الموضوع: لله ثم للتاريخ
عرض مشاركة مفردة
  #73  
قديم 04-09-2006, 03:03 PM
زومبي زومبي غير متصل
Banned
 
تاريخ التّسجيل: Dec 2005
المشاركات: 664
إفتراضي

-304-
هذه المعاهدة نالت ايران مدينة المحمرة وميناءها وجزيرة الخضر ( عبادان ) ، كما نصت المعاهدة على حرية الملاحة للسفن الأيرانية في الشط من مصبه حتى نقطة التقاء حدود البلدين . ولكن سكان الأحواز رفضوا الأستعمار الفارسي ، وقامت ثورة بقيادة الحاج جابر الكعبي استمرت عشر سنوات ، وأرغمت شاه ايران سنة 1857 على الأذعان والأعتراف باستقلال الأحواز .

وعندما آل حكم المحمرة والأحواز الى الشيخ خزعل الكعبي وحد الأقليم تحت قيادته ، وعقد عدة معاهدات مع بريطانيا ، ووقف الى جانبها ، ووضع نفسه رهن اشارتها في الحرب العالمية الأولى .

وبعد انقلاب رضا خان سنة 1921 برزت الطماع الفارسية في الأحواز بأجلى صورها خاصة بعد أن تفجر اليترول عام 1908 في مسجد سليمان .

وخشيت بريطانيا من ازدياد النفوذ الشيوعى بعد الحرب العالمية الأولى فصنعت عرش العسكري الغر رضا خان ، وقبلت ظهر المجن لصديقها الشيخ خزعل ، فقامت بقطع سبل المواصلات بينه وبين القبائل العربية في العراق .

وتحت حماية بريطانيا أرسل الشاه الجديد رضا خان جيشا للأحواز على رأسه الجنرال فضل الله فاحتل المنطقة وغدر بالشيخ خزعل واقتيد الى سجون طهران حيث هلك هناك ، ومما يجدر ذكره أن الشيخ خزعل شيعي رافضى ، وأطلق الفرس على الأحواز اسم ( خوستان ) بعد أن كانوا يسمونها ( عربستان ) . كان ذلك في عام 1925 م .
-305-
ومنذ عام 1925 وحتى يومنا هذا والأحواز تئن تحت نير الأستعمار الفارسي الذي استخدم مع العرب السياسة التالية :

- محاربة اللغة العربية ، وفرض اللغة الفارسية على السكان العرب .
- نشر المذهب الشيعي بين السكان ، والتضييق على السنة منهم الى درجة تحديد المساجد ، أو عدم السماح ببناء المساجد في قرى السنة .
- يعيش السكان العرب حياة التخلف والحرمان والفقر والبؤس ، علما بأن المورد الرئيسي للأقتصاد الأيراني البترول الذي تدفق في الأحواز .
- وما اكتفت ايران بابتلاع الأحواز بل التفتت الى شط العرب ، وجددت المطالبة به حيث كانت تسير وفق القاعدة القائلة :
( خذ وطالب ) .

وبعد معاهدة ارضروم الثانية 1847 عقد بين البلدين ( بروتوكول )طهران لسنة 1911 ، وبروتوكزول القسطنطينية لسنة 1913 .. وأمام جشع ايران الذي لا ينتهي طرحت العراق القضية أمام عصبة الأمم المتحدة التى أوصت بحل الأمر عن طريق المفاوضات المباشرة ، فتم عقد معاهدة 1937 بين البلدين ، وبموجب المعاهدة الجديدة حصلت ايران على مكسب جديد فأخذت سبعة كيلو مترات مقابل عبادان مع الأحتفاظ بالمعاهدات السابقة ، واعتبار هذه المعاهدة الشكل النهائي للحدود بين البلدين .

-306-

وفي 19/4/1969 أعلنت ايران من طرفها وحدها نقض معاهدة 1937 ، وهددت بالجوء الى القوة ان لم تتحقق مطالبها .

وما زالت المشكلة قائمة بين البلدين ، بل لو حصلت ايران على مكاسب جديدة في شط العرب فأن القضية لن تنتهي لأن حكام طهران يصرحون حينا ، ويلمحون أحيانا بأن الحد الفعلي بينهم وبين العراق نهر دجلة ، وجنوب العراق كله لهم لأن فيه عتباتهم التي يسمونها مقدسة ! ! .
الجزيرة العربية المحتلة :
في 13/8/1971 وافقت ايران على استقلال البحرين ، وتنازلت عن المطالبة بها ، وفي 30/11/1971 غزت ايران عسكريا وتحت الحماية البريطانية ثلاث جزر عربية : طنب الكبرى ، وطنب الصغرى التابعتين لأمارة رأس الخيمة ، وجزيرة أبو موسى التابعة لأمارة الشارقة ، وشرد سكان هذه الجزر الى امارات ساحل عمان .

