عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 03-03-2005, 01:21 AM
يتيم الشعر يتيم الشعر غير متصل
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2001
الإقامة: وأينما ذُكر اسم الله في بلدٍ عدَدْتُ أرجاءه من لُبِّ أوطاني
المشاركات: 5,873
إرسال رسالة عبر MSN إلى يتيم الشعر إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى يتيم الشعر
إفتراضي

الطلاق من أول ليلة، والحب من أول نظرة، يجمع بينهما أمر واحد؛ هو الاستعجال في اتخاذ القرار، وحيث إن حديثي عن الطلاق من أول ليلة فسأضرب بالحب من أول نظرة عرض الحائط؛ لأنه أحد أسباب الطلاق من أول ليلة!
والحديث عن الطلاق حديث ذي أحزان، فما بالك حينما يكون الطلاق من أول ليلة؟!

لقد كثرت حالات الطلاق في هذا الزمان، وارتفعت معدلاته، لدرجة أصبح من الخطأ السكوت على هذا الحال، فالطلاق في إحدى الإحصائيات يمثل ثلث حالات الزواج في المجتمع السعودي ـ على سبيل المثال ـ وهذه تعد نسبة عالية جداً. والطلاق له أسبابه وظروفه التي تحدث أثناء فترة الزواج، لكن الغريب في الأمر أن يتم الطلاق من أول ليلة دون أن يكون هناك عشرة زوجية!

فما السر في ذلك؟ وما هي الأسباب؟ وما هي الحلول؟
يقع بعض من الأزواج في مصيدة الطلاق من أول ليلة من ليالي العرس، فنجد الشاب حينما يصطحب زوجته من مكان العرس ويدخل بها إلى بيت الزوجية، يشعر بإحساس غريب، وكأنه أقدم على فعل شنيع، ويصاب الكثير منهم بحالة نفسية تجعله يقرر في تلك الليلة أنه قد ارتكب خطأ وأن علاجه يكمن في إعادة الزوجة إلى أهلها، وفي لحظة ضعف نفسي، يطلب من زوجته أن تذهب للسلام على أهلها منذ الصباح ويعود هو إلى منزل أهله، يفكر في طرق الخلاص من هذه الورطة، ثم تبدأ الاتصالات من الزوجة ليحضر زوجها للعودة إلى المنزل، فيكون الجواب من أهل الزوج بأنه متعب وأنه سيحضر غداً لأخذها، في محاولة لإقناعه للعدول عن قراره، وتتوالى الأيام، حتى تعلـن والدته أو والده، بأن الزوج لم يعـد راغباً في استمـرار الزواج، وأنه قد اتخذ القرار بإعلان الطلاق.

وكما أن هذا الأمر يحصل من الـزوج فإنه كـذلك يحصـل من الزوجة وبنفس الأسلوب، أو بأسلوب مشابه، والحقيقة أن هذا الأمر ينبع من الخبرات والآراء الخاطئة التي تعلمها أحد الزوجين من أهله وأصدقائه أو قد يكون من طرق التربية والثقافة التي اكتسبها خلال سني عمره، ولو أنه أُعطي الحقيقة صحيحة منذ البداية لما حصل ذلك الطلاق. والغريب أن الإنسان يصاب في بعض الأوقات بلحظة من عدم تفكير، يتوقف فيها العقل، ينتج عنه الوصول لقرار غير صائب أحيانا، وهذا ما يصاحب بعض المتزوجين حديثاً، فيشعر البعض منهم بلحظة عدم تفكير يتخذ خلالها قرار الطلاق دون الاعتبار بتبعات وأضرر هذا القرار.

كذلك فان المجتمع بأفراده يقع في خطأ حين يربط بين الزواج والسعادة، فليس الهدف من الزواج السعادة، بل إن السعادة طرف ثانوي في الموضوع، فالهدف من الزواج هو إعمار الأرض بإنجاب الأطفال، ثم هو مدعاة للاستقرار لكلا الطرفين، وتحقيق الأمان بوجود من يقف معك بعد وفاة والديك وتفرق الإخوان، يأتي بعد ذلك أمور تابعة قد تتحقق وقد لا تتحقق، ومنها السعادة، فليس كل من تزوج لابد أن يكون سعيداً، فكثير من الناس تجده سعيداً في حياته قبل الزواج وبعد أن يتزوج تزول عنه تلك السعادة؛ لتغير مجرى حياته ونمطها. وللعلم فإن 60% من الأزواج يعيشون حياة ملؤها المشاكل و30% يعيشون حياة فتور و5% يعيشون حياة مستقرة، ويبقى 5% يعيشون حياة سعيدة هانئة، كل ذلك راجع إلى توفيق الله ثم توافق طبائع الزوجين وتفكيرهم، ولإدراكهم مجتمعين بأن الحياة أخذ وعطاء وتنازل عن الزلات، وتقديم التضحيات.

