عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 20-05-2005, 03:24 PM
rajaab rajaab غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2005
المشاركات: 112
إفتراضي دور صدام حسين في خدمة أهداف أميركا في الشرق الأوسط

[size=5][font=Arial Black]بسم الله الرحمن الرحيم


دور صدام حسين في خدمة أهداف أميركا في الشرق الأوسط


لمعرفة دور صدام حسين في خدمة الأهداف الأميركية في الشرق الأوسط لا بد من استعراض الصراع الدولي على هذه المنطقة ، وعلى منطقة الخليج بوجه خاص ، في النصف الثاني من هذا القرن .


ومع أن الصراع الدولي على الخليج جزء من الصراع على المنطقة كلها ، إلا أنه لا بد من إيلائه عناية خاصة ، نظراً للأهمية البالغة التي يحظى بها لدى الدول الطامعة في بلاد المسلمين ، بفضل ما تضمه أراضي الدول المحيطة بالخليج من احتياطات هائلة للنفط لا يُعرف لها نظير مُكتشَف حتى الآن .


ومع أن النفط كمادة استعملها الإنسان منذ آلاف السنين ، إلا أن أهميته لم تبرز إلا في هذا القرن ، بعد أن أصبحت وسائل الحياة في مختلف جوانبها تعتمد عليه بشكل متزايد ، تستوي في ذلك الجوانب المدنية والعسكرية . ويمكن القول اليوم إنه ما من دولة في العالم تستطيع الاستغناء عن النفط للحظة واحدة . وكلما كانت الدولة صناعية متقدمة كلما كان اعتمادها على النفط أشد وأكثر حيوية . فالنفط غدا مصدر الطاقة الرئيس في العالم كله . ولا يتصور أن يعثر الإنسان على مصدر بديل ذي جدوى اقتصاديـة في المدى المنظور ، رغم كل الأبحاث والتجارب التي تُجريها الدول المتقدمة في هذا المجال .


ورغم أن شركات النفط الغربية التي بدأت العمل في منطقة الخليج بعد الحرب العالمية الأولى لم ترَ في النفط سوى سلعة تجارية في البداية ، وتنافست عليه تنقيباً وإنتاجاً بسبب أرباحه الوفيرة ، إلا أن هذا التنافس ما لبث أن تحول إلى صراع بين الدول التي تنتمي إليها هذه الشركات بعد الحرب العالمية الثانية .


ومن المفارقات أن الشركات النفطية التي كانت تعمل في مجال النفط في الشرق الأوسط كانت كلها في البداية أوروبية إلى أن رأت بريطانيا جرّ الشركات الأميركية إليها ، بهدف حمل الولايات المتحدة على مشاركتها عبء الدفاع عن المنطقة في وجه الخطر الشيوعي الذي بدا داهماً في ذلك الوقت .


ونتيجة للتوسع في استخدام النفط كمصدر للطاقة في وسائل المواصلات البرية والبحرية والجوية ، وفي المصانع علـى اختلاف أنواعها ، في المجالين المدني والعسكري ، فإن هذه المادة المهمة لم تعد مجرد سلعة تجارية بل مادة حيوية بالغة الأهمية . وأدى ذلك إلى تحوّل المنافسة بين شركات النفط الغربية إلى صراع بين الدول التي تنتمي إليها هذه الشركات على السيطرة على منابع النفط .


ومع ظهـور دراسات خلال السبعينات من هذا القرن تشير إلى احتمال نضوب منابع النفط المكتشفَة في العالم خلال عقود ، تأجج الصراع الدولي على النفط ، وأصبحت السيطرة على منابعه الغنية ، وخاصة في منطقة الخليج ذات الاحتياطات الهائلة ، مسألة حيوية للدول النافذة في العالم .


وفي الشرق الأوسط ، ومنطقة الخليج جزء منه ، تزامن هذا الصراع مع محاولات أميركا طرد بريطانيا من المنطقة ، ومحاولات بريطانيا التشبث بنفوذها والرد على المحاولات الأميركية .


ويمكن القول أن أهم نجاح حققته أميركا في الخمسينات في إطار هذا الصراع هو أخذها مصر عام 1952 ، وبناء زعامة جمال عبد الناصر للعرب كلهم ، واستغلال وزن مصر في المنطقة وشعبية جمال عبد الناصر لدى شعوبها في محاولات استئصال النفوذ البريطاني من المنطقة كلها .


وفي مواجهة المد الأميركي في المنطقة ، لم تقف بريطانيا مكتوفة اليدين ، بل حاولت التشبث بكل قطر كان تحت سيطرتها ، كما حاولت استرداد ما خسرته . وركزت جهودها على محاولة القضاء على عبد الناصر ، سواء من داخل مصر أو خارجها . فاستغلت عداء الإخوان المسلمين والوفديين للزعيم المصري ، كما تواطأت مع فرنسا وإسرائيل في العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 ، ثم مع إسرائيل وحدها عام 1967 في الحرب التي سُمّيت بحرب الأيام الستة ، والتي استهدفت القضاء على عبد الناصر وكادت تنجح في تحقيق هذه الغاية .