واحتلال ايران لهذه الجزر الثلاث بعد ثلاثة أشهر من تنازلها عن المطالبة بالبحرين دليل ظاهر على أن ايران استبدلت صفقة بصفقة أخرى ، علما بأن احتلالها لهذه الجزر جاء قبل انسحاب بريطانيا من الخليج بثمان وأربعين ساعة فقط .

وأهمية هذه الجزر ليست بمساحتها ولا بعدد سكانها وانما بموقعها الأستراتيجي عند مضيق هرمز . ومما يجدر ذكره أن 75% من النفط العالمي يمر من هذا المضيق ومنه 18% للولايات المتحدة الأمريكية و52% من استهلاك أوروبا و75% من استهلاك اليابان ، وفي كل (11) دقيقة تعبر ناقلة ضخمة في هذا المضيق تحت حماية ومراقبة البطاريات الأيرانية ، علما بأن عرض المضيق لا يزيد على عشرين ميلا . ومن مضيق هرمز تمر


-307-

شاحنات النفط العراقي والكويتي والسعودي والقطري ونفط أبو ظبي إضافة للنفط الايراني.
ومن هنا تبدو أهمية احتلال ايران لهذه الجزرالثلاثة ، ولماذا قوبل الاحتلال ببرود وتعتيم اعلامي من قبل الجانب العربي .

وهناك جزر عربية استولت عليها ايران دون أن يثير استيلاؤهم أية ردة فعل ومنها : جزيرة ( صرى ) الواقعة بين أبو ظبي والشارقة في عام 1964 وأشادوا فيها مطارا حربيا مهما ، وجزيرة هنجام القريبة من رأس الخيمة في عام 1950 وكان حاكمها أحمد بن عبيد بن جمعة المكتوم وعدد سكانها ستة آلاف نسمة لجأ بعضهم الى رأس الخيمة والباقي الى دبي والبحرين .
واحتلت ايران كذلك جزيرة ( الغنم ) التابعة لعمان لأنها واقعة على مضيق هرمز .

وتطالب بثلاث جزر في الكويت ، وترى أن حدودها مع العراق والكويت والسعودية ليست نهائية ، وفي عام 1966 جرت محادثات بين ايران من جهة والسعودية والكويت من جهة أخرى من أجل الجرف القاري والجزر الكويتية التي تطالب بها"2" .

(2) اعتمدنا في هذه النبذة التاريخية على كتب التاريخ الاسلامي وعلى ما لدينا من معلومات ثم على الكتب التالية :
_ أضواء على الخليج العربي للدكتور ابراهيم الشريقي .
_ أزمة شط العرب عباس عبود عباس .
_ الخليج العربي في ماضيه وحاضره للدكتور خالد الغري .
_ ماذا يجري في خليجنا _ الاتحاد الوطني لطلبة الكويت 1967 .
_ عربستان .. أندلس الخليج العربي قدري قلعجي مقال نشرته الحوادث في 1979 .

-308-

كلمة لا بد منها :
بعد هذه النبذة التاريخية عن العلاقات الأيرانية العربية نحب أن نسجل هاتين الملاحظتين :

1_ الانكليز رأس كل بلاء في تاريخ أمتنا الحديث : فهم الذين أعطوا لإيران وعودا ومعاهدات في البحرين .
وهم الذين مكنوا ايران من احتلال الجزر العربية الثلاث قبل انسحابهم بثمان وأربعين سنة.
وهم الذين انقلبوا على عميلهم الشيخ خزعل ، وغدروا به ، ثم مكنوا خادمهم ( رضا خان ) من احتلال الأحواز .
وهم الذين وقفوا الى جانب ايران ونجحوا في اعطائها حقوقا مزعومة في شط العرب وفق معاهدة ارضروم عام 1847 ومعاهدة 1937 .

وفي فلسطين لعب الانكليز الدور نفسه الذي لعبوه في الخليج :
وقف الانجليز الى جانب اليهود وأعطوهم وعدا بفلسطين بموجب وعد بلفور ، وضغطوا على المسلمين من أبناء فلسطين مستخدمين سياسة الكبت والاضطهاد والتنكيل ، حتى لا يقوموا بعمل من شأنه ازعاج اليهود أو الحاق الأذى بمستعمراتهم التي تبنى كالقلاع في كل جهة من فلسطين ، وضمن الانجليز سلامة المهاجرين اليهود الى فلسطين .

وخرج الانجليز من بلادنا تاركين الحكم من بعدهم لأدعياء الوطنية والقومية ، غير أن هؤلاء كانوا أوفياء للانجليز ، أمناء على معاهداتهم واتفاقياتهم التي أبرموها سواء مع الفرس أو مع اليهود ، واستخدم الحكام سياسة التعتيم الاعلامي على الجزر والأرض التي انتزعها عدونا من بلادنا .