ولا لأي أحد.. ليتني لا أحمل قلبا..ولا أراه يتكسر أمامي.. أرى حطامه منثور على الأرض.. كحطام زجاج مبعثر متناثر..
كنت أحدث الطبيعة من حولي ليس بلساني.. وإنما بعبراتي.. عبرات صامته تحمل كل ما في القلب من آلالام..
أحسست بأن أحد اخترق عزلتي..فلم أعد وحدي..شعرت بأن كائنا محببا معي بالغرفة.. وليس أي كائن.. بل كائن حبيب.. التفت فوجدتها..
باسمها هتفت من بين دموعي محاولة ابتلاع تلك العبرات الكثيرة التي أبت إلا أن تهطل: نورة..
اغرورقت عيناها بالدموع حين نظرت إلي وبادرتني الحديث قائلة: أنا آسفة يا أختي.. أقسم لك أني لم أكن أقصد.. لم أكن أقصد.. أبدا لم أكن أعني أنك تكذبين.. اعذريني يا روز.. أنت أهم عندي من تلك الجولي.. أنت أختي.. ولتذهب هي إلى الجحيم..
قلت لها: لا عليك يا نورة.. لا أغضب منك لو مهما فعلت..
اقتربت مني وسألتني بتشكك: أحقا يا روز؟ألست غاضبة مني؟؟
- لا.. لست كذلك.. ولم أفعل؟
نظرت إلي هنيهة ثم اردفت: روز.. ما بك؟ هل حصل شيء بالأمس؟ هل تلقيت ردا من نواف؟
تنهدت بعمق ولم أجب.. بل أخفضت رأسي.. عادت وسألتني: روز.. تكلمي ماذا حصل؟
أجبتها: لا شيء لم يحصل شيء..
سكت ثم ابتسمت وقلت: قبل أن أنسى.. نحن مدعوتان بعد ثلاثة لحضور حفلة زفاف..
باستغراب قالت: حفل زفاف؟ حفل زفاف من؟ بشرى لن تتزوج قبل الصيف.. وفاطمه تزوجت الشهر الماضي.. أما عبير فلن تتزوج قبل سنتين.. فزفاف من سنحضر؟؟
اجبت وقد عادت عيني بالامتلاء استعدادا لنثر الدموع: زفاف نواف..
صدمت نورة لما قلت.. فكادت تقع.. إلا أنها أمسكت حافة الكرسي وأعادت ما قلته:زفاف نواف؟
أومأت برأسي علامة الإيجاب.. فصاحت: كيف ذلك؟ وما أدراك؟
سرت مبتعده عن النافذه وارتميت على السرير.. عادت وسألتني:كيف عرفت يا روز؟؟ هل أرسل لك رسالة؟ هل رد على رسالتك؟؟
- لا لم يفعل.. لم يرسل لي رسالة..
- إذا رأيته على الماسنجر؟
- أيضا لا.. لم يحدث...
- إذا ماذا أخبريني؟؟ لا تشغلي بالي!!
- ومايهمك في كيف عرفت؟؟ المهم أني عرفت وأننا سنذهب الزفاف..
- لحظه لحظه.. بالأول يهمني كثيرا أن أعرف من أخبرك لأتأكد من صحة هذ الخبر.. فربما من أخبرك يكذب عليك..
ضحكت بسخرية وقلت: يكذب علي؟ أتمنى يا نورة ولكنه لا يفعل.. أنا متأكده..
- أمتأكدة لهذه الدرجه؟؟ قبل أن تخبريني من أخبرك هل أنت عاقله؟؟ تذهبين إلى زفاف من تحبين؟
- أجل يا نورة.. عاقلة.. أريد ان أرى من فازت به.. من ملكته في النهاية.. من لم تحبه كما أحبه انا إلا أنه أصبح لها الآن..
- لست أفهمك أبدا يا روز..
- ولست أفهم فسي أنا أيضا..
- أخبريني يا روز.. أرجوك.. كيف عرفت..
نظرت إليها وقلت: أخاف أن تكرهيني..
ردت باستغراب: أكرهك؟؟ بالطبع لن أفعل.. ماذا تقولين أنت؟
- آه يا نوره.. أنا بت أكره نفسي.. فكيف لا تكرهيني أنت؟
- روز تكلمي.. قولي من أخبرك؟
- أخبرني هو!
- من؟ نواف؟
هززت رأسي ولم أجب..
صاحت بي: كيف أخبرك؟؟
أخفضت رأسي وبصري للأرض فقالت بحده: تكلمي.. كيف أخبرك؟
وعندما انعدمت اجابتي.. أمسكت بكتفي بقوة ونترتني قائلة: تكلمي روز..
قلت باكية: هاتفته.. أجل نورة هاتفته وأخبرني..
نظرت إلي ثوان ثم قالت: هاتفته؟؟ وبهذه البساطة؟ أغبية أنت؟
- أجل غبيه.. ولكن أخبريني..ماذا أردتني أن أفعل؟؟ أسكت؟ أنتظر الموت حتى يحين لي؟ أعلم أنه لن يرسل لي.. فماذا أنتظر؟ أردت أن أعرف.. وفعلا عرفت..وليتني لم أفعل..
- لا أدري ما أقول لك.. ما فعلته كبير جدا يا روز.. وخطأ لا يغتفر..
رميت نفسي بين أحضانها أبكي ودموعي تصف كل الألم الذي استوطن الشعور.. أخذت نورة تمسح على رأسي.. وتشاركني الدموع أيضا.. قالت لي: روز.. أنا لا ألومك.. أبدا لا أفعل.. لأني لو كنت مكانك لفعلت مثل ما فعلت.. ولكن آه يا حبيبتي..لم أشأ أن تفعلي ذلك..
رفعت رأسي وقلت: ماذا أفعل يا نورة؟ لم يكن بيدي شيء.. يفعل المرء أي شيء.. أي شيء حتى المستحيل.. ليحافظ على حياته.. ونواف حياتي يا نورة.. وحاولت أن أحافظ على حياتي إلا أني لم أستطع يا نورة.. حياتي رحلت يا أختي.. رحلت..ولن تعود لي..
- كفى يا أختي.. لا تفعلي ذلك بنفسك.. أرجوك.. لا تفعلي ذلك..
- آه يا نورة.. ليتني أستطيع.. ليتني.. أتمنى لو أنساه.. وكأنه لم يمر بحياتي يوما..ولكني لا أقدر.. لا أقدر يا نورة..
- هوني عليك يا أختي.. أخبريني.. أمتأكدة أنك ستذهبين لزفافه؟؟ كيف تستطيعين؟؟
رفعت رأسي..مسحت دموعي وقلت: أجل.. سأذهب يا نورة.. وتعالي أنت معي..
قالت بأسى: ليتني أستطيع التواجد بقربك.. أو الذهاب معك.. إلا أني لا أستطيع..
- لا تستطيعين؟؟ لماذا يا نورة؟؟
- روز عزيزتي..فهد مشغول جدا ولن نأتي هذا الأسبوع.. أرجوك لا تذهبي يا روز. أو إن ذهبتي خذي أمي معك..
- لا أمي لا.. ستعرف ان هنالك امر ما.. أرجوك يا نورة.. حاولي.. لا أستطيع الذهاب بمفردي.. ولا أريد أن يذهب أحد معي غيرك.. أرجوك..
- أود ذلك يا روز.. وسأحاول.. أعدك أني سأفعل.. ولكن إن لم أستطع الحضور فلا تذهبي.. أرجوك لا تذهبي..
يتبع..
الرد مع إقتباس