عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 27-11-2006, 01:59 AM
النسري النسري غير متصل
كاتب مغوار
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الأردن
المشاركات: 2,917
إرسال رسالة عبر ICQ إلى النسري
Post إستشهاد الحسين رضي الله عنه .. دراسة نقدية تحليلة

إستشهاد الحسين رضي الله عنه .. دراسة نقدية تحليلة


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، ثم أما بعد :-
إن يوم عاشوراء يمثل للرافضة يوم ليس كسائر الأيام .. إنه يوم مقتل الإمام الحسين بن علي رضي الله عنه .. لذا يتخذونه مأتماً يفعلون فيه كل أصناف البدع والمنكرات .. وكل أمور الجاهلية .. وبما أن الصورة الحقيقة لمقتل الحسين رضي الله عنه لم تتضح بعد لدى كثير ممن يسمع عنها ..كما وأن الدكتور طارق سويدان حفظه الله تناول هذه الحادثة في سلسلته قصص من التاريخ، لكنه تناولها بصورة مشوهة وكان جل اعتماده على روايات أبي مخنف الكذاب .. لذا فإني أحببت أن أعيد هذه المقالة التي كتبتها منذ فترة طويلة؛ لكن مع إضافات كثيرة وتفصيل أكثر وتحليل للحقائق لعل الله يشرح بها الصدور لقبول الحق .. وأعتذر مقدماً على طول المقالة .
تمثل معارضة الحسين بن علي ليزيد بن معاوية نقطة تحول خطيرة في تاريخ المسلمين، وقد جرت هذه الحادثة من التبعات والانقسامات الشيء الكثير، وكان خطر هذه الحادثة لا يقتصر على تأثيرها المباشر على المجتمع المسلم في ذلك الوقت فقط، بل يتعداه إلى أبعد من ذلك حتى يومنا هذا، حيث يمثل نقطة خطيرة لانحراف طائفة ترى محبته وموالاته فقط، وتكفير الأمة بسببه، ومن ثم تتخذ من هذه الحادثة مادة لتأجيج المشاعر ضد أهل السنة بأجمعهم، وكأنهم هم السبب الحقيقي لمأساته رضوان الله عليه.
لقد كان موقف الحسين من بيعة يزيد بن معاوية هو موقف المعارض، وقد شاركه في هذه المعارضة عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما، غير أنهما لم يبديا أسباباً واضحة لممانعتهما بالبيعة، أقصد بذلك : أنهما لم يتهما يزيد في سلوكه، ولم يأتيا بأمور واضحة تطعن في تأهله للخلافة، فيبقى السبب الرئيسي، وهو إرادة الشورى -، في حين أن ابن عمر وضح السبب، وهو أن هذه الطريقة في أخذ البيعة لا تشابه طريقة بيعة الخلفاء الراشدين، تاريخ أبي زرعة (1/229) وتاريخ خليفة (ص 214) بإسناد صحيح . وبالفعل أرسل ابن عمر البيعة مباشرة عندما توفي معاوية رضي الله عنه.
وإن تلك الممانعة الشديدة من قبل الحسين بن علي، هي أنه أحق بالخلافة من غيره، وكان يرى أن الخلافة صائرة إليه بعد وفاة معاوية، وكان مؤدى هذا الشعور تلك المكانة التي يتبوأها الحسين في قلوب المسلمين، ثم اطمئنانه بالقاعدة العريضة من المؤيدين له في الكوفة وغيرها، فليس من الغريب أن يقف الحسين في وجه بيعة يزيد ويرفضها رفضاً شديداً وبكل قوة، ولهذا قال الذهبي في السير (3/291) : ولما بايع معاوية ليزيد تألم الحسين .
بعد أن توفي معاوية رضي الله عنه وبويع ليزيد بالخلافة في الشام، كتب يزيد إلى والي المدينة الوليد بن عتبة بن أبي سفيان أن يدعو الناس للبيعة وأن يبدأ بوجوه قريش . انظر: ابن سعد في الطبقات (5/359) بإسناد جمعي، وتاريخ خليفة ( ص 232) بإسناد فيه محمد بن الزبير الحنظلي، وهو متروك .
