عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 08-02-2007, 03:48 PM
الحقيقة. الحقيقة. غير متصل
عضو مشارك
 
تاريخ التّسجيل: Feb 2006
المشاركات: 856
إفتراضي سمات الشخصية المتطرفة

سمات الشخصية المتطرفة



اعتادت المجتمعات العربية التعامل مع الظواهر الاجتماعية الجديدة سلبية كانت أم إيجابية من خلال دراسة جوانبها السياسية والاجتماعية والاقتصادية إلا أن الجانب النفسي لم يتم اعتباره بشكل كاف رغم أهميته وإذا تم إدراجه فغالبًا جوانب اجتماعية بحسبانها نفسية.

في هذه الورقة محاولة لتفعيل الجانب النفسي في دراسة ظاهرة الغلو في المجتمع السعودي بشكل محدد مختصر من خلال دراسة ما يلي:

أولاً: هل هناك ما يسمَّى بالشخصية المتطرفة؟

ثانيًا: هل هناك سمات محددة للشخصية المتطرفة؟
ثالثًا: هل التطرف استعداد جيني لدى الفرد أم نتاج لظرف اجتماعي أو سياسي؟

هذه الورقة ليست بحثًا متكاملاً وإنما قراءة في أنماط الشخصيات المختلفة لمراجعة افتراض الباحث:

«إن الغلو والتطرف ليس نتاج شخصية محددة، فالشخصية بذاتها لا تكوّن تطرفًا، فالتطرف منهج فكري أكثر منه حاجة نفسية، والتطرف فكر بذاته ينتقيه أفراد وينجذبون إليه لأسباب اجتماعية بشكل أساسي».

الغلو والتطرف

سنتعامل في هذه الورقة مع الغلو باعتباره مفهومًا سلوكيًا دينيًا يتمسك بالحد الأعلى المطلوب دينيًا وهو - عادة - حر في التفكير، وجداني، في أساسه فكرة الخوف من الوقوع في الخطأ، وعادة ما يتجنب الغالي غيره من ليس على شاكلته دون أن يعتدي عليه.

أما التطرف فهو انحراف فكري حيث تحرّف المبادئ الدينية، بل وتعطى قيمة عكسية، مثل: أن القتل مباح والسرقة مباحة والاعتداء مباح بدعوى أنه يخدم غرض وفكر التطرف! والتطرف انحراف سلوكي تدميري فيه أقصى قدر من محو الآخر دون وجود خطة واقعية بديلة لتغيير ناجح لما أراد تغييره.

ومن الملاحظ أن مجموعة التطرف تتشكَّل من كل حدب وصوب من شخصيات وطبقات اجتماعية مختلفة، فليس نتاج مجموعة أو طبقة اجتماعية محددة.

وفي العادة، يُمر المتطرف - أيًا كان - بإعادة تشكيل نفسي حيث يعزل عن ذاته ومجتمعه ثم يعاد بناؤه من جديد بفكر وسلوك التطرف.

ما الشخصية؟

هي سلوك متأصل في نفس الفرد مستمد من موروثه الجيني والتربوي يتميز به كل فرد عن من سواه.

بمعنى أن هناك استعداد جيني لدى الفرد لانتهاج سلوك معين في الحياة يتزاوج مع أسلوب التربية في فترة الطفولة والمراهقة فينتج الفرد بسماته المختلفة (مثلاً حساس، شكاك، عنيف، نرجسي، متردد،...)

ولا يقتصر التأثير غير الجيني على أسلوب تربية الوالدين وإنما تتأثر شخصية الفرد بأفكار المجتمع المحيط به وحديثًا بأفكار العالم الواسع الكبير.

ولإثبات أثر الموروث الجيني تم دراسة التوائم المخلقين من بويضة واحدة وتربيا في نفس البيئة فوجد أن هناك اختلافًا في نمط الشخصية، ما يثبت أنه قد يحدث اختلاف في الشخصية بين فرد وآخر، رغم التماثل البيئي وشبه التماثل الجيني.

ولتوضيح أثر البيئة؛ فلو أن طفلاً أمريكيًا تربى لدى أسرة سعودية في السعودية لنشأ سعودي الفكر والسلوك في حين تختلف عنه شخصية أخيه التوأم الموجود في أمريكا.

من الإنسان السوي (الشخصية السوية)؟


لا يوجد تعريف ووصف محدد في كتب علم النفس والطب النفسي للإنسان السوي. وإنما وردت صفات النفوس غير السوية فمن لا يتصف بها بشكل جلي فهو أقرب إلى السواء. وتزداد درجة السواء لدى ذلك الإنسان كلما كانت تلك السمات غير السوية أقل ظهورًا عنده.