وكان العدوان الثلاثي ومشاركة بريطانيا العسكرية المكشوفة فيه أول حرب تخوضها لندن في الشرق الأوسط بعد الحرب العالمية الثانية دفاعاً عن نفوذها وعن مصالحها .


غير أن أميركا ، وفي أو تدخل سافر لها في المنطقة منذ الأربعينات أفشلت العدوان الثلاثي ، وأجبرت كُلاً من فرنسا وبريطانيا وإسرائيل على الانسحاب التام من الأراضي والمياه المصرية .


وكان من جملة الضغوط التي مارستها أميركا ضد بريطانيا بالذات لإجبارها على الانسحاب إصدارها الأوامر لناقلات النفط بعدم تفريغ حمولاتها في الموانئ إلا بعد استجابة لندن لمطالبها .


وقد تلقت بريطانيا في هذه التجربة درساً قاسياً لا يُظن أنها ستنساه في يوم من الأيام . واستخلَصت بريطانيا من هذه التجربة عبرة ذات شقين : لا بد أن تؤمِّن لنفسها حاجتها من النفط في جميع الظروف والأحوال ، ولا بد من زعزعة سيطرة أميركا على أسواق النفط العالمية ونزعا إن أمكن .


وتمثلت السيطرة الأميركية على أسواق النفط في ذلك والوقت في (( الأخوات السبع )) . و (( الأخوات السبع )) عبارة عن سبع شركات نفطية ( معظمها أميركية ) ، ظلت تسيطر حتى عام 1970 على 90% من الاحتياطي العالمي للنفط ، كما كانت تحتكر إنتاج 80% من نفط العالم ، وتملك طاقة تكرير بنسبة مماثلة ، وتهيمن على أسواق النفط العالمية بشكل شبه مطلق وكانت تملك بالإٌضافة لذلك 50% من أساطيل نقل النفط والغاز في العالم .


فهذه الشركات كانت تشتري النفط من الدول والشركات المنتجة له ( بالإضافة طبعاً إلى ما تنتجه هي ) ، وتقوم بتسويقه في العالم ، ما جعل لها الكلمة الفصل في تحديد الأسعار وفي تزويد الدول بهذه المادة أو حجبها عنها .


والتحكم بهذه العمليات الضخمة كان يتم ( ولا يزال ) من خلال مجلس إدارتها الكائن في طابق شاهق من ناطحة سحاب في مدينة دالاس بولاية تكساس الأميركية .


ولتقويض هذه السيطرة الأميركية على النفط وتسويقه ، وضعت بريطانيا خطة طويلة الأمد ، بدأت في تنفيذها في أواخـر الخمسينات ، حين أوعزت لعملائها في الأقطار المنتجة للنفط بتشكيل منظمة ذات امتداد عالمي ، تنضوي تحت لوائها الأقطار المصدرة للنفط ، حتى يكون لهذه الأقطار من خلال هذه المنظمة قول في السياسات النفطية ، سواء على صعيد الإنتاج أو التسويق .


وهكذا وُلدت منظمة الأقطار المصدِّرة ( أوبيك ) عام 1960 . وبدأت هذه المنظمة في التحرك للسيطرة على سياسات النفط . ولما كانت معظم الأقطار الأعضاء في أوبيك في ذلك الوقت واقعة تحت النفوذ البريطاني ، بدأ نفوذ لندن على أسواق النفط يتزايد بشكل مطرد ، على حساب السيطرة الأميركية ، وخاصة وبعد تأسيس (( الأوابك )) ، منظمة الأقطار العربية المصدرة للنفط .


أما لتأمين حاجتها من النفط في كل الظروف والأحوال ، فإن بريطانيا شرعت في البحث والتنقيب عن منابع النفط في أراضيها وفي البحار المحيطة بالجزر البريطانية ، ولم توفَّق في العثور على النفط إلا شمال بحر الشمال . وبسبب سوء الأحوال الجوية في تلك المنطقة ، فإن استخراج النفط منها تطلّب مبالغ طائلة .


ولتأمين التمويل اللازم لهذا المشروع الحيوي حسب تقدير الساسة البريطانيين في ذلك الوقت ، أوعزت لندن إلى عملائها ، من حكام الدول المنتجة للنفط بتأميم شركات النفط في بلادهم ، ومعظمها بريطانية ، لتضرب عصفورين بحجر واحد . فمن جهة تحصل على مبالغ ضخمة من المال كتعويض لشركاتها ، ومن جهة أخرى تنتهي سيطرة الشركات الأميركية على إنتاج النفط في الدول المعنية .


والنتيجة معروفة ، وهي أن بريطانيا صارت من الدول المصدِّرة للنفط ولم تعد تحت رحمة أحد في تأمين احتياجاتها الذاتية من هذه السلعة الحيوية .


