عرض مشاركة مفردة
  #23  
قديم 21-10-2005, 07:33 AM
maher maher غير متصل
رب اغفر لي و لوالدي
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2004
الإقامة: tunisia
المشاركات: 2,978
إرسال رسالة عبر MSN إلى maher إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى maher
إفتراضي ( الله مولانا ولا مولى لهم ) للشيخ : ( نبيل العوضي )

الله مولانا ولا مولى لهم

عندما يلجأ الإنسان إلى الله يجد المخرج والفرج، وعلى الإنسان المؤمن أن يعلم أن الله معه وهو ناصره ومعينه، وفي المقابل عليه أن يعلم أن سلعة الله غالية، ولينظر إلى الجيل الأول صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف ضحوا بدمائهم وأموالهم وأنفسهم في سبيل نيلها. وليعلم أن عزة المسلمين بتمسكهم بهذا الدين، ورجوعهم إلى ربهم.

اللجوء إلى الله
الحمد لله رب العالمين، والصلاة السلام على سيد المرسلين، وخاتم النبيين، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه واستن بسنته إلى يوم الدين.

أما بعد:

في أحد وبعد أن انتهت المعركة بما انتهت، إذا بـأبي سفيان -قبل إسلامه- ينادي المسلمين، فكان فيما قال: لنا العزى ولا عزى لكم، أي يخاطب المسلمين بعد جراحهم، وبعد أن قتل منهم من قتل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه: (ألا تجيبوه؟! قالوا: ما نقول؟ قال: قولوا: الله مولانا ولا مولى لكم ) ثم قال أبو سفيان : يوم بيوم بدر والحرب سجال، فقال عمر : لا سواء، قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار.

الله مولانا ولا مولى لهم، فإنه جل وعلا الذي نصر نوحاً بعد أن تجمع عليه قومه، ولم يبقَ معه إلا القليل من المستضعفين، فسخروا منه، واستهزءوا به، كان معه ضعفاء القوم وأراذلهم، ولكنهم في الإيمان قمم وجبال: قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ [هود:38] نعم. الله مولانا ولا مولى لهم، فرفع نوح يديه إلى الله عز وجل قال تعالى: فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ [القمر:10] فإذا بسنن الكون تتغير، وإذا بالسماء التي لم تكن تمطر ينهمر منها الماء، وإذا الأرض القاحلة، والصحراء التي ليس فيها ماء تتفجر بالعيون: فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ * فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ * وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ [القمر:10-12].

هود عليه السلام جاء قومه يدعوهم إلى الله عز وجل؛ فأرادوا قتله، فقال وقد توكل على الله عز وجل واستنصر به، قال يا قوم: أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ مِنْ دِونِه * فَكِيدُونِي جَمِيعاً [هود:54-55] أي: تجمعوا عليّ كلكم، قال: فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لا تُنْظِرُونِ [هود:55] أي: لا تؤخروني بل اقتلوني، واصنعوا ما تريدون، أي قوة يملكها هود عليه السلام، إنه يملك أعظم قوة، إنه التوكل على الله عز وجل: إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا [هود:56].

الله مولانا ولا مولى لهم ، فإذا بقوم عادٍ مرت عليهم الأيام، فأرسل الله عليهم جنداً من جنوده، ريحاً صرصرا في أيام نحسات، إنها ريحٌ شديدة باردة، تحمل الواحد منهم إلى السماء، ثم تطرحه على الأرض؛ فينفصل رأس أحدهم عن جسده: أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلادِ [الفجر:6-8].

كانوا يتحدون ربهم جل وعلا، وكانوا يقولون لهود: ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ [العنكبوت:29] وكانوا يفتخرون أنهم أعظم قوة على وجه الأرض، فكانوا يقولون: مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً [فصلت:15] أي: ليس في الأرض قوة أعظم من قوتنا، وهذا جنون العظمة، الغطرسة، الكبر، العتو، ولكن النهاية: فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ * فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ [الحاقة:7-8]

التوكل على الله والثقة به

موسى عليه السلام رجلٌ لا يملك إلا أخاه والعصا، دخل على قصر فرعون الجبار الطاغية، الذي من جبروته في الأرض وغطرسته، ومن جنون عظمته أنه كان يقول: أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى [النازعات:24] ولا يسمح برأيٍ يخالف رأيه، حتى كان يقول للناس: مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ [غافر:29].

قتل الأطفال..! ما ذنب الأطفال أيها الظالم الجبار؟ استحيا النساء وقتل الأطفال بغير ذنب، واستعبد الرجال بغير ذنب، لأنه جبار في الأرض، فوصل فرعون وجيشه إلى موسى عليه السلام، وما كان مع موسى إلا شيوخٌ ضعاف، ونساءٌ ضعاف، وأطفال صغار، أمامهم البحر، وخلفهم فرعون وجيشه: قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ [الشعراء:61] أي: تجمع علينا المشركون، قتلونا: قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ [الشعراء:62] ماذا معك يا موسى؟ أسلحة؟ جيوش جرارة؟ موسى لا يملك إلا عصا، وما معه إلا ضعاف القوم، ويستقبلهم طاغية وجيشٌ طاغٍ في الأرض، أسلحة وعتاد؛ لكن موسى عنده سلاحٌ عظيم: قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ [الشعراء:62].

