عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 22-06-2004, 02:07 AM
أميرة الثقافة أميرة الثقافة غير متصل
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2004
المشاركات: 319
إفتراضي عندما نبتلع الكذب لنصدقه!!

عندما نبتلع الكذب لنصدقه!!

التاريخ: 5/3/2002 م
الكاتب: د. شروق الفواز



هل اضطررت في يوم ما إلى تصديق من يكذب عليك رغما عنك؟.

وهل أحسست بطعم المرارة وأنت تبتلع الأكاذيب التي حولك في صمت؟

بالتأكيد نعم، لأننا بتنا نعيش في عالم من الأكاذيب ونتعايش معها ونقنع

أنفسنا بضرورة تصديقها وجمع مبررات لها.

الكل يكذب ويجبر من هم أضعف منه أو محتاجون إليه على تصديقه، الحكومات

تكذب، والمؤسسات العامة والخاصة تكذب والإعلام يكذب والآباء يكذبون، حتى

الأطفال الأبرياء أصبحوا بارعين في الكذب متقنين له.

بل إننا قد وصلنا إلى مرحلة نسينا فيها، أن ما اضطررنا لتصديقه في يوم من

الأيام كان كذبا فعلا، لتتراكم الكذبات وتكون جبلا من الأكاذيب وبحكم الزمن

والظروف يتحول إلى حقيقة!.

والعيش في هذا العالم الكبير الكاذب والتعايش معه، قد لا يكون بالأمر الصعب

لأن كثرة التكرار والمزايدة قد عودتنا على ابتلاع أكاذيبه أو حتى اجترارها.

لكن، ماذا عن عالمك الخاص الذي بنيته بنفسك وساهمت الظروف التي حولك

في بلورته وتلوينه، ماذا لو تسربت إليه الأكاذيب وإزدادت إلحاحا عليك وتحكما

بإرادتك وتصرفاتك؟.

هل يحق لك أن تقاومها؟ لتنزع مسحة الصدق الشفافة المهترئة من عليها

لتظهرها على حقيقتها، هل تقوى على مصارحة نفسك بأن هؤلاء الصادقين

يكذبون عليك، هل تقدر؟ أم أنك ستكذب على نفسك وتقنعها بأن ما تراه من

ارتجاج الحقائق وتسلسل الأكاذيب ليس سوى نمط أصيل جبلت عليه البشرية

وصقلته الحياة العصرية في سبيل المصالح المرادة والمبتغاة.

فأنت قد تكذب على نفسك وتتهرب من بعض مبادئك في سبيل تحقيق شيء من

أحلامك، وتعيد الكرة مرة وأخرى لتكذب وتجامل، وتصل إلى ما تريد، أو ما

كنت تظن أنك محتاج إليه.

هنالك من يرى أن تسمية الكذب بهذا الاسم هي ظلم له، لأن الكذب أنواع

ودرجات والغاية في أغلب الأحيان تبرر الوسيلة، فلماذا لا نطلق على الكذب

اسما ألطف ونسميه بما يتناسب مع مقاصده والأحداث التي استخدم فيها،

فنسميه مجاملة، كلمة مؤازرة، شهادة فزعة، تطييب خاطر!.

فالكذب قد يجنبنا الكثير من الإحراج، كما أنه يساعدنا على خداع من هو

أمامنا، ويقصر علينا الوصول لمبتغانا، ويجمل صورنا ويلمعها في نظر من نحب

أو من يهمنا ونهتم به كما أنه قد يعطي قيمة لما لا قيمة له إذا كان متقنا

ومحبوكا. وفي بعض الأحيان قد تضطر إليه لتعيش! فهل صحيح أن حبل الكذب

قصير؟! هنالك الكثير من الكذابين الذين تمتد كذبتهم لسنوات بل لمئات السنين

دون أن يجرؤ أحد على الجهر بتشكيك صدقها.

أنا لا أقصد بذلك كذبات الكثير من المؤرخين الذين أرغمتهم حاجتهم ورغباتهم

الممتدة على التزوير في سجلات الأيام والسنين.

ولا أقصد كذبات السياسين ولا الدول ولا حتى دولة إسرائيل الذي يضاهي

الجبال في ضخامته ووضوحه، ومع ذلك يصر الكثير على تصديقه أو الاشاحة

بوجهه وأذنه عنه، لا بل أتخطاه لألامس شيئا لا يقل أهمية عنه. تلك الكذبات

الصغيرة التي زرعت في جانب من نفوسنا وتسربت إليها، ليزداد حجمها واتساع

رقعتها، تلك الكذبات الملحة والتي تضطرنا للتنازل تدريجيا عما نؤمن به،

والابتعاد عما كنا ننتمي إليه، لتوصلنا لمرحلة الحيرة التي يعيشها الكثير منا،

فيتذبذبون بين الصدق والكذب الحقيقة والخيال، الثوابت والسراب، الأحلام

والتهيؤات. تلك الكذبات الصغيرة التي تتكاثر في قلوبنا وقلوب صغارنا، ولست

أدري إن كنا نحن من زرعها أم زرعها غيرنا، فذلك لم يعد مهما، فهي الخطر

الحقيقي الذي يجب أن نخشاه، لأنها باتت تزعزع الكثير من ثوابتنا لتحيلها إلى

ظنون وفي يوم من الأيام قد تنال من هويتنا وذاتنا.

فكم من كذبة صغيرة هدمت أقوى البيوت، وهزت وآذت آلاف القلوب فهل نرضى

لمثل هذه الكذبات لتعشعش في قلوبنا وتغزل خيوطها في واقعنا وأحلامنا؟ أم

نقف في وجهها ونطردها لنفسح المجال للكثير من الصدق المتواري في جنبات

دواخلنا.

في كل الأحوال لابد من المواجهة والمصارحة، سواء اخترنا نحن التوقيت أم

اضطرتنا الظروف والمصادفات إليه. فلماذا التأجيل والتسويف فالكذبة ستبقى

كذبة مهما أخفيناها بالحجج أو تناساها الزمن، ستظل مظلمة مفتقرة لنور

الحقيقة. لكن كم من الكذابين يتوجب علينا مواجهتهم، العدد كبير والأكبر منه هو

مواجهة كذب الذات ومن يعز عليها، فهل تراك تواجه، هل تقدر؟!.



=======================


قرأت هذه المقالة وأحببت ان تشاركوني بها


ما رأيكم بكل ما قيل اعلاه؟

هل تؤيده ، ولماذا؟؟


هل تعارضه، ايضا لماذا؟؟

انتطركم يا اصدقائي
__________________
كن مثقفا قدر ما استطعت

فالثقافة حضارة

هل لك راي مخالف

اسمعك