وقد برزت سيطرة عملاء بريطانيا على سوق النفط بعد عمليات التأميم ، إذ شرعت الدول المنتجة للنفط بتصديره بنفسها ، بل وأنشأت أساطيلها الخاصة من ناقلات النفط والغاز ، كما فعلت معظم دول الخليج .


وهكذا تراجع نفوذ (( الأخوات السبع )) على سوق النفط إلى حد كبير ، نظراً لفقدانها معظم عمليات التسويق التي كانت تقوم بها لنفوط الدول الواقعة تحت النفوذ البريطاني .


وقد تجلَّت سيطرة عملاء بريطانيا على سوق النفط بعد حرب عام 1973 بين العرب وإسرائيل . فقد رفع عملاء بريطانيا في ذلك الوقت ، وعلى رأسهم فيصل ملك السعودية ، شعار (( سلاح النفط )) . وأخذوا يتحكمون في سوق النفط ، فيعطونه للدول التي اعتبروها صديقة ، ويمنعونه عن الدول التي اعتبروا مواقفها مناوئة للعرب . وبالإضافة لذلك ، فإنهم أخذوا يتحكمون في أسعار النفط ، فرفعوها إلى مستويات أوجعت كافة الدول المستوردة للنفط ، وخاصة الدول الغربية الصناعية واليابان .


صحيح أن أميركا نفسها دولة مصدِّرة للنفط ، وشركاتها كانت من أوائل المستفيدين من رفع أسعار النفط بل ولها دور في رفع الأسعار ، غير أن المسألة لم تكن بالنسبة لها مسألة ربح أو خسارة مادية بقدر ما كانت مسألة السيطرة على سوق النفط ، وما يترتب على هذه السيطرة من نفوذ سياسي . ولهذا لم يَطُل الوقت حتى شرعت أميركا في وضع خططها لاستعادة السيطرة على سـوق النفط .


وقد بدأت أولاً بشن حملة دعائية عالمية لاقت نجاحاً كبيراً لدى جميع الدول المستوردة للنفط التي ذاقت مرارة ارتفاع الأسعار . وأبرز ملامح هذه الدعاية تصوير شيوخ النفط بالجهلة البدائيين الذي لا يجوز للعالم (( المتحضر )) أن يترك بأيديهم هذه المادة الحيويـة ليعبثوا بها . وفي رد مباشر بدأت الدول الصناعية برفع أسعار منتجاتها المصنّعة ، بحجة أن تكاليف صناعتها زادت نتيجة لارتفاع أسعار النفط ، رغم أن زيادة أسعار هذه المنتجات لم تكن متناسبة على الإطلاق مع الزيادة الضئيلة نسبياً في كلفة الإنتاج الناجمة عن ارتفاع أسعار النفط . وفي الخفاء أخذت واشنطن تعمل على الإطاحة بعملاء بريطانيا وإحلال عملائها مكانهم ، وخاصة في منطقة الخليج . وكانت البداية قتْل الملك فيصل ليكون عميلها فهد ولياً وملكاً غير متوج للسعودية .


وفي العراق أخذت تعزز مكانة صدام حسين ، فجعلته يتولى أمر إنهاء التمرد الكردي الذي كان يتزعمه الملاّ مصطفى البرزاني في شمال العراق ، وذلك من خلال اتفاق الجزائر ( 1975 ) ، الذي أنهى الخلاف الإيراني ـ العراقي حول شط العرب باقتسامه مناصفةً بين الدولتين ، وكان من أهم شروطه تعهّد إيران ( أيام الشاه ) بالعمل على إنهاء التمرد الكردي . وبالفعل انتهى هـذا التمرد ، وعاش البرزاني بقية أيام حياته في فلوريدا .


وأتبعت واشنطن ذلك بإشعال الثورة الإيرانية عام 1978 ، مستغلة في ذلك شعبية الخميني الذي كان يقيم في العراق ، ومكانته عند الشعب الإيراني ومعظم ملالي إيران .


وبعد أن أصبح صدّام الرجل القوي في بغداد تمكن من إبعاد البكر ، والحلول محله كرئيس للعراق ( 1978 ) . وبذلك سيطرت الولايات المتحدة على أهم ثلاث دول في منطقة الخليج : السعودية والعراق وإيران . ولم يبق عليها سوى الهيمنة على ما تبقى من دويلات الخليج التي يحكمها أمراء وشيوخ بحكم انتمائهم لعشائر معينة ، وتحت تصرفهم ثروات نفطية هائلة . ورأت أميركا أن الطريقة المثلى للهيمنة على هؤلاء الحكام هي تخويفهم ودفعهم للارتماء في أحضانها لحمايتهم . ووضعت لتحقيق هذا الهدف عدة خطط ، بحيث كانت كلما فشلت خطة استبدلت بها غيرها .