الله أكبر! إنه اليقين بنصر الله، إنه التوكل على الله، إنه صدق الإيمان بالله، فإذا البحر يأتمر بأمر موسى، فينفلق البحر له، ثم إذا بالبحر يسير فوق فرعون الذي كان يقول: أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ [الزخرف:51] نعم. أبصروك يا فرعون والماء يجري من فوقك، أبصروك والطين في فمك يضعه جبريل فيه، ذلٌ وأي ذل؟ إنه نصر الله جل وعلا دائماً وأبداً لعباده المؤمنين.

إبراهيم عليه السلام يُلقى في النار فيقول له جبريل: ألك حاجة؟ قال: أما إليك فلا، ولكن حسبي الله ونعم الوكيل، فإذا بالنار: قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ * وَأَرَادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ [الأنبياء:69-70] الله مولانا ولا مولى لهم.

بكى أبو بكر عندما تجمع المشركون عند الغار، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (ما يبكيك يا أبا بكر ؟ قال: يا رسول الله! لو نظر أحدهم تحت قدمه لرآنا، قال: يا أبا بكر ! ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟ ) إِلاّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ [التوبة:40] اثنان يلاحقهما من في الأرض من جيوش وطواغيت، وهما رجلان ضعيفان لكنهما يملكان القوة بالله: إِلاّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ [التوبة:40] لمَ لا يحزن؟ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا [التوبة:40] وهذا هو الفرق، الفرق إن الله عز وجل مع المؤمنين كما قال تعالى: اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ [البقرة:257].

نصر الله لعباده وتأييده لهم

الله عز وجل مدبر الأمر، مصرف الآيات قال تعالى: قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا [التوبة:51] كل ما يحدث في الأرض فبعلم الله، وبقدر الله عز وجل: أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ * أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ [الزخرف:79-80] كل شيء يدبر في السماء بعلم الله وبقدر الله.

في الأحزاب تجمع الناس على رسول الله، فإذا المنافقون الذين يترقبون الأزمات والفتن ليرفعوا رءوسهم يتكلمون، عندما يتجمع المشركون والأعداء على المسلمين ينطق المنافقون، فهذا وقتهم، وهذا زمنهم، وهذه فرصتهم.

فإذا بهم يثبطون المؤمنين، ويثيرون القلاقل، حتى قال أحدهم: لا يقدر أحدنا أن يقضي حاجته، ورسولكم يعدكم ببلاد كسرى والروم، كيف هذا؟ ويقولون: مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً [الأحزاب:12].

أما المؤمنون الصادقون، لما رأوا المشركين تجمعوا على المدينة ، واليهود نقضوا العهود، والمنافقون يثيرون الفتنة بين الصفوف كما قال تعالى: إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيداً [الأحزاب:10-11] ماذا قال المؤمنون: وَلَمَّا رَأى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَاناً وَتَسْلِيماً [الأحزاب:22] الله مولانا ولا مولى لهم.

كان النبي عليه الصلاة والسلام يقاتل وفي قلبه أن الله عز جل هو مولاه، والله عز وجل ينصره، والله عز وجل يتم كلمته، يقول علي بن أبي طالب يصف النبي عليه الصلاة والسلام وهو أشجع الناس: [لقد رأيتني يوم بدر وإنا لنلوذ بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو أقربنا إلى العدو، وكان من أشد الناس يومئذٍ بأساً ] فقد كان أشجع الناس محمداً عليه الصلاة والسلام، ولما ولى المسلمون مدبرين يوم حنين يقول العباس : [[طفق الرسول يركض بغلته نحو الكفار، تراجع المسلمون وبقي النبي صلى الله عليه وسلم وبعض أصحابه لم يتراجع؟ تقدم واستقبل صفوف المشركين وكانت صفوفهم كثيرة، والمشركون يتجمعون عليه وهو يستقبلهم على بغلته وبيده عصا، وكان يقول: (أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب ) يقول العباس : أنا آخذٌ بلجام بغلته لئلا يتقدم، والنبي صلى الله عليه وسلم يتقدم، ويقول عليه الصلاة والسلام: (أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب ).

صفقة رابحة

قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى [التوبة:111] إنها الصفقة، هل بعت يا عبد الله؟ انظر الثمن وانظر السلعة: إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ [التوبة:111] نفسك ومالك تعطيها لله والثمن الجنة، وطريقة البيع: يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ [التوبة:111] مدافع، صواريخ، رشاشات، قنابل، أسلحة: يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالْأِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ [التوبة:111] والضمان من الله: وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [التوبة:111] لما سمع الصحابة هذه الآيات ضحوا بمهجهم، ضحوا بدمائهم، بل بكوا إذ فاتهم الجهاد في سبيل الله.