عرض مشاركة مفردة
  #14  
قديم 29-07-2003, 07:26 PM
الصورة الرمزية لـ الوافـــــي
الوافـــــي الوافـــــي غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2003
الإقامة: saudia
المشاركات: 24,409
إفتراضي

القات في الشرع الإسلامي

تـنطلق الرؤية في الحكم على القات من جهة ما يقدمه من منافع صحية ومالية واجتماعية أو ما يسببه من أضرار في تلك النواحي ، وكما سبق الإشارة في موضوع أضرار القات والتي ظهر فيها بوضوح الأضرار التي يسببها تعاطي القات على الفرد والمجتمع ، من هذه المنطلقات الواضحة يمكن الحكم على الأمور المستجدة في حياة المسلم ، ووجود النفع مع غلبة الضر غير معتبر إذ أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح كما يقرر فقهاء الإسلام ، كما أن انتشاره في الناس غير معتبر كذلك ، ومن خلال هذه المنطلقات التي تبين الضرر البالغ ينطلق العديد من العلماء والمفكرين إلى استنتاج صحيح أن القات حرام آكله آثم بالنظر إلى ما يسببه لنفسه من مضار إذ المسلم ممنوع من إلقاء نفسه إلى التهلكة قال تعالى ( و لا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة )

يقول المفكر اليمني محمد محمود الزبيري تعليقا على ما قام في عدن من مطالبة بعض الناس بعودة القات " ولكن هذا القانون الوضعي إذا كان من الممكن أن تلغيه إرادة الجماهير فإن القوانين السماوية التي لا سلطان للناس عليها فأين يكون المهرب إذا حالَ القانون السماوي دون المتعة الكاملة بساعات القات . إن ساعات القات تمتد كما أسلفنا من بعد الظهر إلى الليل وفي هذه تمر مواقيت الصلاة الأربع الظهر والعصر والمغرب والعشاء ، والجلسة التي تعود الناس عليها عند مضغ القات يغـلب عليها الاستسلام المطلق للنشوة والرغبة في مواصلة القعود والاسترخاء بدون أن يتخللها أي نشاط حتى النشاط الخفيف الذي يتطلبه أداء الصلاة ، إن الشعب اليمني لا يستطيع أن يلغي قانون السماء لكنه يستطيع أن ينتقل من مذهب إلى آخر وقد وجد اليمنيون مأربهم في المذهب الزيدي الذي يسود المناطق الجبلية العليا والذي يجيز بعض أئمته الجمع بين صلاتي الظهر والعصر فيقدمونها قبل جلسة القات والمغرب و العشاء فيؤخرونها إلى أي ساعة يشاءون من ساعات الليل وبذلك استطاعت إرادة الإنسان أن تلغي قانون الأرض في عدن ، وأن تتحايل على قانون السماء في صنعاء و تعز و غيرهما وكل ذلك إذعانا لسلطان الشجرة اليمنية العاتية . القات في حياة اليمن ص 39

و أقدم من ألف في القات ومنعه وحكم بتحريمه العلامة اليمني حمزة بن علي الناشري المتوفى سنة 926 الذي يرى تحريمه ، كما حكم الحرازي أبو بكر بن إبراهيم المقري بتحريمه بناء على تجربة مباشرة له ونقل عن بعض شيوخه قال : حدثني عبد الله بن يوسف المقري عن العلامة يوسف بن يونس المقري أنه كان يقول ظهر القات في زمن فقهاء لا يجسرون على تحريم و لا تحليل ولو ظهر في زمن الفقهاء المتقدمين لحرموه " مرجع سابق ص 79

وممن حكم بتحريمه الإمام الزيدي شرف الدين يحيى المتوفى سنة 965 وألف رسالة في تحريمه بعنوان " الرسالة المانعة من استعمال المحرمات الجامعة في علة التحريم بين الحشيشة والقات وغيرهما من المسكرات "

وقد ألف العلامة ابن حجر الهيتمي المكي رسالة بعنوان " تحذير التقات من أكل الكفتة والقات " ورغم أنه وكما يقول الأديب الحبشي لم يجزم بتحريمه ، إلا أنه لم يقل بالتوفيق ، وكما يبدو من عنوان رسالته ميله إلى منع تعاطيه ، ثم هو وكما نقل عنه الحبشي استشكل أمره على أثر تباين أقوال متعاطيه و اختلاف وجهاتهم بين قائل بتخديره وقائل بأنه لا يؤثر على الجسم فينتج عن ذلك كله أن لا طريق لنا إلى العلم بحقيقته إلا مجرد الخبر المتواتر عن متعاطيه بما يجدونه منه ، ولم يتم لما علمت من الخلاف والاختلاف ، إذ القائلون بالحِل ناقلون عن عدد متواتر أنه لا ضرر فيه بوجه ، والقائلون بالحرمة ناقلون عن عدد متواتر أن فيه آفات ومفاسد منها أنه مخدر ومغيب ومسكر ومطرب ، فأحد الخبرين كاذب قطعا مع رعاية العموم سلبا وإثباتا ) قلت ومن هنا يظهر سبب توقف ابن حجر - يرحمه الله- عن الحكم لعدم ثبوت ضرره عنده فلو ثبت ضرره لحكم بتحريمه ، و قد ثبت لنا بالتواتر ضرره فهو من هذا الباب أقرب منه للحرام منه للحلال .

