عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 29-06-2002, 04:52 AM
عساس العساس عساس العساس غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2001
المشاركات: 245
Lightbulb براهين على زيف الديموقراطية وقصور منهجها عن تحقيق العدالة.

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، الذي شرع لِعباده ما يُصلح دنياهم ويسيرُ لهم بلوغ النعيم في أخراهم، وأنعم عليهم برحمة أهداها لهم لِتقودهم إلى السبيل التي تبلغهم رضوانه عنهم، صلى الله عليه وسلم، أما بعد:

في الواقع أن ما سأذكره ليس بجديد ولكنها مناسبات جديدة لِتأكيد هذه الحقيقة. فتعريف الديموقراطية المختصر هو: " حكم الشعب بالشعب ولِشعب. " فما ارتضاه الشعب والمفترض بالإجماع هو الشريعة التي يُحكم بها سواء كان في ذلك خروج على الفطرة السوية أو موافقة منحرفة لها، أو حق اهتدي إليه فطرياً.

وهذا ليس بميزان عادل كما أنهُ ليس بتفكير سوي، وها نحن نرى الأمثلة الفاضحة القائمة في واقع الحياة، كإباحة العلاقات الجنسية المثلية فيما بين الذكور وفيما بين الإناث، والعلاقات الزوجية بدون روابط شرعية، وأكتفي بذكر مثلان مشهوران تجنباً للإطالة. وكل ذلك من خلال الأنظمة البشرية الشركية الديموقراطية.

وكلنا يعلم اليوم أنه ليس هنالك إجماعٌ مطلق فالناس تتباين رغباتها تباين كبير، وما أستحسنه أنا قد لا يستحسنه غيري مطلقا وقد يستحسنه آخر مع بعض التعديل وهكذا. فإذا ما أخذنا عوامل أخرى متعددة منها المصالح الشخصية والرغبات أو القدرات الخاصة، لتأكدنا استحالة إجماع الناس على أمر ما مما دفع تدريجيا لِترجيح رأي الأغلبية والذي بدوره تتلاعب فيه مراكز القوى والنفوذ بكافة أصنافها العددية والقتالية والمالية والدينية والعرقية.

لذا وددت أن انتهز هذه الفرصة ـ لِلخبرين الذين سيأوردهما فيما يلي ـ تعزيز وجهة النظر حول زيف عقيدة الديموقراطية وبطلانها، لأنها دين وضعي شركي يتعارض بالكلية مع العقيدة الإسلامية التي تدعو لوحدانية الله عزََّّ وجل الذي خلق الإنسان وهو أعلم بما يصلح شؤونه.

فاللهُ هو الذي خلق العباد وهو عزَّ وجلَّ الأعلم بما يصلح حالهم، وأي جور يقع على المسلمين، هو من سوء التطبيق لِلأحكام الشرعية من قبل الحكام، وليس قصور في الشريعة الإسلامية ذاتها كما أن التطبيق الصحيح يتحقق بالفقه الصحيح، وبصلاح ولاة الأمر.

أعود لِلتفصيلِ شيئاً ما عن المعنى اللفظي لِكلمة ديموقراطية، لِلتأكيد على فساد هذا المنهج، فهي من جزأين الأول ديمو: ويعني الشعب وبقية اللفظة أصلها أُوكراسي: وتعني الهيمنة، فبالتالي هي هيمنة الشعب. ولا تكون هيمنة الشعب إلا بالإجماع، ومن المفترض أن هذا الشعب كله راشد عادل صالح حيادي، وهذا لم يكن متيسراً أبداً منذ البدء في هذه التطبيقات الإنسانية، ومنذ آلاف السنين التي خلت. فعندما كانت التجمعات السكانية لا تتجاوز الـ 500 أسرة، ويجتمعون في ساحات هذه المدن أو القرى لِيتخذوا قراراً ما في ما يختص بشؤونهم الحياتية، كان يتعسر عليهم الوصول لِلإجماع بيسر وسهولة. ثم بدأت التنازلات مع توسع القاعدة الشعبية عددياً، فمن الإصرار على الإجماع انتهى الأمر لِلأغلبية المطلقة أي التي كانت تتطلب نسبة عالية، حتى انتهت لأِغلبية 51%! أي أن هنالك 49% غير موافقون على كثير من التشريعات، وذلك في الاستفتاءات الشعبية العامة، أما القوانين والأنظمة التي تمرر من خلال المجالس النيابة، فغالباً ما تكون بأقل من تلك النسب بفارق كبير، أي أن عدد الممثلين عن الشعب، الذين صوتوا كانوا بنسبة 51% وقد يكون هناك متغيبون، وهناكَ ممثلو أغلبية وأقلية، وهكذا تصدرُ تشريعات بشرية بعيدة كل البعد عن تحقيق مصالح الجماعة، ولكنها تحقق مصالح ذوي النفوذ والسلطان. فأين الديمقراطية المزعومة، عندما يكون التشريع قد صدق عليه بنسبة فعلية لا تتجاوز 30% من أبناء مجتمع ما؟

