عرض مشاركة مفردة
  #96  
قديم 28-10-2005, 04:20 PM
الغرباء الغرباء غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2005
الإقامة: دولة الخلافه الاسلاميه
المشاركات: 2,050
إفتراضي


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام
على من لا نبي بعده، وبعد.
فقد لفتت نظري هذه الدعاية المكثفة والواسعة لبرنامج عمرو خالد " معاً نصنعُ الحياة "، مما شدني لمتابعة بعض حلقاته والمنشورة في موقعه على الإنترنت .. فوجدت نفسي ـ من قبيل النصح الواجب وبيان الحق ـ مشدوداً لتسجيل بعض الملاحظات والتنبيهات العامة ذات العلاقة بموضوع البرنامج .. وهي

1

من الإيجابيات التي تُذكر للبرنامج تناوله بعض المصطلحات والمفاهيم العامة بشيء من الشرح وبأسلوب تشويقي فيه تحفيز للهمم: كمصطلح الإرادة، والجدية، والإتقان، والإيجابية، وتذوق الفن والجمال، وأن يكون للمرء هدف يسعى إليه .. وغيرها من المصطلحات التي تناولها .. وهذا جانب يُشكر عليه.

2

لكنه قيد ثمار ونتائج هذه المفاهيم والمصطلحات بثمار ونتائج قاصرة ومتواضعة جداً لا تناسب الشعار المرفوع " صناع الحياة " .. فهو كان بعد كل مصطلح يشرحه ويتناوله يؤكد على التفوق في المجالات التالية: الكمبيوتر .. والكرة والرياضة .. والدراسة .. والعمل الوظيفي أو المهني .. والاهتمام بالشوارع .. والنظافة .. وإدارة البيت ونحو ذلك .. وكأنه يقول للسامعين: فأنا إذ أتناول لكم هذه المفاهيم والمصطلحات .. وأدعوكم لكسر القيود .. فلا أريد منكم أبعد من ذلك .. فأنا لا أريد منكم تكسير القيود لتكسروا عروش الطواغيت الظالمين الجاثمين على صدوركم .. وصدور الأمة ومقدراتها وخيراتها .. فهذا عنف وإرهاب .. فأنا لا أريده ولا أدعو له ولا أقصده .. ولا ينبغي أن تنصرف أذهانكم وهممكم إليه!
فأنا إذ أدعوكم للانطلاق .. وتكسير القيود .. وصناعة الحياة .. لا أريد منكم الأهداف العامة .. التي لا حياة ولا عزة ولا نجاة للأمة من دونها .. كالعمل من أجل استئناف حياة إسلامية وقيام خلافة راشدة .. ودولة إسلامية .. تسوس الدنيا بالدين .. وتحكم البلاد بشريعة رب العالمين!
لا أريد منكم تكسير القيود لتنطلقوا لتحرير الأمة من طواغيت الحكم الخونة والعملاء .. الذين باعوا البلاد والعباد للمستعمر الأجنبي بثمن بخس!
لا أريد منكم تكسير القيود لتحرروا بلاد المسلمين من أيدي الغزاة المحتلين .. فهذا المعنى لا أريده .. ولا أريد أن تستشرف أنظاركم إليه!
وهذا لا يتناسب مع الشعار الضخم المرفوع " صناع الحياة " .. مما يجعلنا نضع عشرات إشارات التعجب والاستفهام .. حول البرنامج .. وشعاره .. وأهدافه .. ونتائجه!

