عرض مشاركة مفردة
  #44  
قديم 01-04-2004, 08:03 PM
الصورة الرمزية لـ الوافـــــي
الوافـــــي الوافـــــي غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2003
الإقامة: saudia
المشاركات: 24,409
إفتراضي

الحديث السادس

إن الحلال بين وإن الحرام بين

وعن أبي عبد الله النعمان بن البشير رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إن الحلال بَيِّن وإن الحرام بَيِّن، وبينهما أمور مشتبهات، لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله محارمه، ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب ) رواه البخاري ومسلم.

هذا الحديث -حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه عَدَّه العلماء ثلث الدين أو ربع الدين ؛ فإن الإمام أحمد قال: أحاديث الإسلام تدور على ثلاثة أحاديث: حديث عمر: ( إنما الأعمال بالنيات ) وحديث عائشة السابق: ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) وحديث النعمان بن بشير.
وذلك أن حديث النعمان دَلَّ على أن الأشياء منقسمة إلى حلال بَيِّن، وإلى حرام بَيِّن ، وإلى مشتبه.
فالحلال البَيِّن والحرام البَيِّن واضح الحكم، والمشتبه جاء حكمه في هذا الحديث، والحلال يحتاج إلى نية، وإلى متابعة، وعدم إحداث فيه من أمور العبادات والمعاملات ، وكذلك الحرام يحتاج إلى نية في تركه حتى يؤجر عليه، إلى آخر ذلك .
فصار هذا الحديث ثلث الإسلام.
وأبو داود صاحب السنن جعل الأحاديث أربعة، وزاد عليها حديث: ( الدين النصيحة ) الحديث الذي سيأتي بعد هذا -إن شاء الله تعالى.
هذا يدل على أن هذا الحديث موضعه عظيم في الشريعة؛ فهو ثلث الدين لمن فهمه
ففيه أن الأحكام ثلاثة:
حلال بَيِّن واضح لا اشتباه فيه
وحرام بَيِّن واضح لا اشتباه فيه
وثالث مشتبه لا يعلمه كثير من الناس، ولكن يعلمه بعضهم.

فالحلال البَيِّن الواضح من أتاه فهذا على بينة، بين للناس، والحرام البين الواضح أيضا بَيِّن للناس، لا اشتباه فيه، فمن انتهى عنه فهو مأجور، ومن وقع فيه فهو مأزور.
وهناك ما هو مشتبه، ومن أجل هذا المشتبه جاء هذا الحديث من الرءوف الرحيم -عليه الصلاة والسلام-، فقال : ( الحلال بَيِّنٌ، والحرام بَيِّنٌ، وبينهما أمور مشتبهات ) .
الحلال البين مثاله أنواع المأكولات المباحة، تأكل اللحم والخبز، وتشرب الماء إلى آخره ، أنواع العلاقات المالية المباحة، البيع الواضح، الصرف الواضح إلى آخره، أنواع الإجارة الواضحة ، الزواج الواضح، وأشباه ذلك مما اكتملت فيه الشروط ولا شبهة فيه، فهذا بين يعلمه الناس، وأيضا هو درجات.

والحرام بين -أيضا- واضح مثل حرمة الخمر، وحرمة السرقة، وحرمة الزنا، وحرمة قذف الغافلات المؤمنات، وحرمة الرشوة، وأشباه ذلك مما الكلام فيها واضح لا اشتباه فيه .

القسم الثالث: قال: ( وبينهما أمور مشتبهات ) قال -عليه الصلاة والسلام-: "وبينهما" فجعل هذا القسم بين الحلال والحرام؛ وذلك لأنه يجتذبه الحلال تارة، ويجتذبه الحرام تارة عند من اشتبه عليه، فالذي اشتبه عليه هذا الأمر يكون عنده بين الحلال والحرام، لا يدري هل هو حرام أو هو حلال، إن نظر فيه من جهة قال هو حلال، وإن نظر فيه من جهة جعله حراما، وهذا عند كثير من الناس، وأما الراسخون في العلم فيعلمونه، يعلمون حكمه، هل هو حلال أو حرام؟.
فقال -عليه الصلاة والسلام-: ( وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس ) فدل قوله: ( لا يعلمهن كثير ) على أن هناك كثيرا من الناس يعلمون الحكم.

.. يتبع ..
__________________


للتواصل .. ( alwafi_248@hotmail.com )

{ موضوعات أدرجها الوافـــــي }