عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 06-01-2007, 06:44 PM
القاضى الكبير القاضى الكبير غير متصل
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: Feb 2006
المشاركات: 337
إفتراضي

ليس الدليمي فالدليمي معروف للجميع الآن فهو المطلوب الأول علي قائمة فرق الموت، ولعلمك فإن صورنا جميعا معلقة في بغداد بما فيها صورة شخصي المتواضع والمطلوب فيها قتلنا جميعا في أي مكان في العالم.

.. كيف كان حديثه عن مصر ومصر قد ساهمت في تشكيل وجدانه الخاص في الفترة التي قضاها بالقاهرة؟

- المكان الوحيد الذي كان عندما يتحدث عنه لا يفرق بينه وبين العراق ، وحالة العشق التي يكنها لمصر وشعبها كانت تتجاوز الحدود وتثير حفيظة بعض أصدقائنا العراقيين أحيانا ، فقد كان عاشقا لمصر ويعلم طبيعة ومعدن المصريين البسطاء.

.. هل كان يفرق بين مصر الآن ومصر عبدالناصر؟

- الحديث عن مصر عبدالناصر ، كان بالطبع مختلفا ، ولكنه كان ذكيا لدرجة أنه لم يحاول الاساءة إلي مصر الآن وكان يلتمس لسياسييها الاعذار عندما كنا ننتقد أمامه النظام المصري.

.. أعذار مثل ماذا؟

- أعذار مثل أنهم مضغوط عليهم من الأمريكيين وما تحت يدهم من أدوات لا يساعدهم فضلا عن أن الضغط القادم من واشنطن شديد ، فقد كان يحاول التماس الأعذار لدينا من شدة هجومنا علي النظام المصري والأنظمة العربية.

.. أي كان محامي الأنظمة أمام هجماتكم اللفظية؟

- نعم كان محاميهم أمامنا ويلتمس لهم العذر في تأييد الولايات المتحدة.

.. هل كانت هذه اللقاءات تأخذ مسحة الجدية؟

- أبدا فقد كان اللقاء يبدأ بالتحيات والسؤال عن الصحة والعافية والأسر والزاوج والطلاق وبعض النكات المصرية.

.. هل كان هو الذي يطلقها؟

- أنا كنت دائما ألقيها عليه فقد كان يطلبها مني ولكن بصنعة لطافة.

.. ما آخر نكتة قلتها أمامه؟

- لا أتذكر ، ولكنه كان يتعمد أن «ينكشني» ليس لإلقاء نكتة فحسب بل للممازحة كما يحدث في أحاديث المصريين اليومية.

.. هل تحدث إليكم عن شعوره بالذنب من أي فعل قام به؟

- كان واضحا جدا في أن هناك أخطاء قد ارتكبت وأنه مسؤول عن هذه الأخطاء.

.. ما الأخطاء التي اعترف بها أمامكم؟

- لم نتحدث بشكل مفصل عن المسألة لأن الأجواء لم تكن تحتمل.

.. هل شعرت بإحساسه بالذنب؟

- ليس شعورا بالذنب بل إحساس بأن هناك أخطاء أدت إلي هذه النتائج التي يشهدها العراق ، وعندما نتحدث عن كونه أقر بأن هناك أخطاء أدت إلي احتلال العراق فهذا يعني أنه كان بينه وبين نفسه يشعر بالندم، ربما كان هذا يحدث ، وخصوصا مع شخص علي شاكلته فإحدي ميزاته أنه كان لا يهرب من أي مشكلة حتي أثناء المحاكمة وبالتالي فهو قادر علي مواجهة مشكلاته، وهو ما بدا في مواجهته للمشنقة فقد واجهها برفض تغطية وجهه ،

فلم يكن صدام يهرب من الأزمات وكان ذلك جزءا من تكوينه الشخصي وبالتالي كان قادرا علي مواجهة نفسه بأخطائه واتصور أن العمر لو امتد به قليلا والمحاكمات انتهت بشكل أو بآخر كنا سنسمع تفاصيل أكثر.

