عرض مشاركة مفردة
  #10  
قديم 05-08-2007, 11:10 PM
النسري النسري غير متصل
كاتب مغوار
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الأردن
المشاركات: 2,917
إرسال رسالة عبر ICQ إلى النسري
Smile

أختي الفاضلة سلسبيلا
يقول الله تعالى: (فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا) مريم: 59
من شروط الجمع بين الصلوات أن يكون العذر المبيح للجمع موجودا عند افتتاح الثانية إذا كان الجمع في وقت الأولى ولا يشترط استمراره إلى الفراغ منها فلو جمع للمطر وانقطع أثناء الصلاة الثانية صح جمعه، ولو جمع الظهر مع العصر مثلا في السفر ووصل إلى بلده قبل دخول وقت العصر أو أثنائه صح جمعه لأن العبرة وجود العذر المبيح أثناء الجمع ولو زال بعد الجمع فلا يؤثر عليه.
أما إن كان الجمع في وقت الثانية بأن صلى الظهر في وقت العصر والمغرب في وقت العشاء فيشترط أن يكون العذر مستمرا في وقت الأولى، أما إذا انقطع فلا يجوز تأخير الصلاة عن وقتها بل يجب أداؤها في وقتها لزوال مبيح الجمع، فالمريض يبرأ من مرضه والمسافر يصل إلى بلده أو ينوي الإقامة والمطر ينقطع.
ويشترط للجمع الترتيب بين الصلوات المجموعة بأن يبدأ بالأولى ثم بالثانية لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "صلوا كما رأيتموني أصلي" ولأن الشرع جاء بترتيب الأوقات في الصلوات فوجب أن تكون كل صلاة في المحل الذي رتبها الشارع فيه، ولكن لو نسي الإنسان أو جهل أو حضر قوما يصلون العشاء وهو قد نوى جمع التأخير ثم صلى معهم العشاء ثم المغرب فهل يسقط الترتيب في هذه الحال أو لا؟ هذه المسألة تحتاج إلى مزيد بيان لما لها من أهمية بالغة، فالترتيب كما أسلفت واجب بل على الصحيح من أقوال العلماء، وقد نص الحنفية والحنابلة على أن الترتيب شرط لصحة الصلاة، فأي صلاة ترك فيها الترتيب فهي باطلة يدل على هذا ما ثبت في صحيح البخاري عن جابر بن عبد الله قال: جاء عمر يوم الخندق فجعل يسب كفار قريش ويقول: يا رسول الله ما صليت العصر حتى كادت الشمس تغيب فقال النبي صلى الله عليه وسلم وأنا والله ما صليتها بعد، قال: فنزل إلى بطحان فتوضأ وصلى العصر بعدما غابت الشمس ثم صلى المغرب بعدها" ففي الحديث دلالة ظاهرة على الترتيب بين الفائتة والحاضرة. وعن أبي سعيد قال: شغلنا المشركون يوم الخندق عن صلاة الظهر حتى غربت الشمس وذلك قبل أن ينزل في القتال ما نزل فأنزل الله عز وجل "وكفى الله المؤمنين القتال" فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالا فأقام لصلاة الظهر فصلاها كما كان يصليها ثم أقام للعصر فصلاها كما كان يصليها في وقتها، ثم أذن للمغرب فصلاها كما كان يصليها في وقتها" أخرجه النسائي والبيهقي في السنن الكبرى وإسناده صحيح. والحاصل هنا أن الترتيب بين الصلوات واجب ويتأكد وجوبه إذا كان أداء الصلاة في وقتها فالصلوات المجموعة هي في حقيقتها أداء للصلاتين في وقتها أداءً لأن العذر جعل الوقتين وقتا واحدا فلو صليت العصر في وقت الظهر فهي أداء لأن وقت الظهر والعصر واحد مع وجود العذر المبيح للجمع، لذلك أقول: لو قدم صلاة العصر على الظهر أو العشاء على المغرب في الجمع ناسيا أو جاهلا لزمه إعادتها لأن أداء الصلاة مرتبة واجب على الصحيح بخلاف الصلوات المقضية والفائتة فإن ترتيب قضائها قد يسقط بأحد الأسباب المسقطة للترتيب بينها وهي النسيان وخشية فوات الجماعة أو خشية فوات الحاضرة .