ويـبين الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد المدرس بالمسجد النبوي - يرحمه الله - بعد أن استعرض بعض المعلومات الأساسية عن تأثيرات القات نقلا عن ابن حجر الهيتمي قوله في القات : قال ابن حجر : ومنها أن جميع الخصال المذمومة التي ذكروها في الحشيشة موجود في القات مع زيادة حصول الضرر فيما به قوام الصحة وصلاح الجسد من إفساد شهوة الغذاء والباه والنسل وزيادة التهالك عليه الموجب لإتلاف المال الكثير الموجب للسرف ، ومنها أنه إن ظن أن فيه نفعا فهو لا يقابل ضرره " قال الشيخ شيبة الحمد : وبهذا يثبت أن الشريعة الإسلامية تحرم القات تحريما قاطعا وتقرر تعزير زارعه و بائعه ومروجه ومتعاطيه . القات ( تهامة للنشر ) ص 308

ويقرر الشيخ عبدالله العبدالرحمن الغديان عضو هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية بعد أن استعرض آراء عدد من الاختصاصين في موضوع القات ويقول : بناء على ما سمعـناه من المضار و ما ذكر من المنافع وكذلك ما سمعه الحاضرون أيضا ، وما أشرت إليه من الآثار السابقة فإن مضاره أكثر من منافعه ، وما كان كذلك وجب منع زراعته وبيعه ونقله واستعماله ، وما كان فيه من المنافع فقد أهدرها الشارع كما أهدر المنافع القليلة في الخمرة على ما سبق بيانه من الأدلة ، والقات باعتبار آثاره السيئة الراجحة على منافعه يندرج تحت قاعدة تحريم الخمر وقاعدة تحريم الخبائث وقاعدة تحريم الضرر ، وهذا بالإضافة إلى ما جاء فيه من دليل يدخل في عمومه وهو نهيه صلى الله عليه وسلم عن كل مسكر ومفتر " المرجع السابق ص 315

وعقد العلامة محمد بن سالم البيحاني في كتابه النفيس " إصلاح المجتمع " فصلا عن القات قال فيه : وهنا أجد مناسبة ، وفرصة سانحة للحديث عن القات والتـنباك ، و هما من المصائب والأمراض الاجتماعية الفتاكة ، وإن لم يكونا من المسكر ، فضررهما قريب من ضرر الخمر والميسر ، لما فيهما من ضياع المال ، وذهاب الأوقات ، والجناية على الصحة ، وبهما يقع التشاغل عن الصلاة وكثير من الواجبات المهمة ، ولقائل أن يقول هذا شيء سكت الله عنه ، ولم يثبت على تحريمه والامتناع عنه أي دليل ، وإنما الحلال ما أحله الله والحرام ما حرمه الله ، قال جل ذكره [ هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ] البقرة 29 وقال تعالى[ قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير ] الأنعام 145 ، وصواب ما يقول المدافع عن القات والتنباك لكنه مغالط في الأدلة ، ومتغافل عن العمومات الدالة على وجوب الاحتفاظ بالمصالح وحرمة الخبائث ، والوقوع في شيء من المفاسد ، ومعلوم من أمر القات أنه يؤثر على الصحة البدنية فيحطم الأضراس ويهيج الباسور ، و يفسد المعدة ويضعف شهية الأكل ، و يدر السلاس وهو الودي وربما أهلك الصلب ، و أضعف المني و أظهر الهزال وسبب القبض المزمن ، ومرض الكلى ، وأولاد صاحب القات غالبا يخرجون ضعاف البنية ، صغار الجسم قصار القامة ، قليل دمهم ، مصابين بأمراض خبيثة . و هذا ما يبذل أهله فيه من الأثمان الغالية المحتاج إليها ، ولو أنهم صرفوها في الأغذية الطيبة ، وتربية أولادهم وتصدقوا بها في سبيل الله لكان خيرا لهم . وإنهم ليجتمعون على أكله من منتصف النهار إلى غروب الشمس ، وربما استمر الاجتماع إلى منتصف الليل يأكلون الشجر ، ويفرون أعراض الغائبين ، ويخوضون في كل باطل ، ويتكلمون فيما لا يعنيهم ، ويزعم بعضهم أنه يستعين به على قيام الليل ، وأنه قوت الصالحين ، ويقولون جاء به الخضر من جبل قاف للملك ذي القرنين ، ويروون فيه من الحكايات و الأقاصيص شيئا كثيرا . ( إصلاح المجتمع ) ص 421

المصدر / موقع جمعية المكلا لمكافحة القات

.. يتبع ..
__________________


للتواصل .. ( alwafi_248@hotmail.com )

{ موضوعات أدرجها الوافـــــي }