عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 02-02-2006, 05:42 AM
جيفارا جيفارا غير متصل
Banned
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2006
الإقامة: أرض الخلافة .
المشاركات: 79
إرسال رسالة عبر ICQ إلى جيفارا إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى جيفارا
إفتراضي

ما هو الرمز؟ دراسات الرمز والرمزية تفتح المجال
للخوض في ماهية ما يسمي بالرمز
وهو بتعريفه البسيط يدل على شيء غير ذاته ومعنى يتضمن كل او بعض خصوصياته،
ومن اهم خصائص الرمز ان تشترك في صنع معناه
شريحة كبيرة من المجتمع ويتقبله طيف كبير من البشر.
كذلك من خصائص الرمز ان يكون بعيدا عن التشكيك اي ان يكون متفقا عليه.

لنأخذ مثلا كيف ان الأسد رمز للقوة،
والثعلب رمز للمؤامرة والخيانة،
والسيف رمز للقوة،
والتاج رمز للاستقلالية..
وتستعمل هذه الرموز من الحيوانات والأشياء للدلالة على المعاني المختلفة،
فنطلق صفة الأسد على الرجل الشجاع،
والثعلب على المراوغ الذي ينسج المؤامرة في الخفاء،
وتلبس ملكة بريطانيا تاجها على رأسها لترمز لاستقلاليتها واستقلال دولتها وهلم جرا. وبالاضافة الى هذه الرموز تستعمل المجتمعات الالوان لترمز لمعان كثيرة
فالأسود رمز للموت،
والأحمر للخطر والدماء،
والأبيض للسلام.
تبقي هذه الرموز محصورة في بيئة محدودة
الى ان يعمم معناها ويشترك في فهمها الكثيرون، ويتفق عليها الجميع،
ويفهم المجتمع الدولي ان رفع العلم الأبيض هو طلب للسلام او الاستسلام،
والمهم في الموضوع هو الإتفاق على المعنى؛
ولولا هذا الاتفاق يبقى الرمز محصورا في بيئة ضيقة ولا يعمم مفهومه على الجميع.

واذا عدنا الى موضوعنا نجد ان دعاة الاصلاح الدستوري
قد اعتبروا العائلة الحاكمة رمزا للوحدة الوطنية،
وربما ان هذا ما اتفق عليه الموقعون على عرائض الإصلاح،
علما منهم بأن الوضع الحالي لا يسمح الا بمثل هذه الخطابات،
ولكن هناك بعض المعضلات التي تتصل بمفهوم العائلة كرمز
والعائلة كعامل مهم في الوحدة الوطنية. يمكن تلخيص هذه المعضلات كما يلي:

اولا: لا يوجد عائلة واحدة تمثل الرمز
ولكن هناك عدة رموز داخل العائلة لكل واحد منها خصائص
قد يشترك بها مع البقية وقد يختلف عنهم. فعن أي رمز نتحدث هنا؟
ومن هو الرمز المتفق عليه من قبل المجتمع ليس كله ولكن اكثريته؟
هل هو رمز التمدن والانفتاح والعصرانية
المتمثلة بتشجيع نمط حياتي معيشي معين
ام هو رمز التشدد والبطش والتضييق على حريات البشر؟
ام هو رمز اللامبالاة وحياة الترف والرفاهية ورحلات القنص والسياحة؟
هل هو يا تري رمز قديم من الجيل الاول ام انه حديث من الجيل الثاني؟

ثانيا: يجب ايضاح العلاقة بين الرمز (ان تم الاتفاق على شخصه) والوحدة الوطنية.
يعتقد دعاة الاصلاح ان بقاء الرمز امر ضروري
وسبب رئيس خلف الوحدة الوطنية المزعوم وجودها حاليا.
وهنا لا بد ان نسلط الضوء على هذه العلاقة.

ان ربط الوحدة الوطنية برمز بشري زلة غير مقبولة من دعاة الاصلاح
اذ ان البشر زائلون والوطن يبقي ـ
ليتهم اتخذوا من الاماكن المقدسة الرمز المطلوب للوحدة الوطنية.
فقدسية الدين والمكان ستبقي
اما البشر فهم حالة طارئة مرتبطة بحقبة تاريخية تعتبر قصيرة في تاريخ اي شعب.
ان اي قراءة لتاريخ توحيد المملكة
لا تعترف بعامل الدين كرمز فوق كل الرموز هي قاصرة عن فهم الماضي.
فنجد والحجاز والشرقية لم تتوحد بسبب رمزية العائلة الحاكمة او حتي سيفها
بل توحدت بسبب رمزية الدين وقدرته على تحريك المجتمع بكافة اطيافه،
فهل يا تري الدين بشريعته واماكنه المقدسة
لا يخلق الوحدة الوطنية وهو بحاجة لرموز بشرية؟
هذه الاسئلة كانت تدور في فكر الاصلاحيين
ولكن اثباتهم في خطاباتهم لرمزية بشرية لا يمكن ان يفسر الا من باب الحيطة والحذر
والتأني في خطوات المجابهة الحتمية والمتوقعة مع السلطة السياسية،
وهذا ما ذكره عبد الله الحامد اذ انه معروف بعلمه وقدرته على التحليل
وبلورة الرؤية حين نبه ان المسيرة طويلة والمواجهة حتمية
وحذر من تعرض بعض الاصلاحيين للسجن وغيره من اشكال الضغط المباشر
وغير المباشر. وها هم الاصلاحيون قبلوا بالرمز والرمز لم يقبل.

