مقال من بريدي
أعجبني فوضعته هنا
أين أنت أخي الغالي الغرباء؟؟؟
الجيش العربي بصيغة الكارتون
خلال جولتي اليومية بين الفضائيات العربية ـ التي ابتلينا بها هذه الأيام ـ صادفت استعراضا عسكريا يبدو من التعليق عليه ومن المؤثرات المستعملة فيه أنه كبير . وقلت في نفسي : ما الذي يفعله هؤلاء ؟ ولمن يستعدون ؟ ومن هم العدو الذي سيحاربونه ؟ ...وأثناء البحث " المتهكم" عن إجابات لهذه الأسئلة حاولت الإسراع بتغيير المحطة حنى لا أصاب بالغثيان العربي ..لكن المفاجأة هي إصرار طفلي الصغير المولوع بقنوات الأطفال : مثل الجزيرة للأطفال أو سبايس تون على الإبقاء على الاختيار . وبالرغم من محاولاتي الجادة فلم أستطع إقناعه .. ولما سألته عن السبب قال لي بلكنته الطفولية : إنهم أبطال النينجا ؟ .... وبالرغم من أن الضحك قد غلبني لكنني سألت نفسي : ما الذي يجمع الجيوش العربية بالرسوم المتحركة حتى يختلطا في نظر الأطفال ؟
أعتقد أن هناك جملة من الصفات التي تجعل الجندي عنصرا كارتونيا في ذهن المواطن العربي . لعل أهمها القدرة على التقمص . فالجندي في بلادنا هو ممثل لدور لا يقوم به . هو حامي ل! وطن لا يحميه ...هو مدافع عن أمة لا يدافع عنها ..لذلك ارتبط وجوده بالمخيال العربي أكثر من الواقع . فعند حديث القادة العرب عن ترساناتهم القوية وفي خطبهم المدبجة أثناء تخرج الأفواج المتتالية من الضباط وضباط الصف والقلدة الميدانيين تشعر وكأنهم يتحدثون عن وطن ليس هو وطننا وعن عدو لا نعرفه أو بالأصح لا يريدون لنا أن نعرفه ...لذا فأقصى ما يمكن أن يبلغه الجيش العربي هو الاستقرار في مخيلة الطفل كرمز للقوة والدفاع عن الحمى على شاكلة أسطورية .
صفة أخرى تجعل من هذا الجندي نموذجا كارتونيا هو الإصرار الدائم من قبل الإعلام الرسمي على تقديم هذه الاستعراضات باعتبارها رسائل تطمينية للشعب . لكن التخمة التي يصاب بها المواطن العربي من مثل هذه "المهرجانات" : من تكرارها وتماثل عروضها يدفع إلى الشك في مصداقية الرسالة . فمن يحمي إذن هذا الجيش الجرار ؟ ويكفي دليلا على ذلك أن في الوقت الذي يقام فيه هذا الاستعراض هناك أبناء لنا في جنوب لبنان تقطع أوصالهم ويشردون ويذبحون على مرأى من الحاكم الذي خاطب جنوده عن عزة العربي ونصرته و...و ....
ميزة كارتونية أخرى هي الاحتفالية . فمن المعروف عند مصممي أفل! ام الرسوم المتحركة تركيزهم على الطابع الاحتفالي لقصص الأطفال من خلال ع رض القيم والمعاني بشكل استعراضي . وهذا ما نتقن تحقيقه الجيوش العربية المختلفة . فما الذي يجعلها تنفق الملايير المتتالية من أجل التجهيز ؟ الجواب هو إتقانها للأساليب الحربية والدفاعية ولمختلف الأسلحة المتطورة استعدادا .....ليس للحرب بل للاستعراض ...
وفي الأخير اقتنع صغيري بأن المشاهد متكررة حتى الملل .........
فاستطعت أن أغير القناة دون النظام...
من بريدي..