استشار الوليد بن عتبة مروان بن الحكم فأشار عليه بأن يبعث في طلب الحسين وابن الزبير للبيعة، فيروي خليفة في تاريخه (ص 233) : أن ابن الزبير حضر عند الوليد ورفض البيعة واعتذر بأن وضعه الاجتماعي يحتم عليه مبايعته علانية أمام الناس، وطلب منه أن يكون ذلك من الغد في المسجد إن شاء الله . واستدعى الحسين بعد ذلك ويبدوا أن الوليد تحاشى أن يناقش معه موضوع البيعة ليزيد، فغادر الحسين مجلس الوليد من ساعته، فلما جنّ الليل خرج ابن الزبير والحسين متجهين إلى مكة كل منها على حدة . ورواية خليفة هي الأقرب في نظري إلى الحقيقة، فإضافة إلى تسلسل الحدث فيها، فإن الرواية نفسها عن جويرية بن أسماء وهو مدني .
في طريق مكة التقى الحسين وابن الزبير بابن عمر وبعبد الله بن عياش، وهما منصرفين من العمرة قادمين إلى المدينة، فقال لهما ابن عمر : أذكركما الله إلا رجعتما فدخلتما في صالح ما يدخل فيه الناس وتنظران فإن اجتمع الناس عليه لم تشذا، وإن افترق عليه كان الذي تريدان . ابن سعد في الطبقات (5/360) والمزي في تهذيب الكمال (6/416) من طريق ابن سعد، والطبري (5/343) لكنه ذكر أن الذي لقيهما ابن عمر وابن عباس، ولعله تحريف في اسم عياش، والصحيح أن ابن عباس كان موجوداً بمكة حينذاك .
فلما علمت شيعة الكوفة بموت معاوية وخروج الحسين إلى مكة ورفض البيعة ليزيد، فاجتمع أمرهم على نصرته، ثم كتبوا إليه، وبعد توافد الكتب على الحسين وهو بمكة وجميعها تؤكد الرغبة في حضوره ومبايعته، نستطيع أن نقول : إن الحسين لم يفكر بالخروج إلى الكوفة إلا عندما جاءته الرسل من الكوفيين يدعونه بالخروج إليهم، وأنهم يدعونه مرحبين به طائعين، فأراد الحسين أن يتأكد من صحة هذه الأقوال، فأرسل مسلم بن عقيل بن أبي طالب ابن عمه لينظر في أمر أهل الكوفة ويقف على الحقائق بنفسه . انظر : تاريخ الطبري (5/354 ) والبلاذري في أنساب الأشارف (3/159) .
ذهب مسلم بن عقيل إلى الكوفة، ووقف على ما يحدث هناك وكتب إلى الحسين يدعوه إلى الخروج إلى الكوفة وأن الأمر مهيأ لقدومه .
وقد تتابعت النصائح من الصحابة والتابعين تنهى الحسين عن الخروج إلى الكوفة، ومن الذين نصحوا : محمد بن الحنفية أخوه -، وابن عباس، وابن عمر وابن الزبير وأبو سعيد الخدري وجابر بن عبد الله، وغيرهم الكثير، ينهونه عن القدوم إلى الكوفة، غير أن هذه النصائح الغالية الثمينة لم تؤثر في موقف الحسين حيال خروجه إلى الكوفة، بل عقد العزم على الخروج، فأرسل إلى المدينة وقدم عليه من خفّ من بني عبد المطلب، وهم تسعة عشر رجلاً ونساء وصبياناً من اخوته وبناته ونسائه، فتبعهم محمد بن الحنفية وأدرك الحسين قبل الخروج من مكة فحاول مرة أخرى أن يثني الحسين عن خروجه لكنه لم يستطع . انظر: ابن سعد في الطبقات (5/266-267) .
وجاء ابن عباس ونصحه فأبى إلا الخروج إلى الكوفة، فقال له ابن عباس: لولا أن يزري بي وبك، لنشبت يدي في رأسك، فقال أي الحسين -: لإن أقتل بمكان كذا وكذا أحب إلي من أستحل حرمتها، يعني الكعبة، فقال ابن عباس فيما بعد: وكان ذلك الذي سلى نفسي عنه . وكان ابن عباس من أشد الناس تعظيماً للحرم. انظر: مصنف ابن أبي شيبة (5/96-97) بإسناد صحيح، والطبراني في المعجم الكبير (9/193) وقال الهيثمي في المجمع (9/192) ورجاله رجال الصحيح، والذهبي في السير (2/292) وغيرهم الكثير .


يتبــــــــــــــــــــــــــــــع
__________________