عرض مشاركة مفردة
  #27  
قديم 27-01-2007, 06:19 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

8ـ موقفه من العلاقات الدولية ..

العلاقات الدولية.. يعني هذا المصطلح والذي هو جزء من علم السياسة، بمجمل المبادئ وأحكام وضوابط العلاقات والاتصالات بين الدول أعضاء المجتمع الدولي في مختلف الميادين السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والقانونية. وتنظم أصول التعاون وحدود الخلاف والصراع في شتى الميادين. وإن كان هذا النوع من العلم حديثا نسبيا، إلا أن هناك الكثير من المؤرخين والفلاسفة القدماء قد تحدث عنه وذكره، من المؤرخ الإغريقي (توكليدس) الى ابن خلدون الى ميكافيلي وفلاسفة صينيون وهنود قدماء أمثال (مينسيوس الصيني) في القرن الرابع قبل الميلاد والفيلسوف الهندي (كوتيليا) الذي كان رئيسا للوزراء في عهد الإمبراطور (شندرا غوبتا) 326ـ298ق م .

لقد انتبه الشهيد الى هذا الجانب، وشجع تكوين المهارات في هذا العلم الحديث حتى غدا العراق يضم خيرة الخبراء في العلاقات والقانون الدولي وكلنا يذكر الدكتور (رياض القيسي) (الوكيل الأقدم لوزير الخارجية) الذي يعتبر واحدا من أفضل أربعة خبراء بالقانون الدولي بالعصر الحديث والذي تحدث ثلاث ساعات أمام مجلس الأمن دون أن يغادر المكان أي من المستمعين أو يقاطعه أحد.

الواقع السياسي في الربع الأخير من القرن العشرين

تشابه العقدان السابع والثامن من القرن العشرين في منطقتنا العربية، ففي حين كانت بداية العقد السابع قد أوجدت عددا من الأقطار العربية التي نالت استقلالها، إضافة لصعود مجموعة من القيادات الوطنية في عدد آخر، انتهى العقد بهزيمة حزيران/يونيو 1967 وفتنة أيلول/سبتمبر بالأردن بين الجيش الأردني وفصائل المقاومة. كذلك كان العقد الثامن الذي تجلى بحرب استنزاف ضد الكيان الصهيوني كانت في مجملها انتصارات لم تأخذ حقها من الشعور بالاعتراف بها، وقادت الى انتصار حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973 واستخدام النفط كسلاح فيه، إلا أن هذا النصر قد صودر والتف عليه ليتحول في نهاية العقد الى عزل مصر وبداية الانهيار في صلابة الموقف العربي تجاه الاعتراف بالكيان الصهيوني وكان هذا في نهاية العقد الثامن.

لم تكتف الدوائر المعادية في إخراج مصر، بل عرضت عليها مشروعا من خلال مستشار الأمن القومي الأمريكي، لفك عزلتها بعدما تم نقل مقر الجامعة من القاهرة الى تونس، وكان العرض يتضمن فكرة التخلص من سلاح مصر السوفييتي بثمن تدفعه (الولايات المتحدة والسعودية)*1 مناصفة عندما يذهب الى مقاتلين أفغان ومسلمين لطرد الاتحاد السوفييتي الشيوعي من أفغانستان. فكان شكل الحملة وعنوانها (إيماني) حتى أصبح الرئيس السادات يسمى ب (الرئيس المؤمن) .. أما خفاياها فكان يقصد بها تجميع الشباب المسلم المحتقن نتيجة الانكسارات المتلاحقة للأمة وزجه في تلك الحرب للتخلص من السوفييت الذين تشفوا بخروج أمريكا مهزومة من فيتنام أولا، ولتخليص الأنظمة صديقة الولايات المتحدة العربية من عناصر تشكل خطرا عليها ثانيا (حسب خطة كيسنجر ـ اللعب بالورقة الدينية والطائفية) .. وجعلهم تحت المراقبة فيما لو كتبت لهم النجاة من الحرب..

كان خروج الاتحاد السوفييتي من المنطقة بعد طرد الخبراء السوفييت من قبل السادات، قد دفعهم في تنشيط أدوارهم ومصالحهم كبديل لخسارة مصالحهم في المنطقة الى إفريقيا .. فنشطوا في موزنبيق وأنغولا و إثيوبيا (هيلا مريام) .. وتركوا المنطقة ليصبح التوازن في الإرادة السياسية لقوى كانت متنحية قبل تلك المرحلة، وأصبحت السعودية هي اللاعب الأنشط والأكثر أوراقا والأكثر تأثيرا في المجموعة العربية .. وقد ازداد دور السعودية، في التغيير الذي حصل في إيران والذي لم تتمكن الدوائر الإمبريالية من تسييره بالشكل الذي تمنته، بعد إبعاد أبو الحسن بني صدر وصادق قطب زادة وغيرهم ممن كان يعول عليهم في تورث الشاه المبغوض ..