3
استثنى من خطابه الأنظمة الحاكمة .. وحكوماتها .. وطواغيت الحكم .. بل والأحزاب والجمعيات .. والمنظمات .. على أنها هيئات رسمية مصانة .. لا يجوز الاقتراب منها .. وليس من سياسة ومنهاج الأستاذ الاقتراب منها بشيء من النقد والتوجيه ..!!
بل هو ما إن يقترب من ساحة أي مسؤول حكومي ـ مهما كان صغيراً ـ إلا وتراه يبجله ويزكيه، ويُطريه بما ليس فيه؛ كقوله مثلاً عن محافظ الإسكندرية:" هو شخصية عظيمة وجديرة بالاحترام "، ولا ندري ما الذي عظَّم الرجل وجعله يستحق التعظيم .. وهو ركن من أركان نظام طاغٍ وفاسد!
لا أدري كيف سيصنع الحياة .. ويعيد للأمة مجدها وعزها وحياتها .. وهو يستثني من خطابه العناصر الفاعلة والمؤثرة والموجِّهة من حكام، ووزراء، وقادة .. وحكومات .. وهيئات .. وغيرهم من العناصر المتنفذة .. ويتجاهل أثرهم البليغ على الأمة .. وعلى حياتها وتقدمها!
كيف سيصنع الحياة .. وهو يتجاهل طواغيت الحكم الجاثمين بظلمهم وكفرهم وأنظمتهم الفاسدة على صدر الأمة ومنذ عدة عقود .. كعقبة كأداء أمام أي عملية تغيير أو إصلاح أو نهوض أو تقدم؟!
فإن قيل: لا يستطيع أن يذكرهم وأنظمتهم بسوء .. وإلا فسوف يُمنع من الحديث عبر الشاشة الصغيرة!
نقول له: إذاً لا ترفع شعاراً كبيراً وضخماً كشعار " صنَّاع الحياة "، لا طاقة لك به .. ولم ترق إلى مستواه .. وارفع شعاراً آخر يليق بالمقام، وبظروفك وإمكانياتك، وقدراتك .. فمن أراد أن يُعالج داء من الأدواء العضال ـ كهذا الذي استشرف له الأستاذ ـ لا بد له أولاً من أن يملك الشجاعة على تحديد الداء ومكمنه .. وأسبابه .. ثم ينظر في العلاج ووسائله!
ونقول له كذلك: أنت تحتاج إلى أن تتحرر من قيود الخوف من طواغيت الحكم والظلم .. فهلاَّ تحررت من قيودك التي تمنعك من الصدع بالحق في وجوه الطغاة الظالمين ـ وما أكثرهم ـ قبل أن تعمل على تحرير الآخرين من قيودهم؟!
ونقول كذلك: لا بد للداعية إلى الله تعالى من بلاء يواجهه وهو في طريقه نحو الدعوة إلى الله يصبر عليه .. يُميز الله فيه الخبيث من الطيب، ويُظهر فيه الحق من الباطل .. كما لا بد له من أن يضع نصب عينيه دائماً مبدأ يقول: مرضاة الله تعالى مقدمة على مرضاة الناس .. أمَّا لا هذه ولا تلك .. فليراجع المرء حينئذٍ نفسه، ولينظر أين هو من دين الله .. وأين هو مما ينبغي أن يكون عليه الدعاة إلى الله!