ثالثا: لقد اثبتت الاحداث المتتالية خلال اكثر من سبعة عقود
ان هذا الرمز المزعوم لم يكن عامل وحدة،
بل عامل تقسيم للمجتمع حين اتبع سياسة فئوية
على صعيد المناطق والجماعات التقليدية كالقبيلة مثلا
والحديثة كالنخب الثقافية الجديدة التي افرزتها التنمية والتعليم
منذ منتصف القرن العشرين.

واذا اخذنا دراسات علمية كالتي قام بها الدكتور الفالح والصيتان مثلا
نجد انهما يلفتان النظر الى التفاوت المناطقي والبشري
الذي كرسه هذا الرمز لان الرمز المزعوم هذا لا يستطيع ان يحكم
الا بالتفرقة المناطقية حين يرفع منطقة على اخري
او نخبة اجتماعية على مثيلتها في منطقة اخري.
وممكن ان نذهب الى ابعد من هذا اذ ان النظام اليوم يحاول ان يقسم ويفرق
افراد العائلة الواحدة من خلال عرائض يعرضها على بعضهم
تتضمن ادانة لابنائهم واخوانهم وحتي بناتهم
وكل من اتخذ موقفا صريحا وواضحا من هذا الرمز.
اليوم الرمز المزعوم عامل فرقة وتقسيم بل هو عامل فتنة حقيقية
خاصة اذا استعرضنا كيفية تعامله مع التيارات السياسية الداخلية
من الاسلامية الى الليبرالية.
من خلال عملية استقطاب مدروسة ومبرمجة
تحولت هذه التيارات الى اداة تستغل من قبل السلطة
لضرب بعضها بالبعض ولضرب الرموز الاخري الصغيرة في باقة الرمز الكبير.

إن هيمنة الرمز المزعوم هذا على كل مرافق الحياة والمؤسسات
التي من المفترض ان تكون مدنية كأندية الثقافة والرياضة والصحافة وغيرها
بالاضافة الى المؤسسات الخيرية وحتي الاهلية
أدت الى تناحر وتنافس بين هذه المؤسسات غذته تعددية الرمز
والذي له مصالحه الخاصة به بل تعدته الى استغلال هذه المؤسسات
في حربه على الرموز الاخري.
ونري اليوم ان كل رمز اصبحت له حلقة اجتماعية يستعملها كبطاقة ضغط
على رمز آخر في سلسلة الرموز.
ان تعددية الرموز واستقطابها لهذا الفريق او ذاك
انما هو عامل ابعد ما يكون عن الوحدة الوطنية،
بل هو المحرك الاول والاخير للانقسامات والتشظي وحتي المواجهة
بين افراد المجتمع وتكتلاته المختلفة،
هذه المواجهة التي قطعت اشواطا بعيدة عن الحوار والتقبل
بالتعددية المناطقية والثقافية والفكرية
بل اصبحت حتمية لا تقبل ان تبقي خفية وهي تظهر بأبشع صورها
خاصة في ما يسمي بمنتديات الحوار الالكترونية
هذه المنتديات التي تتبني تقديس هذا الرمز او ذاك
ومن ثم تطلق العنان لاصابعها على الكيبورد لتخط اكبر شرخ في المجتمع
خاصة عندما تلعب على احقاد دفينة وكراهية غذتها سياسات الرمز او الرموز المتعددة.

رغم كل ما سبق ذكره يظل دعاة الاصلاح في السجن الرمز الوحيد لجرأة حقيقية
ورغبة عميقة ومبادرة صادقة لطرح رؤية سياسية تتجاوز محدودية رؤية النظام
ومفهومه للسياسة هذا المفهوم الذي لم يتجاوز مفهوم الخلع والبيعة
والذي رسخ مفهوم الولاية بالاستيلاء والتعيين
متجاهلا الشوري بل ضاربا بها عرض الحائط
.

رؤيه من الداخل بقلم مثقفه (سعوديه)