عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 29-04-1998, 06:53 PM
صلاح الدين صلاح الدين غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: May 2000
المشاركات: 805
Post

وردت كلمة (السمع) في الآيات الكريمة مقرونة (بالأبصار) و(بالأفئدة) أو بهما معاً، فجاءت بصيغة المفرد وجاءا بصيغة الجمع، كما في:
[البقرة/7] {خَتَمَ اللَّهُ ‏عَلَى قُلُوبِهِم ‏وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ ‏وَلَهُمْ ‏عَذَابٌ عَظِيمٌ} ‏
و[البقرة/20] {‏يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ ‏‏كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا ‏‏وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ ‏‏إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}
و[الأنعام/46] {‏قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُمْ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ}
[يونس/31] {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ‏‏أَمْ مَنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ ‏وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ ‏وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ ‏فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ ‏‏فَقُلْ ‏‏أَفَلَا تَتَّقُونَ}
و[النحل/78] {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا ‏وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ‏لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}
و‏[النحل/108] {‏أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ ‏وَأُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ}
‏و[المؤمنون/78] {‏وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ‏قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ}
و[السجدة/9] {ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ ‏‏وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ‏‏قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ}
و‏[فصلت/20] {حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}
و[فصلت/22] {‏وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ ‏وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ}
و[الأحقاف/26] {‏وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ ‏وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً ‏فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ ‏‏إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ‏‏وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ}
و[الملك/23] {‏قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ ‏وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ‏‏قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ}

ذلك لأن (السمع) لا إرادي يتعلق بآلته وهي الأذن، بينما الإبصار والفهم لا يتعلقان فقط بآلة النظر (العين) وآلة الفهم (الفؤاد) وإنما يتعلقان بمعطيات موضوعية أخرى، ويخضعان لإرادة الإنسان.
والمؤمن والكافر
والمطيع والعاصي
والمتبع والمبتدع
والعالم والجاهل
والأمير والحقير
والغني والفقير
والذكر والأنثى
والكبير والصغير
يسمعون جميعاً نفس الأصوات والكلمات والألفاظ ولكنهم لا يفهمونها فهماً واحداً، ولا ينظرون إلى الأمور بعين واحدة، ولا يختارون اختياراً واحداً فيما يرون ويفكرون، وقد بين الإمام محمد بن علي الشوكاني في كتابه [فتح القدير4/250] ذلك بقوله:
(ثم خاطب جميع النوع فقال: {وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة} أي: خلق لكم هذه الأشياء تكميلاً لنعمته عليكم وتتميماً لتسويته لخلقكم حتى تجتمع لكم النعم فتسمعون كل مسموع، وتبصرون كل مبصر، وتعقلون كل متعقل، وتفهمون كل ما يفهم.
وأفرد السمع لكونه مصدراً يشمل القليل والكثير، وخص السمع بذكر المصدر دون البصر والفؤاد فذكرهما بالاسم ولهذا جمعا، لأن السمع قوة واحدة ولها محل واحد وهو الأذن، ولا اختيار لها فيه، فإن الصوت يصل إليها ولا تقدر على رده ولا على تخصيص السمع ببعض المسموعات دون بعض، بخلاف الأبصار فمحلها العين، وله فيه اختيار فإنها تتحرك إلى جانب المرئي دون غيره، وتطبق أجفانها إذا لم ترد الرؤية لشيء، وكذلك الفؤاد له نوع اختيار في إدراكه فيتعقل هذا دون هذا، ويفهم هذا دون هذا).
والله تعالى أعلى وأحكم وأعلم.