عرض مشاركة مفردة
  #15  
قديم 05-09-2005, 04:27 PM
مُقبل مُقبل غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2005
المشاركات: 461
إفتراضي

خزعبـــــلات العجـــــوز


لم أحتمل هذا القول .. فقمتُ من مكاني غضبى إلى الداخل .. فوجدتُ زوجة الوليّ تسرح شعرها !!
إنها عجوزٌ أيضاً .. سلمتُ عليها بريبة وتخوّف ..
ربما كانت ذات عقلٍ .. أفضل من زوجها .. إنها تقبع وحيدة .. ربما هي لا توافق زوجها ولا تقتنع بصنيعه .. مثلي !!
قلتُ لها باسمة :
- كيف حالك يا خالة ؟ فبادرتني بالتحية ؛
وأجلستني بجانبها وقالت :
- بحالٍ طيبة .. أهذه أول زيارة لكِ في بيتنا ؟ وجهكِ غير مألوف لدي!
فقلت :
- نعم .. هذه أول مرة .. ( وخاطبتُ نفسي ) .. وآخر مرة إن شاء الله !!
قالت بدهاء :
- وما رأيك بالوليّ ؟! إنّه علاّمةٌ وعارفٌ بالله .. إنّ له أموراً لا يصدقها البشر !
عندما تجلسين معه مرةً ستأتين أكثر من مرة .. صدقيني ..

ثم قالت :
- هل تعلمين أنه في يومٍ ما .. كان يحدّث الناس ويعظهم .. وفجأةً سكت ! فنظر إليه الجالسون وقالوا..
- ما بك يا وليّنا العظيم .. ما بك ؟ فقال :
- انتظروا لقد دُعيت .. ويجب أن أُلبي النداء ... ( وكان الجميع ينظرون إليه ) ..
وفجأةً تبلّل كمّه الأيمن بالماء !! فهاج الحضور وصاحوا وقالوا له :
- ماذا حدث يا وليّنا .. وما بال كمّك امتلأ بالماء ؟ ..
فقال :
- كان هناك رجلٌ يسبح في البحر فغرق .. فاستغاث بي .. فأخرجتُه بيدي الآن ..
والحمد لله لقد نجا من موتٍ محتم !! ..
فقالوا وهم يُكْبِرون عمله :
- ولكن كيف ؟ وأنت تجلس معنا يا وليّنا العظيم ... يا إلهي ما أعظمك !!!
إنك عظيم كبير قادر على كل شيء !! يا وليّنا !
قال مزهواً بنفسه :
- هذه من الكرامات الخارقة .. فلا تسألوا عن أشياء إنْ تُبْدَ لكم تسؤكم !!!

( انتظرتْ مني رداً .. وأنا كالمصعوقة مما أسمع ! ) .. هل أصاب عقلي شيء ؟!
هل أنا في كامل وعيي ؟ هل أعيش كابوساً مُروّعاً ؟ أم أنا موجودة حقاً بين هؤلاء ؟!
بدأ عقلي يضعف فقلتُ لها بذهول :
- ولكن !! كيف ؟!! هل يستطيع ؟!
كيف يُرسل يده إلى البحر وهو يجلس في مكانه ؟!! كيف ....؟!
نظرتُ إليها بتوجس .. رأيتها تضحك !!
رأيتُ عينيها الغائرتين تنظران إليّ بنظراتٍ تعني شيئاً ما !!
هل أقنعوها بأن تفعل معي ذلك ؟! هل سلّطوها عليّ هي أيضاً ؟! ..
يا رب .. يا رب ..
سمعتُ صوت الزوج ينادي .. فخرجتُ أستجمع ما بقي من عقلٍ ودين !!
ركبتُ السيارة .. لم أنطق ولم ينطق .. ماذا يحدث حولي ؟!!
ماذا يحصل ؟ أين أنا؟
أشعر بأن ما يدور هنا هي قصةٌ نسجها الخيال إلى أبعد مدى !!!

عدنا إلى المنزل .. أول ما عمله الزوج هو أن وضع قطعة القماش تحت وسادتي ..
وقال بتوسل :
- أرجو أن تعتقدي فيها ! فهي ستنير لك طريقك وستقتنعين فيما بعد ! .. أرجوك !!
أومأت برأسي بالإيجاب .. وتمالكتُ نفسي .. ما أصعب هذا الموقف .. مَنْ سينتصر ؟
ومَنْ سيرفع راية الاستسلام البيضاء ؟! ويطأطئ رأسه خيبةً وخذلاناً !!!
لم يغمض لي جفنٌ طوال الليل .. تضرعتُ إلى الله باكية .. رجوتُ الله أن يثبتني .. فلو رأيتُ الحلم الذي نسجه لي ذلك الرجل الأرعن .. فأخشى أن أؤمن بهم ! يا رب أنت ملجأي ..
يا رب أنتَ ملاذي .. يا رب وجّهني إلى طريق الخير والصواب ..
لقد ظهرت خيوط الصبح وأنا لم أنم !!
أخشى أن أحلم .. يا رب ساعدني ... ثم ... أنسدلتْ أجفاني تغطي عينيّ بدون وعيٍ مني !!

وفي الصباح .. فتحتُ عينيّ بثقل شديد .. رأيتُه .. يذرعُ الغرفةَ ذهاباً وإياباً ..
إنه ينتظر نهوضي بفارغ الصبر .. وقَفْتُ أنظر إليه .. تذكرت !! .. جاء يهرول إليّ .. راجياً .. باسماً..
- هاه ماذا رأيتِ ؟! هل صدق . بالطبع صدق !!
أخبريني بالتفاصيل .. هيا
أسرعي .. لا أطيق الانتظار !! أخبريني .. فصّلي رؤياك .. هيا ..
يا إلهي .. تذكرت ماذا يقصد .. تنهدتُ بعمق ..
ثم ابتسمتُ أخيراً ابتسامة نصرٍ وثقةٍ
واختيالٍ وعُجب .. وازدراء !!!
- لا ... لا .. لا لم أحلم بما قاله وليّك ذاك !!
لم أحلم .. الحمد لله .. الحمد لله ..
ربي لك الحمد والشكر والثناء .. فقام من مكانه مدحوراً مذموماً ..
قال باهتمام :
- ليس من المشترط أن تكون الرؤيا في الليلة الماضية ..
من الممكن أن تكون الليلة .. أو غداً أو بعد غد .. أو ...
قاطعته بتحدٍ :
- ولكن هذا الرجل أكّد لي بأنها ستكون الليلة الماضية .. فلا مجال إذاً !!
آه .. يا رب لك الحمد ..
خرج من الغرفة غاضباً .. وسمعتُ يتمتم بكلماتٍ ساخطة ..
فضحكْتُ في قرارة نفسي على خذلانهم !


وللقصة تتمة بإذن الله
الرد مع إقتباس