عرض مشاركة مفردة
  #8  
قديم 23-06-2007, 01:04 PM
خاتون خاتون غير متصل
مشرف
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2006
الإقامة: المغرب
المشاركات: 246
إفتراضي هيام فوق السحاب

يعود اليوم ليعاقب الروزنامة ويدير وجهها إلى الحائط... سمعت صوته فالتفت مذعورة،

"ما أحلاكِ وأنت تلتفتين، كأنك ظبية لا تستطيع شرب الماء من هواجس خطر ما.... اشتقت إليك ولو من وراء ستار... كنت أرقب اختلاجات فؤادك فتختلط مشاعرك بين اليأس والأمل، فيظهر على محياك، وتزدادين روعة
"
.
كدت أذوب مثل قطعة ثلج مهجورة، لو علمت أن ذوباني فيه يرضيه لما ترددت في الانصهار في حناياه. كدت أقول له كلمة تراقصت بين شفتي، فإن المشاعر التي في داخلي لها عنوان، وهذا العنوان هو ما لم أقله بصريح العبارة، فقد انجذبت إليه بشكل لا يجعلني أخطئ بتلك المشاعر. أردت أن أقول شعرا فأحسست أنه الشعر كله والقصيد ولولاه ما كنت لأوجد.

"كنت أظن أنني أعرفكِ، وكنت أخمن أن هناك درة ثمينة في أعماق محيطكِ، لكنني لم أكن أتوقع أن أقع على منجم من اللآلئ الثمينة. ابتسامتكِ الحزينة، والتي تتبعها ضحكة كصوت جدول رقراق صادح تعطيني عزما، فهدوءا يتبعه صخب، وتقهقرا يتبعه وثوب

تلعثمت ورددت عبارات لم أستطع أنا أن أفهمها، ربما لأن العبارات أتعبتني قبل أن أتعبها، وربما لأن روعة الإحساس أكبر من أن أعبر عنها....

أحسست بالعجز وأعلنته هذه المرة فبادر قائلا:
" كلماتكِ تطوع للكنوز كي تخرج دون استئذان من أحد، كنوز كريمة تمنح لحسنات بسيطة، نحن نعرف الحسنة بعشرة لكن أن تكون بمليون فهذا هو الكرم بعينه. أميرة.. كيفما تتحركين .. وكيفما تبتسمين. كنت أسمعكِ من هناك فوددت أن أغمزك بعيني، ولكن المسافات حالت دون ذلك، وجئتكِ... فكان للكلمات وقعا آخر. حين تمتزج الكلمات بأنفاس من يحكيها، تصبح كأنها كائنات حية لها أبعاد ثلاثية، ولكن كلماتكِ لها بعد رابع إضافي، يظهر قبل ظهور الكلمات، وحين أتأملك، ترتسم على محياكِ لوحات يعجز رمبرانت وكوخ وبيكاسو عن رسم مثلها، ولكنني أتذوقها بفعل قوة الجاذبية الوجدانية.

لا تتكلمي، لا تكتبي، فكتابكِ مقروء و عنوانكِ معروف، ليس هناك حاجة لكتابة قطعة وعليها سهم يشير إلى السماء أنها ( سماء) فالجاهل يعرف ذلك، وليس هناك حاجة للتعبير عن الشوق لمشتاق يركض جاهدا نحو من يشتاق إليه. عندما يكون للوعاء أكثر من باب فلا يختنق بما يسكنه.. وعيناك تشع بما يعجز عنه يدي و يديك معا، إنها تبث ما نحس به، وشفتاكِ عندما تلامس أسنانكِ تصعقني بشرارها كأنها صواعق جبال الأطلس الكبير بعز الشتاء.


صرخت بجنون في وجهه: "هل تريدني ان اعلن جنوني على اعتاب دجلة؟"

فابتسم:" قد يكون جنونكِ تعبيرا عقلانيا ساكنا منذ مدة، فآن له الحراك كي يعبر عن ذاته".

تمتمت بهيام: "ربما كان يقبع تحت جلدي ينتظر مجنونا بابليا يزعزع كيانه"

ابتسم بسخرية أحببتها: "لا أظن أن هاروت وماروت ( ببابل) يعلمان الناس ما يسحرهم دون أن يقوما بتحذيرهم، ولكن الجنون يركب معظم العاشقين، ففي الجنون أحيانا نعمة وحكمة .. لا يدركها إلا من روّض نفسه طويلا على معاندة الجنون...هل تودين مني التوقف عن التعبير عن جنوني، مولاتي ؟.

وباستحياء وتلعثم وتردد أجبت: اعذرني، فعالمكَ دوخني و هل تشعر باني غنية عن جنونِكَ؟ ..لا تؤاخذني سيدي ، فلكل داخل دهشة.

"إنني أرقب اختلاجاتكِ الداخلية .. فأكون في شعور اختلطت فيه رغبتان: رغبة في أن أريحكِ من هذا الحوار، ورغبة في ضمك بقوة... لكني سأختار الأولى، أراني قد أثقلت على كاهلك بعض الشيء، فلولا توقفت لكان خيرا لكِ، فرقتك قد يؤثر عليها نسيم الصباح".
دمتِ لي...



أتراه يرجع أم سيظل يرقبني من هناك..... وأظل احلم هنا؟







خاتون: الهائمة به
الرد مع إقتباس