عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 12-08-2000, 04:46 PM
سلاف سلاف غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: May 2000
المشاركات: 2,181
Post الأستاذ عبد الله الجفري- نثر كالشعر


(اضفتها مرتين وحذفت من الخيمة، لماذا ؟؟؟؟؟؟؟؟)
إلى القائلين بوجود شعر حر.
هذه زاوية الأستاذ عبد الله الجفري نقطة حوار في جريدة الحياة ليوم الخميس25 ربيع ثاني 1421، وهي نثر راق لم يدع كاتبها أنها (شعر حر) أسوقها للمقارنة مع ما يحمل هذا المسمى.
الكتابة مصدرة بأبيات الشاعر عبد العزيز خوجة (من الكامل بخمس تفاعيل):
............

أتعبْتني وركضت خلفَ لهاثك المسعورِ في عبث السّرابْ
لا حولَ لي الوهمُ يأخذني إلى دنياك فـي درب الضبابْ
بينـي وبينـك موثـقٌ لا ينتهي ومدادُ آهات اغترابْ

يقول: (الأقواس والنقاط بين الكلمات كما وردت في الأصل)

*(1)
أنثى كأنها - وحدها - هي السبب الأعظم لفرحه الذي يجمّل له الدنيا وما فيها.
أحبها قبل أن تشيع كيانا في عينيه…وكأنها "لحظة " تكبر مع كالزمن…وكأنها "قطرة" ارتوائه من العطش…وكأنها شعاع ضوءٍ في زاوية العتمة!.
أحبها لا لينساها، بل لينسى كل ما حوله…فتصير هي الحياة، والناسُ، والأملُ، والفرح.
هي خفقة الروعة في إحساسه بعشقٍ يفوق الشهوات، وينتشر كالعطر…وهذا هو "جمالها" الخفي كلما أصغى إلى نسمة من شفتيها.

..................
أشعلته يا أنتِ فـي فرحٍ يبشر بالأمانـيِّ العـذابْ
فرحٍ عظيمٍ يـملؤ الدنيا بـما قد لَذّ من حلُمٍ وطابْ
حُلُمٍ تناهى فـي السموِّ مـجنِّحاً فوق الــرِّغابْ
من قبل أن تتجسدي بشعاع نورٍ قد تمازج والضبابْ
أو وردةٍ تنمو كما ينمو زمان الشّوقِ في شرخ الشبابْ
هو قد أحبّكِ لا لينساكِ ولكن كي يغادرَ الاكتئابْ
فوسعتِـه أهلاً وآمالاً وأفـراحا وعشقاً كالـتهابْ
في خفقةٍ من روعةٍ الإحساسِ يغمره كما العطرُ الملابْ
تأتي به النسماتُ من شفتيكِ، يرقص قلبه في إضطرابْ

*(2)
برغم جمالها المعلن عبر ملاحة وجهها، ومياسة قدها، وغزارة شعرها، واتساع عينيها بعنق أسرارهما.
وبرغم جمال المعنى في تكوينها الإنساني، حتى تمنّاها امرأة، أرقّ من الحنان…رأيها ناضج كثمر الحصاد، وحوارها متمرس كالطهارة…ذات منطلقات إلى أبعاد من الوعي والألفة الإنسانية.
إلا أن ملاحتها الأنثوية، وجمالها العقلي والمعنوي لم يمنعا إصابتها بمرض جفاف الرومانسية في وجدانها…كأن عدوى هذا العصر المادي: طغت حشاشتها، فأخذت تتحدث عن الحب كأنها في قاعة محاضرات، وعن الرجل كأنه قط منتزع من قلبها وإلى قلبها منتجا من جديد!!
وتحدثت عن الحياة من حولها فاعتبرتها مجرد ساعات ومواعيد، وأعمال، وتفكير، وانتظار،و…مرايا لمتعتها ورغباتها، ثم …النوم لراحة الجسد فقط، بعد أن نسيت ذلك النوم الهنيء المطرز بالأحلام!!
...............

فيها الجمالُ الفذُّ فـي قدٍّ ووجهٍ بالملاحةِ مُفْعَمِ
والشَّعْرِ ليلا نجمتاهُ المقلتانِ على هلالٍ من فَـمِ
أسطورةٌ يا ليتها أنثى تعود إذن تُفَدّى بالـدّمِ
كانت أرقّ من الحنانِ ورأيُها عِنَباً بلون العَنْـدمِ
بالنضج طابَ كذاك حكمةُ رأيها في كلِّ أمرٍ مبهمِ
وحوارُها طهْرا غدا وجمالُها فـي كلِّ شأنٍ مُـلْهمِ
لكنّما وجدانُها الحاسوبَ صارَ إذا لتصنيفٍ نُمـي
فالحبُّ موضوعُ الـمحاضرةِ الذي تُلقي بذهنِ مُعَلِّمِ
ومُحبُّها من قلبها كالقطِّ يرجعُ إن تشأْهُ إلـى الدّمِ
وحياتُـها ساعاتُ أعمالٍ وتـفكير وأمرٍ مُبْـرَمِ
مرآةُ رغبـتها ومتعتها ونـومٍ قد خلا من مَحْلَمِ

