عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 06-04-2005, 03:51 PM
mohd_1954 mohd_1954 غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2002
المشاركات: 98
إفتراضي تابع................

إن الأمثلة على الظلم الواقع على البشر من وراء تحكم دول الحضارة الغربية في العالم كثيرة جداً، وليس المقصود هنا ذكر جميع الأمثلة، فوالله إن المجلدات لتقصر عن احتواء ما أنتجته الدول الغربية من ظلم وشقاء، وإنما المقصود أن يعلم الناس كافة، والمسلمون بخاصة، أن الحضارة الغربية هي التي أنتجت دولاً لا تقيم وزناً في الحياة إلا للمنفعة، فسامت الناس سوء العذاب وأشقتهم، وجعلت العلاقة بين الناس علاقة قتال وحروب دائمة؛ من أجل تحصيل المنافع وإشباع الشهوات. ومن الخطأ والتضليل أن تصور المشكلة أنها في بعض سياسات الدول الغربية، فهذه السياسات النفعية ما هي إلا نتاج حضارة نفعية، صورت الحياة بأنها المنفعة، وصورت السعادة بأنها نيل أكبر قدر من المتع الجسدية؛ لذلك يجب التركيز على بيان فساد تلك الحضارة ونقضها، سواء في الأساس الذي قامت عليه وهو فصل الدين عن الحياة، أم في نظرتها للحياة بأنها المنفعة، أم في تصويرها لمعنى السعادة لدى الإنسان بأنها نيل أكبر قدر ممكن من المتع الجسدية. قال تعالى: ﴿أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [الملك].
وإن الحل الوحيد لكل المشاكل والأزمات، التي أحاطت بالعالم نتيجة تحكم الحضارة الغربية، إنما يكمن في تطبيق الإسلام في جميع نواحي الحياة، وفي جميع بقاع الأرض. فالإسلام هو دين الله تعالى الذي خلق الإنسان، والعليم بما يصلح للإنسان وما يسعده، الرحيم بعباده، الذي أرسل سيدنا محمداً برسالة الإسلام ليخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة. وهذا الحل يقتضي إيجاد دولة الخلافة، الطريقة الشرعية الوحيدة لتطبيق الإسلام وحمله للناس كافة، حتى إذا وجدت وطبقت الإسلام في المكان الذي قامت فيه، أصبح عملها ضم باقي الأقطار الإسلامية إليها، وحمل رسالة الإسلام إلى الناس كافة، بتطبيقه عليهم، وإقصاء الحضارة الغربية عن التحكم في شؤون الحياة. وهذا الحل الذي نطرحه ليس بالأمر الجديد، فقد سبق وأن تحكمت الحضارة الإسلامية في العالم لقرون عديدة، فنشرت الهدى والطمأنينة في العالم، وحققت العدل بين البشر، وشملتهم بالرحمة. وأنقل في هذا المقام كلاماً نفيساً للعالم الشيخ تقي الدين النبهاني، رحمه الله، حيث قال في كتاب نظام الإسلام ص63: «ونظرة إلى الحضارة الإسلامية التي تحكمت في العالم منذ القرن السابع الميلادي حتى أواخر القرن التاسع عشر الميلادي، ترينا أنها لم تكن مستعمِرة، وليس من طبعها الاستعمار؛ لأنها لم تفرق بين المسلمين وغيرهم، فضمنت العدالة لجميع الشعوب التي دانت لها طوال فترة حكمها؛ لأنها حضارة تقوم على الأساس الروحي الذي يحقق القيم جميعها من مادية، وروحية، وأخلاقية، وإنسانية. وتجعل الوزن كله للعقيدة. وتصور الحياة بأنها مسيَّرة بأوامر الله ونواهيه، وتجعل معنى السعادة بأنها نيل رضوان الله، وحين تسود هذه الحضارة الإسلامية كما سادت من قبل، فإنها ستكفل معالجة أزمات العالم، وتضمن الرفاهية للإنسانية جمعاء».
فهلا أدرك المسلمون حجم الكارثة التي حلت بالبشرية جمعاء من وراء تحكم الحضارة الغربية، وهلا أدركوا عظم المسؤولية الملقاة على عاتقهم، فيقوموا بما أوجبه الله عليهم من عمل دؤوب مع العاملين من أجل إقامة دولة الخلافة؛ ليقوموا من خلالها بوظيفتهم التي حددها الله تعالى لهم وهي تعبيد الناس له سبحانه. قال تعالى: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾ [آل عمران 110] وقال أيضاً: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا﴾ [البقرة 143]