.. ألا تري أن هذا الاحساس بارتكاب أخطاء جاء متأخرا؟

- عندما يتذكر أخطاءه لا يمكنه أن يتهم نفسه بالتأخر في اكتشاف هذه الأخطاء ، وعندما ترتكب الخطأ لا يمكن أن ترتكبه وأنت متعمد إلا إذا كنت أحمق ، وأنا لا أعتقد أن أحداً يمكنه أن يتهم صدام بأنه أحمق وبالتالي فهو ارتكب أخطاء كبيرة وعظيمة بقدر تجربة العراق العظيمة والكبيرة والتي لا ينكرها إلا غبي ، شأنها شأن سياسة عبدالناصر في مصر فلا ينكرها إلا غبي حتي لو اختلفنا مع عبدالناصر وسياساته ، فلا يمكن أن ننكر أن تجربة عبد الناصر عظيمة وثرية قد تختلف معها مائة في المائة ولكن لا يمكن أن تصفها بغير أنها تجربة مهمة في التاريخ المصري.

.. وبالنسبة لقضية الدجيل كيف كان يراها ؟ وهل اعتبرها أحد أخطائه؟

- لم تكن هناك قضية وكان يراها كذلك مثلنا جميعا ، فالأمر كان يتعلق بمحاولة لاغتيال رئيس جمهورية ، وتم القبض علي المئات وأطلق سراح معظمهم وتم محاكمة ١٤٨ شخصاً وانتهي الأمر بإعدامهم فأين الموضوع في ذلك ، فمحاولة اغتيال جورج بوش في الكويت التي فشلت دعته إلي دك العراق ٤ أيام متتالية بقنابل عنقودية ،

فأي قضية يتحدث عنها هؤلاء خصوصا أن حزب الدعوة الشيعي يتباهي بأنه هو الذي خطط لمحاولة الاغتيال ووقتها كان أنصاره يعيشون في إيران أي في دولة في حالة حرب مع العراق ، وكونه خاطئا أو لا فهذا موضوع آخر ، أما في العرف القانوني فهم خونة عملاء ، وأريد أن أضرب مثلا .. تخيل أنه أثناء حرب ٧٣ جاء شخص ما لاغتيال الرئيس السادات فماذا سنسميه بغير الخيانة؟

.. يري البعض أن إعدام صدام لم يكن إعداماً بل اغتيال.

ـ كنت أول من استخدم تعبير الاغتيال لوصف ما حدث مع صدام حسين، فقد كان اغتيالاً بغدر وخسة، فما حدث لم يرتكز علي أسس قانونية أو سياسية، ولست متجاوزاً إذا قلت إن ما حدث ضرب بكل القيم الأخلاقية والإنسانية عرض الحائط، وأسوأ ما في الأمر أن المشاعر الإنسانية لم تراع ومسألة ضرب القوانين قد نستوعبها لأننا نراها يومياً في دولنا، لكن عدم احترام المشاعر والقيم الإنسانية في إعدام شخص تحت الأسر وتصويره وتعمد إهانته وهو علي حبل المشنقة، فلا أعتقد أن هناك شخصاً عاقلاً يقبل بمثل هذا الأمر.

.. ما تقييمك كقانوني للمسألة برمتها؟

ـ الموضوع في الأساس قرار سياسي من أمريكا وجورج بوش شخصياً، ودعني هنا أفرق بين بوش وعناصر كثيرة في الإدارة الأمريكية، وعندي يقين بمعلومات أن جزءا من الإدارة الأمريكية ضد السياسة الأمريكية في العراق، ولكن بوش بصلاحياته الدستورية كان صاحب القرار الوحيد، فهو الذي أصر علي أن يصل الأمر إلي هذا المدي حتي تم وصفه بـ«الغبي».

.. كانت هناك مجادلة بين صدام والقائمين بإعدامه أثناء مشهد الإعدام.. ألا تري أن ذلك المشهد يتناقض مع جلال واحترام فكرة الموت والقصاص؟

ـ كان هؤلاء يعوون كالكلاب في مواجهته ونادوا باسم مقتدي الصدر وبالتالي فهؤلاء من فرق الموت التابعة لجيش المهدي الممولة إيرانياً، فقد كانت هناك نزعة طائفية في إعدامه، وهي مسألة لا يقبلها عرف ولا قانون، وأنا مع ليدو زميلنا الفرنسي في هيئة الدفاع الذي تقدم الأربعاء الماضي بطلب للمفوضية السامية لحقوق الإنسان لفتح تحقيق دولي في واقعة اغتيال صدام حسين.

