الموضوع: (( الأمثال ))
عرض مشاركة مفردة
  #5  
قديم 01-12-2006, 04:35 AM
جنات عدن جنات عدن غير متصل
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2006
الإقامة: سينين/ العريش
المشاركات: 526
إرسال رسالة عبر MSN إلى جنات عدن إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى جنات عدن
إفتراضي

الآية رقم ‏(‏148 ‏:‏ 149‏)‏
‏{‏ واتخذ قوم موسى من بعده من حليهم عجلا جسدا له خوار ألم يروا أنه لا يكلمهم ولا يهديهم سبيلا اتخذوه وكانوا ظالمين ‏.‏ ولما سقط في أيديهم ورأوا أنهم قد ضلوا قالوا لئن لم يرحمنا ربنا ويغفر لنا لنكونن من الخاسرين‏}‏
يخبر تعالى عن ضلال من ضل من بني إسرائيل في عبادتهم العجل الذي اتخذه لهم السامري من حلي القبط الذي كانوا استعاروه منهم، فشكل لهم منه عجلاً ثم ألقى فيه القبضة من التراب التي أخذها من أثر فرس جبريل عليه السلام فصار عجلاً جسداً له خوار، والخوار صوت البقر، وكان هذا منهم بعد ذهاب موسى لميقات ربه تعالى، فأعلمه اللّه تعالى بذلك وهو على الطور حيث يقول إخباراً عن نفسه الكريمة‏:‏ ‏{‏قال فإنا قد فتنا قومك من بعدك وأضلهم السامري‏}‏‏.‏ وقد اختلف المفسرون في هذا العجل هل صار لحماً ودماً له خوار، أو استمر على كونه من ذهب إلا أنه يدخل فيه الهواء فيصوّت كالبقر‏؟‏ على قولين واللّه أعلم، ويقال‏:‏ إنهم لما صوّت لهم العجل رقصوا حوله وافتتنوا به وقالوا‏:‏ ‏{‏هذا إلهكم وإله موسى فنسي‏}‏، قال تعالى‏:‏ ‏{‏أفلا يرون ألا يرجع إليهم قولا ولا يملك لهم ضرا ولا نفعا‏}‏‏؟‏ وقال في هذه الآية الكريمة ‏{‏ألم يروا أنه لا يكلمهم ولا يهديهم سبيلا‏}‏‏؟‏ ينكر تعالى عليهم ضلالهم بالعجل، وذهولهم عن خالق السموات والأرض، ورب كل شيء ومليكه، ان عبدوا معه عجلاً جسداً له خوار، لا يكلمهم ولا يرشدهم إلى خير، ولكن غطّى على أعين بصائرهم عمى الجهل والضلال، كما تقدم عن أبي الدرداء قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏)‏حبك الشيء يعمي ويصم‏)‏ ‏"‏أخرجه الإمام أحمد وأبو داود‏"‏‏.‏ وقوله ‏{‏ولما سقط في أيديهم‏}‏ أي ندموا على ما فعلوا ‏{‏ورأوا أنهم قد ضلوا قالوا لئن لم يرحمنا ربنا ويغفر لنا لنكونن من الخاسرين‏}‏ أي من الهالكين، وهذا اعتراف منهم بذنبهم والتجاء إلى اللّه عزَّ وجلَّ‏.‏
الآية رقم ‏(‏150 ‏:‏ 151‏)‏
‏{‏ ولما رجع موسى إلى قومه غضبان أسفا قال بئس ما خلفتموني من بعدي أعجلتم أمر ربكم وألقى الألواح وأخذ برأس أخيه يجره إليه قال ابن أم إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني فلا تشمت بي الأعداء ولا تجعلني مع القوم الظالمين ‏.‏ قال رب اغفر لي ولأخي وأدخلنا في رحمتك وأنت أرحم الراحمين ‏}‏
يخبر تعالى أن موسى عليه السلام لما رجع إلى قومه من مناجاة ربه تعالى وهو غضبان أسفاً، والأسف أشد الغضب ‏{‏قال بئس ما خلفتموني من بعدي‏}‏ يقول‏:‏ بئس ما صنعتم في عبادتكم العجل بعد أن ذهبت وتركتكم، وقوله‏:‏ ‏{‏أعجلتم أمر ربكم‏}‏ يقول‏:‏ استعجلتم مجيئي إليكم وهو مقدر من اللّه تعالى، وقوله‏:‏ ‏{‏وألقى الألواح وأخذ برأس أخيه يجره إليه‏}‏ قيل‏:‏ كانت الألواح من زمرد، وقيل‏:‏ من ياقوت، وظاهر السياق أنه لما ألقى الأواح غضباً على قومه، وهذا قول جمهور العلماء سلفاً وخلفاً، ‏{‏وأخذ برأس أخيه يجره إليه‏}‏ خوفاً أن يكون قد قصَّر في نهيهم كما قال في الآية الأخرى‏:‏ ‏{‏قال يا ابن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي، إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرئيل ولم ترقب قولي‏}‏، وقال ها هنا‏:‏ ‏{‏ابن أم إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني فلا تشمت بي الأعداء ولا تجعلني مع القوم الظالمين‏}‏ أي لا تسقني مساقهم ولا تخلطني معهم وإنما قال‏:‏ ‏{‏ابن أم‏}‏ ليكون أرق وأنجع عنده، وإلا فهو شقيقه لأبيه وأمه، فلما تحقق موسى عليه السلام براءة ساحة هارون عليه السلام، عند ذلك ‏{‏قال‏}‏ موسى ‏{‏رب اغفر لي ولأخي وأدخلنا في رحمتك وأنت أرحم الراحمين‏}‏، عن ابن عباس قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏(‏يرحم اللّه موسى ليس المعاين كالمخبر، أخبره ربه عزَّ وجلَّ أن قومه فتنوا بعده فلم يلق الألواح، فلما رآهم وعاينهم ألقى الألواح‏)‏ ‏"‏أخرجه ابن أبي حاتم عن ابن عباس مرفوعاً‏"‏‏.‏
الآية رقم ‏(‏152 ‏:‏ 153‏)‏
‏{‏ إن الذين اتخذوا العجل سينالهم غضب من ربهم وذلة في الحياة الدنيا وكذلك نجزي المفترين ‏.‏ والذين عملوا السيئات ثم تابوا من بعدها وآمنوا إن ربك من بعدها لغفور رحيم ‏}‏
أما الغضب الذي نال بني إسرائيل في عبادة العجل، فهو أن اللّه تعالى لم يقبل لهم توبة حتى قتل بعضهم بعضاً وأما الذلة فأعقبهم ذلك ذلاً وصغاراً في الحياة الدنيا، وقوله‏:‏ ‏{‏وكذلك نجزي المفترين‏}‏ نائلة لكل من افترى بدعة، كما قال الحسن البصري‏:‏ إن ذل البدعة على أكتافهم، وإن هملجت بهم البغلات وطقطقت بهم البراذين، وعن أبي قلابة أنه قرأ هذه الآية‏:‏ ‏{‏وكذلك نجزي المفترين‏}‏ فقال‏:‏ هي واللّه لكل مفتر إلى يوم القيامة، وقال سفيان بن عيينة‏:‏ كل صاحب بدعة ذليل‏.‏ ثم نبه تعالى عباده وأرشدهم إلى أنه يقبل توبة عباده من أي ذنب كان حتى ولو كان من كفر أو شرك أو نفاق أو شقاق ولهذا عقب هذه القصة بقوله‏:‏ ‏{‏والذين عملوا السيئات ثم تابوا من بعدها وآمنوا إن ربك‏}‏ أي يا محمد يا نبيّ الرحمة ‏{‏من بعدها‏}‏ أي من بعد تلك الفعلة ‏{‏لغفور رحيم‏}‏‏.‏ عن عبد اللّه بن مسعود‏:‏ أنه سئل عن ذلك يعني الرجل يزني بالمرأة ثم يتزوجها، فتلا هذه الآية‏:‏‏{‏والذين عملوا السيئات ثم تابوا من بعدها وآمنوا إن ربك من بعدها لغفور رحيم‏}‏ فتلاها عبد اللّه عشر مرات، فلم يأمرهم بها ولم ينههم عنها ‏"‏رواه ابن أبي حاتم أيضاً‏"‏‏.‏
الآية رقم ‏(‏154‏)‏
‏{‏ ولما سكت عن موسى الغضب أخذ الألواح وفي نسختها هدى ورحمة للذين هم لربهم يرهبون‏}‏
يقول تعالى‏:‏ ‏{‏ولما سكت‏}‏ أي سكن ‏{‏عن موسى الغضب‏}‏ أي غضبه على قومه،
‏{‏أخذ الألواح‏}‏ أي التي كان ألقاها من شدة الغضب على عبادتهم العجل غيرة للّه وغضباً له ‏{‏وفي نسختها هدى ورحمة للذين هم لربهم يرهبون‏}‏ يقول كثير من المفسرين‏:‏ أنها لما ألقاها تكسرت، ثم جمعها بعد ذلك، ولهذا قال بعض السلف‏:‏ فوجد فيها هدى ورحمة، وقال قتادة في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏أخذ الألواح‏}‏ قال‏:‏ رب إني أجد في الألواح أمة خير أمة أخرجت للناس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر فاجعلهم أمتي‏!‏ قال تلك أمة أحمد، قال رب إني أجد في الألواح أمة هم الآخرون السابقون، أي آخرون في الخلق سابقون في دخول الجنة، رب اجعلهم أمتي، قال‏:‏ تلك أمة أحمد، قال‏:‏ رب إني أجد في الألواح أمة أناجيلهم في صدورهم يقرؤونها رب اجعلهم أمتي‏!‏ قال‏:‏ تلك أمة أحمد‏.‏ قال قتادة‏:‏ فذكر لنا أن نبي اللّه موسى عليه السلام نبذ الألواح وقال‏:‏ اللهم اجعلني من أمة أحمد ‏"‏ذكر هذا الأثر مطولاً عن قتادة ولم يرمز إليه ابن كثير بضعف‏"‏‏.‏