رؤية الرئيس صدام حسين في العلاقات الدولية

1 ـ إن منطقتنا العربية من المناطق الحساسة وتكاد تكون أكثر منطقة في العالم أهمية، لا من حيث الثروات الموجودة فيها فحسب، بل لموقعها الجيوسياسي. وعليه من الأفضل أن يهتم بمنطقتنا عدة مراكز قوى عالمية وليس مركزان فحسب. حيث إذا كان هناك مصالح لأوروبا و اليابان والهند والصين وغيرهم، عدا القطبين (الأمريكان والسوفييت) .. فإن الرؤية السياسية تستوجب التفنن في مخاطبة تلك المراكز وترتيب الاتفاقيات بما يلاءم مصالح تلك المراكز، والابتعاد عن مخاطبتها عن طريق ثالث يمر بالقطبين ..

2ـ ليس المطلوب أن تكون قرارات الدولة العراقية صائبة بالحسابات الموضوعية والعلمية فحسب، وإنما المطلوب إضافة لذلك أن تحافظ وتطور جسور العلاقة النفسية بين العراق والشعب العربي، وأن تعمق و تبقي جسور من الثقة بينها وبين أوساط عالمية من المهم معرفة رأيها في القرارات التي يتخذها العراق، ويجب أن تكون تلك القرارات مقنعة من حيث توقيت اتخاذ القرار وطريقة إخراجه.

3ـ إن العالم في هذا الوقت يتغير بسرعة غير مألوفة، وحتى نتغير معه محافظين على مصالحنا وأمننا، يجب أن تكون حركتنا متناغمة مع سرعة التغير فيه، وإن لم نستطع استغلال الظرف السياسي في عينة من الوقت للتأثير في مساحة معينة من العالم، فقد يتطلب التأثير عليها وقتا قد يطول حتى تعود الدورة مرة أخرى. وحتى يتحقق لنا ذلك، يجب علينا الانطلاقة من كوننا أمة واحدة بمساحتها وإمكانياتها وسكانها، وهنا ترتبط العلاقة بين تأثيرنا الدولي طرديا مع تقوية نسيج اللحمة العربية لنتمكن جميعا من الحديث ككتلة واحدة.. وعلينا أن نتنبه أن أعداءنا لن يتركوا فرصة واحدة لإحباط هذه الحالة لدى العرب.*2

4ـ لقد أقر الرئيس صدام حسين لكل دول العالم بالعمل لمصلحة بلادها ومواطنيها، وسيتم التعامل مع تلك الدول وفق احترامها لمصالحنا كعرب و خصوصيتنا، دون استغفال، و بالقدر الذي تتقارب رؤية دول العالم مع قضايانا المصيرية بقدر ما تتقوى العلاقة معها.*3

5ـ سياسة العراق مع دول عدم الانحياز .. فلا للأحلاف العسكرية .. ولا للقواعد العسكرية في المنطقة .. ولا للنشاط العسكري في المياه العربية.

6ـ لقد ربط الرئيس صدام حسين استقلال الرأي والسيادة العامة على الوطن باستقلال التسلح وتنوعه والتفنن في تنويع مصادره، وتطويره وطنيا، حتى لا ترهن إرادة الوطن بتوارد كميات السلاح المعتمد كليا على دولة بعينها، فكانت فكرة التصنيع العسكري بطريقته التي حيَرت العالم، هي العمود الفقري للشخصية الوطنية لعراق صدام حسين.

فرية تتكرر:

يرمي أحباب الولايات المتحدة الأمريكية، العراق، بأن أمريكا هي من دعمت العراق في حربه ضد إيران وهي من أمدته بالسلاح .. في حين يستطيع أي مبتدئ في البحث أن يعرف أن حجم استيراد العراق من الأسلحة من الدول الغربية مجتمعة لا يصل الى 4% من مجموع استيراده طيلة 35 عاما، ويكاد نصيب الولايات المتحدة، أن يكون قريبا من الصفر .. والقضية التي سربتها المخابرات الأمريكية بالتعاون الاستخباراتي المحدود الذي رافق الحرب العراقية الإيرانية. في حين أوكل للكيان الصهيوني بإمداد إيران بالمعلومات والسلاح والذخيرة والتعاون، والذي ترافق بضرب مفاعل تموز النووي العراقي. والغاية من وراء هذا التسريب والفوضى الإعلامية هي اعتبار أن العلاقة مع أمريكا شيء معيب، لو يستحي من يثيرها لتوقف عن ذكرها، خصوصا إن كانت علاقته بأمريكا واضحة للعيان!

المراجع:
*1 ـ مجلة وجهات نظر المصرية/ عدد آب/أغسطس 2003
*2ـ حديث الشهيد الى سفراء الجمهورية العراقية في دول أوروبا الغربية واليابان بتاريخ 12/6/1975
*3ـ صدام حسين/المختارات/الجزء الخامس/ الموضوعات السياسية.
__________________
ابن حوران