عرض مشاركة مفردة
  #164  
قديم 24-04-2006, 02:32 PM
عبد الرحمن السحيم عبد الرحمن السحيم غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2006
المشاركات: 73
إفتراضي

إقتباس:
المشاركة الأصلية بواسطة muslima04
شيخنا الكريم..لاشك اننا في زمن كثرت فيه الفتن والمحن..أصبح التشبت فيه بالدين كالقبض على الجمر..لكن مع ذلك ليست لنا سعادة إلا عبر هذا الدين العظيم..فهل من إضاءات تعطيها لنا يا شيخ ؟؟ كيف نربي أنفسنا على الطاعة وسط كل هذه الفتن؟؟وكيف السبيل للتغلب على تلك النفس الأمارة بالسوء؟؟

الجواب :

بارك الله فيك

يَظنّ بعض الناس أن مِن شَرْط الصلاح أن لا يُخطئ الصالح – رجلا أو امرأة – ، ولا يَقع في الخطأ .. أو لا يُذنِب ..
وهذا كله ليس مِن شرْط الصلاح ..

فالـنَّفْس تنشط وتكسل .. وتُقْبِل وتُدْبِر ..
قال عمر رضي الله عنه : إن لهذه القلوب إقبالا وإدبارا ، فإذا أقْبَلَتْ فَخُذُوها بالنوافل ، وإن أدْبَرَتْ فألْزِمُوها الفرائض .

كل نَفْسٍ لها نشاط وكَسَل ..
كل نَفْس لها قوّة ويَعتريها الضّعف

ولذا جاء في الحديث : إن لكل شيء شِرَة ، ولكل شِرَة فَتْرَة ، فإن كان صاحبها سَدَّد وقَارَب فارْجُوه ، وإن أشير إليه بالأصابع فلا تَعُدّوه . رواه الترمذي ، وحسّنه الألباني .

أما تربية الـنَّفْس على الطاعة فلا يتأتّى بين يوم وليلة ، ولا بين عشيّة وضُحاها !
وإنما يكون بالتدرّج .. وقد قال عليه الصلاة والسلام : إنما العِلْم بالـتَّعَلُّم ، والْحِلْم بالـتَّحَلّم ، ومن يَتَحَرّ الخير يُعْطَه ، ومن يَتَوَقّ الشَّر يُوقَـه . رواه الطبراني في الأوسط والخطيب البغدادي في الفقيه والمتفقِّه ، وحسنه الألباني .

فتُعوّد النفس على قراءة القرآن ، وعلى فِعل الخير ، حتى يَكون لها عادة ..
وقراءة القرآن والعمل به من أعظم وسائل الثبات ..
وكذلك الصلاة فرضها ونَفْلها ..

وكان سلف هذه الأمة يُجاهِدون أنفسهم على العبادة سِنين عَددا ثم يَجِدون لذّة العبادة بعد ذلك .. أي : بَعد ما تستقيم تلك النفوس وتُروّض على طاعة الله ..
حتى تكون تلك النفوس تألف تلك العبادات وتأنس بها .. وتَحْزن لِفقْدِها ..

ولذلك لما صلّى النبي صلى الله عليه وسلم صلاة رباعية فَسَلّم مِن ركعتين قام كأنه غضبان ..

والـنَّفْس إنما تَزكو بالعبادة .. وتَخِيب وتَخْسَر .. بالمعصية ..

قال شيخ الإسلام ابن تيمية : الصلاح كله في طاعة الله ، والفساد كله في معصية الله ..

وقال ابن القيم : لو كانت النفس شَريفة كبيرة لم تَرْضَ بالدُّون ، فأصْلُ الخير كلّه بتوفيق الله ومشيئته ، وشَرَف الـنَّفْس ونُبْلها وكبرها . وأصْل الشّر خِسّتُها ودناءتها وصغرها . قال تعالى : (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا) ، أي : أفْلَح مَن كَبّرها وكَثّرها ونَمّاها بِطَاعَةِ الله ، وخَابَ مَن صَغّرها وحَقّرها بِمَعَاصِي الله ، فالـنُّفُوس الشريفة لا تَرْضَى من الأشياء إلا بأعلاها وأفضلها وأحْمَدها عاقبة ، والـنُّفُوس الدنيئة تَحُوم حَول الدَّنَاءات وتَقَع عليها ، كما يَقَع الذُّبَاب على الأقْذَار ، فالـنَّفْس الشَّرِيفة الْعَلِيّة لا تَرْضَى بالظُّلْم ولا بالفواحش ولا بالسرقة والخيانة ، لأنها أكبر من ذلك وأجَلّ ، والنّفْس الْمَهِينة الْحَقِيرة والْخَسِيسة بالضِّدّ مِن ذلك ؛ فَكُلّ نَفْسٍ تَمِيل إلى ما يُناسبها ويُشاكلها . اهـ .

ومما تقدّم الكلام فيه – وأغنى عن إعادتِه – فضل العبادة في أوقات الفِتن .. لأن اللجوء إلى الله فيه السلامة والنّجاة .. وعِبادته سبحانه فيها الثبات ..
ولا يَخيب من تمسّك بِحبْل الله ، ولا يَضِلَ من اهْتَدى بِهُداه ..

والدعاء سِلاح المؤمن .. بِه يُقاتِل وبِه يَحْـتَمِي ..

ونسأل الله الثبات ..
__________________
الرد مع إقتباس