إن صلاة الظهر والعصر وكذا المغرب والعشاء يجوز أداؤها في وقت الأخرى منها تقديما أو تأخيرا (كما وضح ذلك أخوانا مصعب وابوايهاب)، فيجوز صلاة الظهر مع العصر جمع تأخير أو تقديم العصر مع الظهر جمع تقديم، وكذا يقال في المغرب والعشاء يجوز ذلك بثلاثة أسباب: السفر والمرض والمطر ونحوه.
فأولها السفر والسفر كسبب من أسباب الترخص في العبادات له ضوابط الذي يبيح الترخص والإقامة التي تقطع الترخص ووقت الشروع في الرخص للمسافر وغيرها، وهنا أبين السفر كسبب من أسباب الجمع، فيجوز للمسافر أن يجمع بين الظهرين أي الظهر والعصر، والعشاءين أي المغرب والعشاء في سفر يجوز فيه القصر أي مسافة 80 كيلو مترا فأكثر في الأظهر من الأقوال، وسواء كان سائرا أو نازلا فيجوز له الجمع ما دام يشمله وصف السفر، ويتأكد الاستحباب إذا جد به السير فعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان إذا جد به السير جمع بين المغرب والعشاء.. أخرجه البخاري ومسلم.
ولأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يجمع بين الصلاتين في منى في حجة الوداع لأنه كان نازلا وجمع في عرفة حتى يفرغ للدعاء والعبادة.
ومع ذلك فإنه يجوز للمسافر أن يجمع وإن كان نازلا لأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ جمع في غزوة تبوك وهو نازل كما أخرجه الإمام أحمد وأبو داود وظاهر حديث أبي جحيفة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين "أن النبي كان نازلا في الأبطح في حجة الوداع وأنه خرج ذات يوم وعليه حلة حمراء فأم الناس فصلى الظهر ركعتين والعصر ركعتين".
ولعموم حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ جمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء في المدينة من غير خوف ولا سفر، ولأن المسافر يشق عليه أن يفرد لكل صلاة في وقتها إما للعناء أو قلة الماء، وتحديد الجمع بالتقديم والتأخير يرجع إلى تقدير المسافر فيفعل الأرفق به والأهون عليه، ويختلف باختلاف الناس وتقديرهم إذ المشقة تتفاوت من أناس إلى آخرين والرخصة متيسرة لهم فيأخذون ما يرفق بهم ويخفف عنهم عناء سفرهم. وهنا مسألة يحسن التنبيه عليها ونحن نتكلم عن المسافر النازل سواء في البلد أو غيره، فإن قلنا يجوز له الجمع لما ذكر من الأدلة فلا يفهم من ذلك أن المسافر يترك الجماعة ويصلي في مقر إقامته الظهر والعصر وكذا المغرب والعشاء منفردا جمعا وقصرا إذ الجماعة واجبة في الحضر وفي السفر إذا وجدت الجماعة، فقد أمر الله نبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذا كان في الجهاد أن يقيم لهم الصلاة جماعة، ومن المعلوم أن رسول الله لم يقاتل إلا في سفر، مما دل على وجوب صلاة الجماعة في السفر كما تجب في الحضر، ولكن إذا كان المسافرون جماعة فلهم أن يصلوها جماعة قصرا وجمعا، وإذا كان منفردا ووجد الجماعة ويسمع المؤذنين فليس له أن ينفرد بالصلاة بنفسه ويترك جماعة المسلمين بل تجب عليه الصلاة جماعة، فالسفر وإن جّوز الجمع فليس مسقطا للجماعة في الأظهر من أقوال العلماء.
والجماعة تنعقد باثنين ولو بأنثى في الأظهر من أقوال العلماء فإذا كان الرجل وزوجته في سفر صليا جماعة، وتقف المرأة خلف الرجل لأن الجماعة مأخوذة من الاجتماع والاثنان أقل ما يتحقق به الجمع، قال الوزير: أجمعوا على أن أقل الجمع الذي تنعقد به صلاة الجماعة في الفرض غير الجمعة اثنان، إمام ومأموم.

مما سبق نسترشد بأنه وجود العذر والترتيب من شروط الجمع والله تعالى أعلم .

ملاحظة/ منقول عن د. عبد الرحمن المخضوب ...
__________________