عرض مشاركة مفردة
  #23  
قديم 17-01-2007, 07:01 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

موقفه من القضية الكردية .. واستلام ملفها عندما كان نائبا لرئيس مجلس قيادة الثورة ..

لا يوجد دولة على سطح الكرة الأرضية تخلو من أقليات قومية، وهناك دول تكاد القوميات فيها تتعادل من حيث الأعداد ففي الهند مثلا حصر العلماء سكان الهند الذي يزيد عددهم عن مليار بسبعة فروع رئيسية هي : التركي ـ الإيراني، والهندي ـ الآري، والسكايثو ـ درافيديان و الآري ـ الدرافيدي المعروف بالهندستاني، و المنغولي ـ الرافيدي و نمط هملايا الممنغل، والسابع : الدرافيدي*1 .. وتختلف لغاتهم و دياناتهم وغيرها إلا أنهم انصهروا بقومية نسبت الى (الهندية) وكذلك يمكن القول عن الصين والولايات المتحدة وغيرها، ولسنا بصدد التوسع في هذا الشأن.

هل حقا أن الأقليات في الوطن العربي مضطهدة؟ يمكن الإجابة على هذا السؤال بسؤال آخر مفاده هو أن الأكثرية من أبناء الوطن العربي مضطهدة، فيمكن أن تصل نسبة المضطهدين من سكان الوطن العربي، الى 90% من السكان، لصالح قلة ترتبط بالحكم الذي يسود في غالبية الأقطار العربية ويرهن بقاءه بعلاقات دولية ليضمن بقاءه. وما تفتأ تلك الدول الخارجية أن تستخدم ورقة الأقليات في الوطن العربي لتضغط بها على الحكومات التي لا تطيعها..*2

لقد ظهرت مسألة الأكراد في العراق كما ظهرت مثيلاتها في إيران وسوريا، منذ عام 1920 وذلك عندما تغاضت الدول المنتصرة في الحرب العالمية الأولى في معاهدة سيفر عن مصطفى كمال أتاتورك، إذ تجاهلت وضع الأكراد في معاهدة (لوزان 1923) .. مما جعل قضيتهم مصدر قلق للدول التي يتواجدون بها، وظهر اتجاهان بين الأكراد: أحدهما يدعو للحوار والتفاوض والآخر يدعو الى حمل السلاح وانتزاع الحقوق بالقوة. وقد أتيحت الفرصة أثناء الحرب العالمية الثانية أن يتجمع المسلحون الأكراد في الجانب الإيراني، ليستغلوا وضع اقتسام الروس والإنجليز لإيران أثناء خلع (رضا بهلوي) الذي كان مناصرا لهتلر وتنصيب ابنه (محمد رضا) على عرش إيران. واستطاع الأكراد أن يقيموا دولتهم (مهاباد) التي استمرت عدة شهور قبل أن يهرب (الملا مصطفى البرزاني) الى الاتحاد السوفييتي، لتحكم عليه الدولتان (إيران والعراق) بالإعدام غيابيا .. ولم يعد الى العراق الى بعد عام 1958 ولم يسقط عبد الكريم قاسم حكم الإعدام عنه، ولكن الحكم لم يرفع عنه إلا بعد ثورة 17تموز عام 1968. *3

استشعر البعثيون الذين حكموا منذ عام 1968 العراق، بأن القضية الكردية هي قضية عراقية، وأحسوا بأن أعداء العراق يستغلونها أسوأ استغلال لمشاغلة العراق عن المضي قدما في تطوير إمكانياته، فكانت إيران تدعم جناحا و الكيان الصهيوني يدعم جناحا، وأصبحت المتاجرة بالقضية الكردية مصدرا مربحا لفئات نصبت نفسها للتكلم باسم الأكراد .. وعندما صدر بيان 11/3/1970 والذي يمنح الأكراد حكما ذاتيا، يعتبر متطورا على كل المشاريع التي تواجد الأكراد فيها تاريخيا وجغرافيا، امتعضت إيران وبعض القوى التي تدور بفلكها، وحاولت تصعيد دعمها للفصائل الكردية التي تنصل قسم منها من الاتفاق، لتخوض القوات العراقية حربا ضد الانفصاليين المدعومين دوليا وبالذات من إيران، وبعد توقيع اتفاقية الجزائر عام 1975 الذي يقضي باقتسام الملاحة في (شط العرب) توقف الدعم الإيراني للأكراد ..*4