وهناك تعريف إحصائي للشخصية السوية وهو: «أن الشخصية السوية هي ما يتفق المجتمع عليها أنها الصورة المرضي عنها سلوكًا وفكرًا ومشاعرًا» وهذا يعكس لنا الأثر الاجتماعي في تعريف الشخصية السوية؛ ولذا فلو أن فردًا يهوديًا كان يشعر بالاستعلاء على غيره ويستخدم العدوانية لحماية ذاته ويسعى لاستخدام الآخرين بكل وسيلة ولو كانت غير مشروعة فإن هذا الفرد يعد سويًا بالتعريف النفسي للشخصية وذلك لاتفاق الجماعة التي ينتسب إليها على مواصفات ومثاليات معينة للفرد السوي، ويمكن قياس مثل ذلك على مجتمعات أخرى!

ما اضطراب الشخصية (الشخصية غير السوية)؟
هي نمط من السلوك والخبرات الشخصية لدى الفرد تختلف وتشذ عن ما يتوقع من مثله في مجتمعه. ويتمثل ذلك في:

1- غرابة طريقة تفكيره في ذاته والناس والأحداث من حوله أي في طريقة تقويم الأحداث والمواقف.

2- عدم اتزان مشاعره وانفعالاته (المشاعر ليست متناسقة مع الحدث إما زيادة أو نقصانًا)

3- اضطراب القدرة في ضبط الذات وفهم حاجاته وواجباته مقابل حاجات الآخرين.

4- اضطراب تعامله مع مَنْ حوله نظرًا لانطلاقه في ذلك من سمات شخصيته (مثال: الشك الشديد، التشاؤم الشديد، الحساسية المفرطة،...)

ويتمثل اضطراب الشخصية في تدهور إنتاجية الفرد الوظيفية أو الزوجية أو الاجتماعية أو الدراسية. وتزداد درجة التدهور تلك كلما كانت الشخصية مضطربة بدرجة أكبر.

أنواع الشخصيات غير السوية

حسب التعريف الطبي النفسي؛ فإن أنواع الشخصيات غير السوية هي كما يلي:

1- الشخصية الفصامية

2-الشخصية شبه الفصامية

3- الشخصية الحدية.

4- الشخصية الهستيرية.

5- الشخصية النرجسية.

6- الشخصية السيكوباتية.

7- الشخصية الاكتئابية.

8- الشخصية التجنبية.

9- الشخصية الاعتمادية.

10- الشخصية الوسواسية.

11- الشخصية العدوانية.

12- الشخصية السادية.

13- الشخصية المازوخية.

وغيرها من الشخصيات الأقل أهمية.

الجدير ذكره أن هذه الشخصيات المضطربة توجد كل واحدة منها لدى 1- 3% من البشر أما سماتها دون حد الاضطراب فهي موجودة عند الكثيرين بدرجات مختلفة كما قد توجد سمات أكثر من شخصية لدى فرد واحد.

سنقوم باستعراض سمات هذه الشخصيات استعراضًا مبسطًا ونحاول أن ننظر في خفاياها بحثًا عن سمات الغلو والتطرف فيها ثم نخلص إلى التساؤل:

- هل الغلو والتطرف مرده اضطراب نفسي محدد أم هو منهج فكري نتيجة التعامل مع متغيرات سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية؟

ومما يجدر التنبه إليه هنا أننا لا ندرس سيكولوجية التطرف كسلوك وإنما ندرس ذات الشخصية فكان لزامًا أن نكون واضحي الهدف منذ البداية، ولذا فقد تجنبت الحديث عن مجموعات التطرف وكيف تتشكل وما سمات مجموعات التطرف.

الشخصية الفصامية:

تتسم هذه الشخصية بالانطوائية والعزلة والانفصال عن الواقع وعدم الرغبة في العلاقات الحميمة، والميل إلى الأنشطة والهوايات الفردية ولا يتأثر عادة بنقد الآخرين كما يتصف ببرودة المشاعر والانفعالات.

ونظرًا لسمة العزلة الأساسية في هذه الشخصية لذا فإن أصحابها لهم أساليبهم التفكيرية الخاصة؛ لأنهم يستمدون أفكارهم مما يقرؤه ومما تملي عليهم آراؤهم أكثر من تواصلهم مع الآخرين لأن البنية النفسية لديهم لا ترغب بالخُلطة بل تستمتع بالوحدة.