4

أكد أكثر من مرة أن المعني من خطابه، وبرنامجه المذكور، هم:" الشباب، والأمهات، وربات البيوت؛ وأعني بالشباب الشباب المسلم والمسيحي .. هذا البرنامج للمسلمين والمسيحيين[1]". هذا نص كلامه!
ونحن نقول: الجزء الأكبر من المشكلة .. بل ومن مشاكل الأمة .. ليست صادرة من الشباب، ولا من الأمهات وربات البيوت .. حتى يتوجه لهم الخطاب .. وإنما من طواغيت الحكم الذين يوجهون الشعوب ـ وبخاصة منها الشباب ـ ويُسيسونها وفق أهوائهم ومصالهم .. وشهواتهم .. وسياساتهم الباطلة الظالمة والفاسدة .. وليس للشعوب إلا أن تسير في القناة التي يحددها لهم الطاغوت .. وإلا فويل السجون .. وقطع الأعناق والأرزاق ينتظرهم!!
ثم هذا الإصلاح الجزئي والمتواضع الذي يقوم به الناس خلال سنة .. والذي يعنيه صاحب البرنامج من برنامجه .. تدمره وتزيل أثره وفاعليته الأنظمة الطاغية الحاكمة الفاسدة بسويعات .. لما تملكه من وسائل ضخمة وواسعة التأثير!
هاهم الإصلاحيون الذين لا يتناولون المشكلة من جميع جوانبها وأبعادها .. وإنما يُعالجون الأمراض المستعصية بمسكنات سرعان ما يذهب أثرها .. لهم أكثر من خمسين سنة وهم عاكفون على منهجهم الإصلاحي هذا .. لكن الفساد وكذلك الظلم والكفر والفجور .. مستشرٍ في الأمة وفي ازدياد .. وتوسع .. حتى أصبح ـ في نظر كثير من الناس ـ الحقُّ باطلاً والباطل حقاً .. وأصبح المسلم غريباً في بلده وبين أهله .. يتنكره كل من حوله .. وسبب ذلك كله يعود لما يملكه الطاغوت الحاكم ونظامه الفاسد من وسائل فتاكة واسعة الانتشار .. وسريعة التأثير .. تهدم بسويعات بل بدقائق ما يبنيه هؤلاء الإصلاحيون بعشرات السنين!!
نحن لا نقلل من دور عامة الناس في عملية التغيير والإصلاح المنشود .. ولا من دور هؤلاء المصلحين .. ولكن كذلك لا يجوز أن نقلل من أهمية ودور الأنظمة الطاغية الحاكمة .. أو نتجاهلها .. كعقبة كأداء ـ لا بد من استئصالها ـ أمام أي عملية تغيير نحو الأفضل تنشدها الأمة .. وينشدها الشباب المسلم!
تباكى الأستاذ على الطاقات والموارد المهدرة للأمة .. لكنه لم يجرؤ أن يُحدد أو يُشير إلى المسؤول الأول عن هذا الهدر للطاقات وللموارد .. وعن ماهية هذه الطاقات والموارد المهدرة؟!
من المسؤول ـ يا عمرو خالد ـ عن مئات الآلاف من الطاقات العلمية والنادرة للأمة .. والمهجرة تهجيراً قصرياً خارج أوطان المسلمين .. الأمهات وربات البيوت .. أم طواغيت الحكم وأنظمتها الظالمة الفاسدة ..؟!
هذا الشاب العبقري الذي تكلمت عنه .. والذي اكتُشفت عبقريته منذ وقت مبكر .. والذي تحرص اليابان أو غيرها من البلدان على التعاقد معه .. من المسؤول عن هجرته من وطنه وهو لا يزال في أول شبابه وعطائه .. وما أكثر شباب الأمة من مثل هذا الشاب .. الأمهات .. وربات البيوت .. أم طواغيت الحكم والفساد والجهل والظلم في بلادنا ؟!
من الأولى بأن يوجه إليهم الخطاب: الأمهات وربات البيوت .. أم طواغيت الحكم والظلم؟!
الأمة ـ يا عمرو خالد ـ لا ينقصها العلماء والعباقرة .. وإنما ينقصها الأنظمة السياسية التي تحترم وتقدر الإنسان؛ وبخاصة العلماء، وذوي الكفاءات المميزة!
من الذي يروج لهذه المخدرات والمسكرات .. وغيرها من السموم التي سميتها " بالمكيفات الخمس " .. والتي تفتك بعقول الناس وأجسادهم .. ويحميها بقوة القانون .. الأمهات وربات البيوت .. أم طواغيت الحكم والكفر والظلم .. ليشغلوا شعوبهم بها عما هم فيه من غي وإسراف، وفجور، وخيانة، وعمالة؟!!
من الذي يهدر طاقات وأوقات الشباب المسلم بالمسلسلات التافهة الساقطة .. والأفلام الداعرة الماجنة .. والتي تعمل على مدار الساعة والوقت .. الأمهات وربات البيوت .. أم طواغيت الحكم .. وأنظمتهم الفاسدة العميلة؟!
أشار الأستاذ وفي أكثر من حلقة من حلقات برنامجه المذكور .. عن ضرورة وأهمية جمع الثياب المستعملة كمورد من الموارد المهدرة لتوزيعها على الفقراء .. وكذلك جمع فضلات الطعام التي تُترك وراء المتخمين من أغنياء الأمة .. بدلاً من أن تُهدر وتُلقى في القمامة .. وهذا شيء جيد لا ننكره عليه .. ولكن الذي ننكره عليه أشد الإنكار ـ ما دام يتكلم عن الطاقات والموارد المهدرة ـ لماذا لا يتكلم عن موارد البترول ومشتقاته .. عصب الصناعات كلها .. بل وعصب الحياة .. الذي يُهدر بثمنٍ بخس على أيدي مبذري ومسرفي طواغيت الأمة ..؟!
لماذا لم يتكلم الأستاذ عن المليارات من الدولارات من أموال الأمة التي ينفقها ويهدرها الحكام والملوك والأمراء على شهواتهم ونزواتهم .. في ميادين الميسر وبارات الكفر والعهر في بلاد الغرب وغيرها .. بينما الشعوب المقهورة تشكو الفقر والجوع؟!
بلادنا بثرواتها وخيراتها ومواردها العظيمة كلها .. ضاعت بأيدي الغزاة المحتلين .. على أيدي عملائهم من الطواغيت المرتدين .. والأستاذ عمرو يعرض عن هذا كله .. ليكلمنا عن الثياب المستعملة .. وفضلات الطعام التي تُرمى من وراء المترفين!!
يهدر طاقات الشباب .. بالبحث عن الثياب المستعملة .. وفضلات الطعام .. بدلاً من أن يهدرها ويوجهها إلى ميادين الجهاد والتحرير .. من ظلم وطغيان المغتصبين لحقوق البلاد والعباد .. عسى أن تُعيد الأمة بعض حقوقها المغتصبة والمسلوبة .. ومنذ زمن!
يتكلم عن هدر الطاقات .. ثم نراه يهدر الطاقات في غير مكانها المناسب!!