.. هل تحركت في دفاعك عن صدام حسين من منطلق قومي أم مهني؟

ـ بالتأكيد ليست المسألة فرصة مهنية بالنسبة لي، فقد كانت المسألة متجاوزة ذلك، فأنا لا أقبل علي أي نحو أن تقوم الإدارة الأمريكية وتحيل قائداً وزعيماً إلي المحاكمة حتي ولو كنت شخصياً ضد الرئيس، فلو مثلاً تصورت أني ضد حكم الرئيس مبارك وأنا ضده، واحتل الأمريكان مصر فسأكون بجانب حسني مبارك ولو قدر له الإحالة إلي المحاكمة سأكون أول المتطوعين للدفاع عنه، ليس بصفته ولكن لأن هذه الحالة مهانة لنا جميعاً، ولذا فقد كنت في محاكمة صدام حسين أدافع عن نفسي.

.. هل أنت مرتاح لوصف صدام بالشهيد في ظل كل ما أثير عنه وورد في حديثك عن أخطائه؟

ـ أنا مرتاح تماماً لوصف الشهيد وهو وصف لا يليق إلا بمن هم علي شاكلة صدام حسين، بمعني أنه لو كان الأمر قد تعلق بمحاكمة تتحقق فيها شروط المحاكمة العادلة لكان الأمر قد اختلف، أما عندما يحتل بلد ويؤسر قادته السياسيون ولا يعاملون كأسري حرب بل يعاملون كمجرمين ويقف هؤلاء القادة شامخي الرؤوس في مواجهة المحتل وأذنابه من الخونة، ثم مشهد الإعدام نفسه، كل ذلك يجعل منه شهيداً، ولحظة الإعدام تمسح كل الأخطاء التي سبقته في تقديري.

.. ما النقاط التي احتواها دفاعك عن صدام؟

ـ كان دفاعي في الشكل والموضوع فيما يخص المحاكمة، فدافعت بأنه لم يتوافر الحد الأدني من حقوق الدفاع، ولم تتوافر شروط المحاكمة العادلة، ولم يمكن الدفاع من الإدلاء بدفاعه أصلاً ثم لم تقرأ مذكرات الدفاع ويرد عليها عند الحكم الأول، والأخطر من ذلك أن محكمة التمييز قد أصدرت حكمها بالتصديق علي الحكم في ثمانية أيام مع الأخذ في الاعتبار أن الحكم صدر فيما يزيد علي ٣٧٠ صفحة والمذكرات المقدمة من الدفاع تزيد علي ١٥٠٠ صفحة فضلاً عن أن القضية نفسها كانت صفحاتها تزيد علي ١٣ ألف صفحة فكيف يمكن لمحكمة التمييز ـ تعادل محكمة النقض المصرية ـ أن تقرأ صفحات القضية والحكم ومذكرات الدفاع في ثمانية أيام، خصوصاً أن القانون يلزم محكمة التمييز بأن ترد علي كل سبب من أسباب الطعن علي الحكم، وبالتالي فمن الواضح أنه لم يكن هناك أي شرط من شروط المحاكمة العادلة سواء في المحكمة الأولي أو في محكمة التمييز.

.. هل قص لك أحد زملائك من المحامين شيئاً عن آخر ٢٤ ساعة في حياة صدام؟

ـ في اليوم قبل الأخير التقي به ثلاثة من فريق الدفاع وهم الدكتور وديد فوزي «محام عراقي» والدكتور أحمد الصديق «محام تونسي» والأستاذ عصام غزاوي «محام أردني».

.. ماذا حدث خلال هذا اللقاء؟

ـ في هذه الزيارة كان يحاول فريق الدفاع إطلاعه علي أن الأمور تتسارع نحو تنفيذ الحكم وأنهم ربما يقومون بتنفيذ الحكم خلال أيام قليلة، واستمر اللقاء حوالي ٣ ساعات.

.. هل جري ذلك فقط في هذا اللقاء أم تطرق الحديث إلي مفاوضات أو خلافه لتأجيله أو تخفيفه؟

ـ كانت هناك محاولة قانونية منا لوقف تنفيذ الحكم عبر دعوي قانونية في الولايات المتحدة، قد طلب ـ هو ـ ألا يزج به في مطالبات بوقف حكم الإعدام أو تخفيفه وكان ذلك قراره الواضح، أي رفض أن يطلب بنفسه إيقاف تنفيذ الحكم أو تخفيفه.

منقول

القاضى الكبير
__________________