- ليس من المتوقع أن تسلك مثل هذه الشخصية سلوك التطرف والغلو لكن نظرًا لانعدام تواصلها مع الآخرين بحد كاف يسمح لها بمراجعة ما تحمله من أفكار ربما تقع في شيء من الغلو خصوصًا إذا توافر المناخ الاجتماعي الملائم.

الشخصية شبه الفصامية:

تتسم بغرابة الأطوار واضطراب إدراك الواقع وعدم سلوك نمط محدد في حياته بل هو الإنسان الذي لا يتنبأ بما قد يفعل أو كيف يفكر في أي مستجد.أفكاره خيالية بعيدة عن الواقع كما أن سلوكياته تشذ عن مثل من يحيا مثل ظروفه. هذا الفرد في العادة واضح الاضطراب للآخرين إلا أنه قد يتلَّبس فكرة معينة وينافح من أجلها مهما كانت غريبة.

- هذه الشخصية قد تتطرف لكن الاضطراب الواضح في جوانب حياتها الأخرى يجعل من حولها يدرك أنها مضطربة اللهم إلا حينما ينقص الوعي والإدراك فيمن حولها أو يكون شذوذها الفكري في فكرة أصلها صحيح.

الشخصية الشكاكة (المرتابة):

تتسم هذه الشخصية بالشك دون وجود ما يدعم ذلك الشك سوى الظنون التي لا تعتمد على حقيقة. هذا الفرد يكون مشغول البال باحتمال عدم استمرار ولاء رفاقه وذويه له وما مستوى الثقة التي يجب أن يعطيها لهم ويرى أن الآخرين لا يرون حقيقة ما يحاك له، كما أنه يتجنب العلاقة الحميمة لاعتقاده أن ما يقوله لغيره قد يستخدمه ضده إضافة إلى أنه لا ينسى أخطاء الآخرين ولا يغفرها لهم ويسعى إلى قراءة المعاني الخفية للحوادث بدرجة تثير التوتر فيمن يتعامل معهم من الناس ويربط الأحداث ببعضها بشك شديد، فهو دائم البحث عن ما يريح شكوكه.

- هذه الشخصية ربما سلكت التطرف؛ بسبب الشك المتغلغل فيها ويزداد الشك فيها كلما ازداد عدم الوضوح في الظروف الاجتماعية أو الأنظمة السياسية التي يحياها.

الشخصية الحدية:

نفسه ذات بعد واحد، ففيه التطرف الشديد في التفكير والمفاهيم حيث المثالية الشديدة ثم الخروج من القيم ثم العودة ثانية إلى المثاليات. هو متطرف في علاقاته مع التقلب خلال ساعات أو أيام بين الحب المفرط والبغض المفرط لذات الآخر. عنده اضطراب في تصور الذات كما أنه فجائي في تصرفاته ويتسم بعدم الاستقرار في المشاعر والانفعالات التي تسبق عادة أفكاره. يشعر بفراغ الذات وعدم وضوح الهدف وعنده ضعف في القدرة على ضبط نوبات الغضب.

- هذه الشخصية عُرضة للتطرف بل هي في ذاتها التطرف إلا أنها متقلبة ولذلك لا تستمر عادة في تطرفها بل تنقلب في الاتجاه المضاد عند أي تغير انفعالي دون الحاجة إلى إقناع فكري.

الشخصية النرجسية:


شعور غير عادي بالعظمة وحب وأهمية الذات وأنه شخص نادر الوجود أو أنه من نوع خاص فريد لا يمكن أن يفهمه إلا خاصة الناس. ينتظر من الآخرين احترامًا من نوع خاص لشخصه وأفكاره، وهو استغلالي، ابتزازي، وصولي يستفيد من مزايا الآخرين وظروفهم في تحقيق مصالحه الشخصية، وهو غيور، متمركز حول ذاته يستميت من أجل الحصول على المناصب لا لتحقيق ذاته وإنما لتحقيق أهدافه الشخصية.

- هذه الشخصية قد تتطرف لاقناعه بفكرة التطرف وإنما لما قد يحصل عليه من أثر دنيوي من ممارسة تلك الفكرة وما أسرع ما يتخلى عنها لو وجد مصالحه الشخصية في فكرة أخرى بغض النظر عن صواب تلك الفكرة من خطئها ( إنه التمركز حول مصلحة الذات لا حول الفكرة ). من هذه الشخصية عادة يكون قادة التطرف أكثر من الأتباع.
الرد مع إقتباس