الموضوع: قضية الأحواز
عرض مشاركة مفردة
  #8  
قديم 30-05-2007, 04:29 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

اشتعال المقاومة العربية في الأحواز

في الشهر الذي وقع فيه الاحتلال الإيراني للأحواز(نيسان/أبريل1925) اندلعت انتفاضة في المحمرة سميت (انتفاضة الغلمان) قام بها حراس الشيخ خزعل ومجموعة من حاشيته استمرت ثلاثة أشهر، تكبدت فيها القوات الإيرانية خسائر فادحة في الأرواح والمعدات، إلا أنها دفعت الكثير من أبناء عشيرة الشيخ خزعل الى الهجرة الى العراق و الكويت ..

كما انفجرت ثورة أخرى في نفس العام 1925 قام بها وحركها بعض رجال الدين أمثال عبد المحسن الخاقاني، ولكن السلطات الفارسية قمعتها بقصف مدينة المحمرة بالمدفعية، وقبضت على قيادات تلك الثورة وأعدمتهم.

صرخة امرأة عربية تحرك ثورة

تمادت السلطات الإيرانية في إهانة عرب الأحواز بنزع الطابع العربي سواء باللغة أو بتغيير الملابس. فقد جاء (السرتيب) أي العقيد فرج الله خان على رأس قوة إيرانية كبيرة، وأحضر رؤساء العشائر العربية هناك وأبلغهم في اجتماع تعليمات القيادة الإيرانية بتسليم أسلحة الأهالي، وتبديل الملابس العربية بأخرى فارسية، وإلا تعرضوا للإعدام والتنكيل بذويهم .. وكان ذلك في (الخفاجية) عام 1928.. وعلى إثر هذا الاجتماع تم إرغام رؤساء عشائر (الشرفة، وبنو سالة وبنو طرف ) على قبول ارتداء الملابس الإيرانية، ومن بينهم الشيخ ( محيي الدين الزيبك)

وبينما الشيخ في طريق عودته الى دياره، فوجئ بصرخة امرأة عربية من نساء (البو عبيد) في منطقة السارية تقول: يا للعار أنت أيها الفارس تلبس ملابسهم وتنزع عنك أصالتك؟ .. فما كان منه إلا أن مزق الملابس الفارسية وهتف بأعلى صوته: ( سرتيب كلاوك ذبيته) أي لتسمع أيها العقيد الفارسي أنني رميت ملابسك .. وتناقلت مدن وقرى الأحواز أهزوجته المعروفة ( يعكال إنسويلك هيبة) .. عقالنا الذي على رأسنا (وهو رمز عربي) سنحفظ هيبته.

تنادت العشائر حول الشيخ محي الدين وتجمعت عناصر الثورة المسلحة، ليكون هدفها منطقة (الكطاع) شرقي الخفاجية لضرب القاعدة العسكرية هناك، انطلق الشيخ على رأس 500 فارس من عشائر الشرفة وهاجموا القاعدة ودارت معركة شرسة لمدة سبعة أيام، واستخدم الفرس الطيران، حيث أسقط الشيخ بنفسه طائرة فارسية، وتم قتل (السرتيب فرج الله) القائد الفارسي، وتم الاستيلاء على القاعدة والتي اعتبرت منطقة محررة .. فدب الفزع بالفرس حيث ولوا هاربين واستمر تحرير المناطق المجاورة للقاعدة ( الحويزة و البسيتين والخفاجية) وبقيت تحت حكم الثوار لسبعة أشهر.. وبعدها حشد الفرس قواتهم وقبضوا على قيادة الثوار، وتم إعدامهم، إلا أن الشيخ محي الدين لجأ للعراق مع مجموعة من أبناءه وفرسانه وسكنوا منطقة (الجبايش) وكان ذلك في نهاية عام 1929، إلا أن الملك فيصل الأول ملك العراق توسط لدى السلطات الإيرانية وتم عودته الى منطقة الحويزة ليبقى تحت الإقامة الجبرية الى أن توفاه الله.

وبالرغم من أن عدو عرب الأحواز لم يكن الفرس فقط بل ومعهم الإنجليز الذين قايضوا الفرس بالسماح لهم بالتهام الأحواز ومعاونتهم على ذلك، بتزويدهم بتحركات العرب وما كانوا ينوون القيام به، فتحتاط قوات المحتل لذلك، مقابل مصالح نفطية هي أصلا في أرض عربية صرفة، تماما كما فعلوا بفلسطين عندما قايضوا اليهود بإعطائهم فلسطين مقابل خدمات استخبارية قدمتها الجاليات اليهودية في العالم للبريطانيين ..وبالرغم من هذا فإن عرب الأحواز لم يستكينوا ولم يهدءوا ففي عام 1936 ثار أبناء عشائر بنو طرف، وقد كان البريطانيون قد أوصلوا معلومات مسبقة عن تلك الثورة، فقام الشاه بتصفية دموية مروعة لتلك الثورة، وأمر بدفن قادتها وهم أحياء..

وفي عام 1940 قامت عشائر بنو كعب بثورة عارمة على ضفاف نهر (دبيس) وعاونتها معظم العشائر، وقاد تلك الثورة الشيخ (حيدر بن طليل)، وقد استطاع الثوار محاصرة كل الحاميات العسكرية في الأحواز ولاحت في الأفق بوادر نصر عارم، لكن حيلة تدخل بها الإنجليز للتوسط والحل السلمي لمسألة الاحتلال الفارسي، تم غدر القادة المفاوضين واعتقالهم وإعدامهم وهم: الشيخ حيدر ومهدي بن علي بن عمير وداوود الحمود وكوكز بن حمد وابريج وكاطع الشذر وأعدمتهم في شباط/فبراير 1940

وفي عام 1943 قامت انتفاضة الفجرية حين استطاع الشيخ جاسب بن الشيخ خزعل أمير الأحواز دخول الإقليم بعد الاتفاق مع شيوخ العشائر العربية في الإقليم، وتمكنوا من إلحاق خسائر جسيمة بالقوات الإيرانية وإسقاط طائرة، إلا أنهم تراجعوا لعدم كفاية الإمدادات اللوجستية ..

وفي عام 1944 قاد الشيخ عبد الله بن الشيخ خزعل ثورة أخرى، تحقق بها بعض النجاح إذ تم احتلال مبنى شركة النفط هناك، واحتلال الكثير من المرافق.. إلا أن السفير البريطاني تدخل، وقال لهم عودوا الى العراق واطمئنوا بأننا في صدد إعادة الأحواز الى سابق عهدها كإمارة مستقلة، فلا تفسدوا الأمر، واتصل بعد عودنهم لبغداد بالحكومة العراقية فوضعتهم تحت الإقامة الجبرية!

انتبه العرب الى المكائد البريطانية، فقاموا عام 1945 بانتفاضة عارمة قادتها قبيلة بنو طرف واشترك فيها بنو سالة وبنو لام والشرفة والمحيسن، وتم احتلال معظم المدن والقرى والمخافر والحاميات الفارسية .. فاستعملت القوات الفارسية الطائرات والمدرعات وتقدمت بجيوش لا قبل للانتفاضة بمقاومتها وحدها ..

علم عرب الأحواز أن الانتفاضات المحدودة والثورات التي تخمد، لا تكفي وحدها بتحرير بلدهم المغتصب فلا بد من تنظيمات دائمة تدير تلك المقاومة وتغطيها إعلاميا وتنشط سياسيا في تعريف العالم بقضية شعب، أدار له العرب ظهرهم .. وهذا ما سنتناوله في المرة القادمة ..
__________________
ابن حوران
الرد مع إقتباس