عرض مشاركة مفردة
  #10  
قديم 27-11-2006, 02:45 AM
النسري النسري غير متصل
كاتب مغوار
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الأردن
المشاركات: 2,917
إرسال رسالة عبر ICQ إلى النسري
Post

وقد وجه يزيد اهتمامه نحو العراق، و بالأخص الكوفة التي بدأت مؤشرات الأحداث فيها تزداد سوءاً، وتنذر بانفتاح جبهة داخلية في الدولة .
ولهذا تدارك الأمر وعين عبيد الله بن زياد أميراً على الكوفة، واستطاع ابن زياد بما وهب من حنكة ودهاء وحزم أن يسيطر على الكوفة وأن يقتل دعاة التشيع بها.
وفي المقابل فإن يزيد بن معاوية لم يكن غافلاً عن تحركات الحسين رضي الله عنه، و لهذا لما عزم الحسين على التوجه إلى الكوفة كتب يزيد إلى ابن زياد رسالة يخبره بقدوم الحسين إلى الكوفة قائلاً له: بلغني أن حسيناً سار إلى الكوفة وقد ابتلى به زمانك بين الأزمان وبلدك بين البلدان وابتليت به بين العمال .. وضع المناظر والمسالح واحترس على الظن وخذ على التهمة، غير ألا تقتل إلا من قاتلك، واكتب إلى في كل ما يحدث من الخبر، والسلام عليك ورحمة الله. مجمع الزائد (9/193) ورجاه ثقات إلا أن الضحاك لم يدرك القصة. والطبري (5/380 ).
وعند النظر إلى المقطع الأول من كلام يزيد فإننا نحس بأن يزيد يوجه ابن زياد إلى مكانة الحسين وعلو قدره، وإلا فما معنى (قد ابتلي به زمانك من بي الأزمان ..) . ولم كان يزيد حريصاً على قتل الحسين لما أطراه لعامله بهذا الشكل المخيف وحذره منه، كما أنه لا يعني أن هذا التضخيم من شأن الحسين هو حمل ابن زياد على الاستعداد له بكل ما يستطيع، وذلك لأن الحسين خرج في عدد قليل ويزيد يعرف هذا. وليس في عبارات يزيد ما يدل على أنه طلب من ابن زياد الاجتهاد في القضاء على الحسين، بل إن الشق الثاني من رسالة يزيد تلزم ابن زياد بعدم قتل أحد إلا في حالة مقاتلة المعتدي، كما أن فيها طلباً أكيداً من ابن زياد بوجوب الرجوع إلى يزيد في كل حدث يحدث، ويكون المقرر الأخير فيه هو يزيد نفسه.
وبعد أن اقترب الحسين من الكوفة واجهه ابن زياد بالتدابير التي سبق ذكرها، حتى أرسل إلى الحسين عمر بن سعد قائداً على سرية ألجأت الحسين إلى كربلاء، كان وصول الحسين إلى كربلاء هو يوم الخميس الموافق الثالث من المحرم . الطبري (5/409 ).
واستمرت المفاوضات بين ابن زياد وبين الحسين بعد وصوله إلى كربلاء حتى قتل رضي الله عنه في العاشر من المحرم. أي أن المفاوضات استمرت أسبوعاً واحداً تقريباً، ومن المعلوم أن المسافة التي تفصل بين دمشق والكوفة تحتاج إلى وقت قد يصل إلى أسبوعين، أي أن ابن زياد اتخذ قراره والذي يقضي بقتل الحسين دون الرجوع إلى يزيد، أو أخذ مشورته في هذا العمل الذي أقدم عليه، وبذلك يكون قرار ابن زياد قراراً فردياً خاصاً به لم يشاور يزيد فيه، وهذا الذي يجعل يزيد يؤكد لعلي بن الحسين بأنه لم يكن يعلم بقتل الحسين ولم يبلغه خبره إلا بعد ما قتل.
ولعل فيما ذكرنا من أدلة تبين عدم معرفة يزيد بما أقدم عليه ابن زياد من قتل الحسين رضي الله عنه، إضافة إلى أقوال الصحابة التي ذكرناها سابقاً والتي تحمّل المسؤولية في قتل الحسين على أهل العراق، ولم نجد أحداً من الصحابة وجه اتهاماً مباشراً إلى يزيد، ولعل في ذلك كله دليلاً واضحاً على أن يزيد لا يتحمل من مسؤولية قتل الحسين شيئاً فيما يظهر لنا، أما الذي في الصدور فالله وليه وهو أعلم به، ولسنا مخوّلين للحكم على الناس بما في صدورهم، بل حكمنا على الناس بما يثبت لنا من ظاهرهم والله يتولى السرائر وهو عليم بكل شيء.


يتبــــــــــــــــــع
__________________