عرض مشاركة مفردة
  #44  
قديم 11-11-2005, 04:25 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

المنظومة الأخلاقية عند العرب

(4)

سلوك الحكام والمواطنين أخلاقيا

يتصدر الهاجس الأمني لدى الحكام العرب قائمة أولويات عملهم ، لذا فان الفقه الصادر من طرف الحكام يبدو واضحا للعيان من خلال النصوص التي يكلف بها من يصيغ القوانين .. حتى وان بدا في ظاهرها الحرص المفرط على الوطن ، لكن هو في الحقيقة الحرص المفرط لحماية من في الحكم ..

و أحيانا لا تعود لجان الصياغة العامة لفقه الحكم تلقي بالا ، لما سيقوله المواطن فتذهب بعيدا حتى تسمي البلاد باسم العائلة الحاكمة و أحيانا يكون النشيد الوطني لا يتغنى بالوطن بقدر ما يتغنى بالحاكم .. وهذا ينبع من الإفراط بالثقة بقوة الحكم أو الاستخفاف بالشعب .. وهما صفتان لا يتفقان مع مفردات الخلق العربي فالغرور صفة مذمومة .. كما أن تكون حاكما لشعب مستكين أو هزيل ( كما يظن الحاكم ) فهي صفة لا تبعث على المفخرة ..

يتسلل الى منظومة الأخلاق العربية قاعدة قد تكون غريبة في ظاهرها ، ذكرها (شكسبير ) عندما صاغها بشكل ( الخيانة عمل مشروع و العمل المشروع خيانة ) و قاعدة ذكرها (ماكدوجال) صاغها بشكل ( ليس من الأخلاق أن تعيش في مجتمع غير خلوق !) .. ويبدو أن النخب الحاكمة والنخب المعارضة العربية قد فهمت مكنونات تلك القاعدتين ..

رغم أن شكسبير وضح مراده من تلك القاعدة ، عندما ضرب مثل القتل فاعتبره عملا لا أخلاقيا .. لكنه أضاف أنه عندما يطأ العدو أرضك فان عدم قتله يصبح عملا لا أخلاقيا .. أما ماكدوجال ، فكان يناقش ظواهر اجتماعية تلزم من يعيش داخل جماعة تلتزم بأسس قواعد خلقية ، حتى لو كانت لا توافق أهواء من يعيش فيها فعليه الالتزام بما يلتزم به الجميع ..

ان النخب المعارضة للحكم ، تعطي لنفسها فتاوى على ضوء القاعدتين السابقتين ، للتعامل مع الشيطان لإزاحة من في الحكم .. ولا تتعامل مع من في الحكم على أساس أنه من قاذورات الوطن ، يجب تحمله لكي يقوى عوده !

لقد رشحت تلك المفاهيم الهجينة على جذور القاعدة الخلقية العربية ، الى أدنى طبقات الشعب فانتشرت سلسلة من الأمثال الشعبية التي تتماهى مع القاعدتين المتسللتين . فتجد أمثال : ( حط راسك بين الروس وقول يا قطاع الروس ) و (امشي الحيط الحيط وقول يا الله الستيرة ) و( سيدك كلب بوس ايده ) و ( اذا انجنوا ربعك عقلك ما ينفعك ) و ( العاقل بين المجانين مجنون ) والمثلين الأخيرين لمن يلاحظ يتطابقان تماما مع قاعدة ماكدوجال ( ليس من الأخلاق أن تعيش بين مجتمع غير خلوق وتمارس الأخلاق ) ..

ان التمسك بالحكم واستبعاد العناصر الكفوءة انطلاقا من الهواجس الأمنية من طرف الحكم ، والاستثناءات التي تحابي الموالين و تطارد المعارضين ، هي مظاهر غير أخلاقية لا تتفق لا مع قوانين السماء و لا مع قواعد أخلاق أهل الأرض ..

كما أن التهرب من دفع الضرائب و التهرب من خدمة العلم ، وسرقة المياه والكهرباء و أراضي الدولة ، والاستعانة بالأعداء على أبناء وطنك ، هي مظاهر لا أخلاقية من قبل المواطن .. فالفضيلة لها وجه واحد وشكل واحد ..
__________________
ابن حوران
الرد مع إقتباس