*(3)
لكنها تحولت إلى ما يشبه "القوس المشدود"… في طوارئ مع نفسها…في تلفّت إلى كل ما حولها…في خوف من "النوايا" حتى في صدور من غرسوا في بستانها زهرة العهد!
حسبته - هذا الذي أحبته - عاجزا عن اقتحام أسوارها، وفك "شفرة رموزها.
ربما توجست منه: الخديعة فظنت أنه لا يحبها بقدر ما "يرغبها" وبعض الظن إثم…ولكن: أي ظن في لوعة المشتاق، وفي حنان العاشق، لا بد أنه يبرّد الكثير من الدفء.
...................

هي فـي طوارئ ذاتِها والشّكُ كالنيران يُصليها
كالقوسِ مشدودا تصوِّبُ نبْلها وتكاد ترمــيها
في صدر من غرس الزهور بروضها ويظلّ يسقيها
وتظنّهُ غَرّاً "بشفرة" لُغزها لـمْ يدرٍ مـا فـيها
وتظنّ شهوته وليس الحبَّ ما بـالقولِ يعنيهـا
والظنُّ فـي نار الهوى ولواعج المشتاقِ يُطـفيها
*(4)
واخيرا…مزجت صوتها بشفق الغروب القاني وقالت له
-: أعد إلي صوري التي استأمنتك عليها…فعندما لن أجدك لن تجد صوري معك!!
لعله - لحظتها - شعر برجفة الموت…لكنها - هي- أرادت أن تحييه شخصا آخر غير ذلك العاشق لها، وقد كان عشقا يعتمد كثيرا على "التلباثية": وعلى "التخيل" أو التصور…وما عداهما غموض ودرب من القفز والتحديق الأعمى!
_ أجابها: سأعيد لك صورك، وهي من حقك… لكنك لن تستحقي أن أبقي مكانها، وما بعدها: ذلك العمر من الأشواق والتحلام.
لقد أردت أن يكون الحب": عدسة كاميرا تحدد الملامح وحتى الحجم… أما حبي لك فقد كان هالة الملامح، منطلقا إلى أبعاد فوق الحجم، وأبعد من المسافات!! -إنتهت الزاوية-
....................

جمعت شجاعتها وقرصُ الشمسِ في شفقٍ يميل إلى الغُروبِ
قصدتـه والأوهامُ تأكلُ قلبـها وتزيـد من كيِّ اللهيبِ
- هيّا أعدْ ما قد منحتُكَ من تصاويري التي تحكي نُـدوبي
هي قد أحبّتْهُ كما شاءت وليس كما يكـون سنا الحبيبِ
في حينِ كانت عندهُ رمزاً تعالـى فوق مُعتادِ الـدّروبِ
كانت خيلا جامِحاً، ومْضاً تسربَلَ بالأثـيرِ وبالطّيوبِ
نزلت صواعِقُها عليـهِ فـزلزلتهُ وأسلمتْهُ إلـى اللّغوبِ
وسرى خيالُ الموتِ فـي روحِ المُوَلّهِ من مُفاجأَةِ الحبيبِ
خرج الكلامُ مُضَرّجاً بدمِ الفؤادِ تقولُ صرخاتِ اللسيبِ
- هي ذي إليكِ فليسَ يجدُرُ أن تظلَّ مكانها فخذي وأوبي
(كَمِرا) تريدينَ الهوى ليقيسَ (بالميلي) ألا عنّي فغيـبـي
إني رسمتُكِ هالـةً فوق الزمانِ وفوقَ فـرْحي والنّحيبِ
فوقَ المكانِ وفوقَ حسّي، فوقَ حُلمي، فوق خوفي من ذنوبي
فَلْتُرجعي نفْساً وهبتُكِ -تذكرينَ- غداةَ فُهْتِ بـِ(يا حبيبي)
أرأيت ما أبدع وأشعر هذا النثر، فهل جعله هذا شعرا، أرأيت لو أن أحدا ممن يكتبون ما يسمونه الشعركتب هذا كل كلمتين في السطر، وزاد النقاط بين الكلمات أما كان يعتبر ذلك قصيدة عصماء. ولكنه نثر جميل فيه من الشعر روائحه.
لعل دعاة الشعر الحر يعيبون عليها غلبة الوضوح الذي يعطيها شخصية ومفهوما موحدا إلى قدر كبير لدى أغلب القارئين.
______________________________
الرد مع إقتباس