لقد أطلق الحكم الذاتي طاقات الشعب الكردي، ودخل الأكراد في الحكم بما يتناسب مع حجمهم فكان نائب الرئيس (طه محيي الدين معروف) ونائب رئيس مجلس قيادة الثورة (طه ياسين رمضان) وكان مجموعة من الوزراء الأكراد، وانطلقت الثقافة الكردية لتمارس دورها بجريدة (هاوكاري باللغة الكردية) و(التآخي ـ العراق) بالعربية .. كما لم تنس الحكومة المركزية نصيب منطقة الحكم الذاتي من مشاريع ضخمة عربية مشتركة خططت لها الجامعة العربية، واختارت الحكومة المركزية منطقة الحكم الذاتي لها ..

وفي حديث للشهيد مع إعلاميين أكراد ركز بفطنة بالغة على نقاط نلخصها بتصرف (دون الالتزام بالنص لطولها) :
1ـ استاء الشهيد من ظاهرة أنه عندما يتم سؤال مواطن من أين أنت فيجيب المواطن بأنه كردي بدلا من أن يقول أنه من السليمانية أو من أربيل مثلا، مقارنة بسؤال لمواطن آخر من أين أنت ليجيب : من البصرة وليس عربي !

2ـ انتقد الشهيد عبارة الأخوة الأكراد، التي تجعل ضمنا حاجزا بين شرائح الشعب، فلو قيل الأخوة السوريين لكانت مقبولة. ويذكر بأن ابن (ميسان) مثلا لا يستنكف من الاعتزاز بذكر ارتباطه تاريخيا بصلاح الدين العراقي الكردي، وعليه لابد للأكراد أن ينظروا الى انتمائهم من هذه النقطة التي تدلل على انصهارهم بعراقيتهم لا بقوميتهم .

3ـ أشر الشهيد على ظاهرة الإحساس بعدم انتماء الأكراد، لما يطرح بصيغ معينة في الإعلام عندما يقال أن (صدام بطل التحرير القومي) .. فيحس الأكراد كما يحسوا بأن شعار الحزب (أمة عربية واحدة.. ذات رسالة خالدة) بأن هذا الكلام لا يعنيهم .. وعندما تفهم المقاصد العميقة لهذا الكلام بأن دستور الحزب عندما يذكر الأمة العربية، فهو لا يعني العرب منهم فقط بل يعني كل من تعايش في البقعة التي تسمى بالوطن العربي، وتكلم بلسان العرب وفكر وقرأ وحلم وكون تراثه الديني والأدبي بمحاذاة أبناء العرب فهو ابن الأمة العربية، ويطوله من مجدها و هزائمها كما يطول العربي ..

4ـ لقد أشر الشهيد على مسألة في غاية الأهمية، عندما شجع الإعلاميين الأكراد لتغطية خصائص الشخصية الكردية، من فنون وآداب وشعر ولغة، حتى لا تبقى تلك القضية دون إشباع. وينطلق بعدها الأكراد لتحمل مسئولياتهم كشركاء حقيقيين في بناء نهضة العراق والأمة العربية في آن واحد.

5ـ لقد نوه الشهيد الى قضية الالتزام بالدفاع عن العراق كشركاء، فالتهرب من خدمة العلم، رغم التساهل في التعامل مع الأكراد بشكل الخدمة ومدتها، ففي حين كانت سنتين للعربي مع إبقاء فترات يستدعى فيها الاحتياط حتى عمر فوق الأربعين عاما.. كانت بضعة شهور للكردي و في أماكن غير الجبهات.. تيسيرا لهم ..
وقد حلف يمينا أنه لولا قدرة العراق بجيشه لكانت الأنبار كما هي المحافظات الكردية لقما سائغة أمام الفرس المجوس *5


المراجع:
*1ـ الوحدة العربية ـ المشكلات والعوائق/ناجي علوش/ الرباط/ 1991/ المجلس القومي للثقافة العربية.
*2ـ حديث لقيادة البعث في اجتماع لطلبة المغرب العربي في دمشق عام 1955
*3ـ الجزيرة: د عبد الحسين شعبان .
*4ـ المصدر السابق .
*5ـ حديث لصدام حسين خلال مشاركته في مناقشة ورقة عمل دار الثقافة والنشر الكردية بتاريخ 9/3/1983
__________________
ابن حوران