إن علاج مشكلة الطلاق من أول ليلة يتمثل في وجود المرشد الاجتماعي أو النفسي المتمكن أو القريب الحكيم الذي يقف مع الزوج أو الزوجة متخذ قرار الطلاق، من خلال دعوته للتريث في اتخاذ القرار، وتبصيره بأن الزواج يتطلب تحمل المسؤولية، ويبصره بأن الوقت مازال قصيراً ليتعرف على شريك حياته، فكم من الأزواج بدأت حياتهم بنفس هذه المشاعر، لكنهم تريثوا قليلاً، حتى استطاعوا أن يتعرفوا على شريك حياتهم أكثر، وبعدها وجدوا أنه من المستحيل الافتراق.

إن مشكلة الطلاق من أول ليلة من المشكلات سهلة العلاج، إذا توافر تبصير الزوجين بحقيقة الحياة الزوجية والتريث، والتفاف أهل الزوجين للبقاء على هذا الزواج، ولكن لابد أن يكون ذلك قبل أن يقع الطلاق. ويتحدث من حصلت لهم هذه المواقف عن الأسباب في أنهم شعروا بانقباض في القلب وشعور بالضيق فلم يستطيعوا أن يتحملوا الموقف، وشعروا أن زواجهم لن يستمر، ولشعورهم بهذا الإحساس قرروا وضع حد لهذا الزواج بإعلان الطلاق.
ومن النماذج التي أعرفها أن أحد الأشخاص عزم على الزواج، ووكل والدته بالبحث عن زوجة، وبعد البحث المضني، وجدت والدته زوجة مناسبة (من نظر والدته طبعاً)، وتقدم أهله لخطبتها، فوافق أهل الزوجة، فطلب الزوج رؤية البنت، فحددوا له يوماً فزارهم وشاهد البنت وقبل بها. تم الزواج بكل هموم الإعداد والتجهيز والتكاليف، فرح أهل الزوج وأهل الزوجة، وعاشت الزوجة فرحة غامرة.. لكن هناك من يعيش عذابات وآلام وضيقة في الصدر.. إنه الزوج!

يقول الزوج: شعرت بانقباض في القلب وخوف وهم غريب، وشعرت وقتها أني اقترفت جريمة، أو كأنما كنت نائما فاستيقظت فوجدت نفسي عريساً! دخلنا المنزل وأنا في حال لا يعلمه إلا الله، حتى إني لم أستطع أن أكلمها أو أنظر إليها، وعند دخول غرفة النوم رأيت امرأة لم أرها من قبل، حتى إني شككت أنها هي التي رأيت! يقول الزوج: تحاملت على نفسي وأنا أنتظر الصباح حتى أرسلها إلى أهلها، حيث انتابني شعور أنه من المستحيل أن أعيش مع هذه الزوجة أكثر مما عشته..

يقول: فظهر الصبح فقلت لها: لنذهب إلى أهلي..

فاستغربت وقالت: هل هناك عروسان يذهبان لزيارة أحد في أول أيام زواجهما؟

يقول: التزمت الصمت حتى أديت صلاة الظهر، فقلت لها إن أهلي عندهم مناسبة ومن الضروري أن اذهب لهم، وأنتِ يمكنك أن تذهبي إلى أهلك للسلام عليهم. فوافقت على مضض.

يقول صاحبنا: ذهبت إلى أهلي وكأن الدنيا على رأسي وأنا في أسوأ حال، وحالي كسيف من الهم والحزن الذي انتابني، وعندما دخلت على أهلي استنكروا حضوري، فأخذت والدتي إلى غرفتها وصارحتها بالأمر، فحاولت ثنيي عن التفكير في هذا الأمر، ثم استدعت والدي الذي حاول بكل السبل أن أذهب وأحضر زوجتي.. لكن دون فائدة، وعند صلاة المغرب اتصلت زوجتي على منزل أهلي تسائل عني، فقالت لها والدتي إني متعب وسأنام عندهم الليلة. مرت ثلاثة أيام وزوجتي كل يوم تتصل وتسائل وتطلب التحدث معي، لكن أهلي يطلبون منها التريث ويوهمونها أني طريح الفراش ولا أستطيع التحدث مع أحد، حتى اتصلت والدة الزوجة تسائل عن سبب تأخري في الحضور وأخذ ابنتها، حينها لم يكن أمام والدتي إلا إبلاغها بالأمر وأني لم يعد لي خاطر في الزواج.. وتم الطلاق بكل بساطة! انتهى كل شيء وخسر الجميع وانتهت أسرة كان من الممكن أن تكون أسرة متكاملة البنيان..!
__________________
معين بن محمد
الرد مع إقتباس