وأقرب مثال تاريخي، هو فوز جورج بوش الابن، الرئيس الأمريكي الحالي، على منافسهِ الديموقراطي آل قور ". " بفرق أقل من واحد في المئة، فأين الأغلبية؟ هذه أغلبية صورية وهمية، في الحقيقة.

والسياسة الشرعية الإسلامية، تقرر أن الحاكمية والسيادة لله عزَّ وجلَّ، وأن السلطان لِلأمة، وعندما يُبايعُ ـ أي: يَنتخبُ ويَختارُ ـ أبناءُ الأمة أميرهم ـ أي وليَّ أمرهم ــ بناءً على توصية أهل العقد والحل من علماء الأمة الربانيين ـ أي الترشيح ــ فإنهم يُفوضون وليَّ الأمرِ هذه السلطات، فإذا ما حكم بما أنزل اللهُ حقاً وصدقاً، داوموا على طاعتهِ، وإذا خالف شرعَ اللهِ وبدل، تمت استعادة السلطان المفوض لهُ بخلعهِ.

فأي المنهجين أحقُ بالإتباع، المنهج الديموقراطي البشري الكفري أم المنهج الإسلامي. وهذا الأمر أجل من أن يبحث في عُجالة، بل لست كفء مثل هذا البحث ولكنها أبجديات المسلم المؤمن بصدق المنهج، فأرجو أن أكون وفقتُ في إيجازه.

مع المعذرة عن القصور فإن هذه المباحث الشرعية التي تمس حياة الأمة وجوهر عقيدتها، ويكفي أن أذكر بقول الله تعالى: { اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ }[البقرة:255]. فالعلم والهيمنة والسيادة في هذا الكون كلها لله تعالى ولا ينازعه فيها إلا كافر أو مشرك.

وها نحنُ نرى كيف يطوع أتباع الديموقراطية هذا المنهج لما يحقق ما صالحهم، فكيف يردون أن يفرضوا رئيس على شعب من خارج البلاد. فأمريكا ممثلة في شخص رئيسها هي التي تريد أن تفرض رئيساً وحكومة على الشعب الفلسطيني، فأين ذهب احترامهم لِلديموقراطية التي يعتبرون أنفسهم صناعها وحماتها.

وكم رأينا من التلاعب القبيح في تطبيقات الديموقراطية، في البلاد التي قلدت هذا المسلك الفاسد، فأتوا بمسخ أكثر قبحاً، وعلى رأسهم جميع الدول العربية التي تزعم الحكم الجماهيري وتسمي نفسها بالجمهوريات الحاكمة بالديموقراطية. وكذلك بقية الدول الإسلامية التي غالبية سكانها من المسلمين المضطهدين بصورة مماثلة للأقلية الإسلامية في بلاد الكفار. وها هو برويز مشرف يغير وتلاعب في الدستور باسم الديموقراطية التي صدقت عليه أصلاً من خلال هذه المؤسسات التشريعية الباطلة.

فهل يدرك إخواننا وأبناءنا المسلمين المغرر بهم والمفتونون بهذه النظم بطلانها وزيفها، وأنها ما أوجدت إلا لِتحقيق مصالح أصحاب النفوذ مع إطلاق الحريات البهيمية لِعامة الناس لإِلهائهم فقط، ولا غير ذلك.

هذا رأي الذي أدين به لله جلَّ وتقدس، وأرجو به القربى إليه والأجر منه.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أخوكم المُحب في الله تعالى / أبو محمد ؛ عساس بن عبد الله العساس.


والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, وأخر دعوانا أن الحمد للهِ رب العالمين.
__________________
" المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير. " ؛ " يعجبني الرجل إذا سيم خطة ضيم قال لا بملئ فيه. "