5

تجاهل صاحب البرنامج مصطلحات ومفاهيم هامة لا صناعة للحياة من دونها: كمصطلح ومفهوم العدل والعدالة؛ إذ لا حياة مع الظلم .. ومفهوم الحرية بضوابطها الشرعية؛ إذ لا حياة ولا تقدم ولا عطاء مع القهر، والخوف، والكبت، وكتم الأنفاس .. ومفهوم ومصطلح الشورى؛ إذ لا حياة صحيحة وراقية مع التصرف الفردي والديكتاتوري، وبخاصة عندما تكون القرارات على مستوى الأمة ومصالحها .. ومفهوم وأهمية الحكم بما أنزل الله؛ إذ لا حياة سوية بغير الحكم بما أنزل الله، كما قال تعالى:{وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}البقرة:179.
فإن قيل: علامَ الأستاذ لم يتناول هذه المصطلحات والمفاهيم .. ولم تُدرج في خطة برنامجه .. رغم أهميتها في صناعة الحياة .. بل لا حياة من دونها؟!
الجواب أصبح معلوماً للجميع؛ وهو أن هذه المصطلحات والمفاهيم لها مساس مباشر بالحكم والحكام .. فلا يمكن تناولها من دون الاقتراب من جنابهم المصان .. وهذا الذي قطع الأستاذ على نفسه أن لا يقترب منه .. وأن لا يحوم حول حماه .. ولو بمجرد التلميح!!
لكن من حقنا وحق جميع المراقبين أن يسألوا: كيف ينشد الأستاذ شعاراً ضخماً بحجم شعاره " صناع الحياة "، ثم هو لا يريد أن يقترب من ساحة طواغيت الحكم وأنظمتهم الفاسدة بشيء من النقد والتقييم والنصح .. رغم أنها وراء كل فساد .. وكل تخلف؟!
ونحن نقول له للمرة الثانية والثالثة .. والعاشرة: تحرر يا عمرو .. من قيود الخوف وسلاسله .. قبل أن تتحرك لتحرير الآخرين من سلاسلهم وقيودهم!!
لا تسع لأمر أنت لا تملكه .. ففاقد الشيء لا يُعطيه!



يتبــــــــــــــع...
__________________