عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 27-08-2002, 11:01 AM
الصورة الرمزية لـ ARGUN
ARGUN ARGUN غير متصل
عضوية غير مفعلة
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2001
الإقامة: MAMA ALGERIA
المشاركات: 1,012
Wink الصارم البتار لقطع دابر سُرَّاق الأحذية الأشرار ...فتوى أرغونيه™

عدت إلى المسجد في العصر متأبطا شرا و أنا أجر حذائي العتيق إلى مثواه الأخير.

استجمعت شظايا أفكاري المشتتة منذ يومين على وقع أكبر حادثة سرقة تعرضت لها منذ سرقة ملابسي على شاطئ البحر، و حاولت استجداء بعض الخسة و اللؤم من نفسي الأمارة بالسوء لعلها تعينني في صياغة خطة شيطانية للانتقام من سارقي الأحذية في المساجد.

مثل غانية في خريف عمرها، طلقها الحياء من دون رجعة و ذهب ماء وجهها، كشف حذائي العتيق من دون سابق انذار عن ابتسامة فاضحة، أظهرت أصابع رجلي اليسرى المنقبضة منذ يومين حزنا على فراق حذائي الجديد الذي سُرق مني و أنا أصلي في مسجد الحي.

كدت أن أنزعه من رجلي و أرميه في الشارع و أكمل السير حافيا الى المسجد و لكن لحسن الحظ أنني انسان عاطفي جدا و لست نكَّارا للجميل. أبدا، أبدا.
تذكرت السنوات الثلاث الماضية التي خدمني فيها بكل تفان، في المنشط و المكره، و الميسر و المعسر( و ما أكثر أوقاته ).
كل هذه الرقع التي تشد ما بقي من جلده المنهك تحمل معها ذكرى تضحيات تزيد من احترامي و عرفاني له.

فكم مرة أسقط على الدرج فأبكي أنا و يتفغر فاه هو على ضحكة تفضح عورة رجلي، فأضطر إلى حمله على جناح السرعة إلى أقرب اسكافي ليعالج ميوله المازوشية الى السخرية من الذات، حتى و هي تشرف على الهلاك.

صحيح أن له قدرة عجيبة على الابتسام و الضحك عند المصاعب و الأهوال... ربما لأنه من جنس الأيدي التي صنعته يحمل نفس مورثات الخضوع و اللامبالاة في جلده... ( صناعة محلية).
صحيح ايضا أنني متطرف ديمقراطيا و هامش حرية التعبير في محيطي غير محدود، و لكن لن أسمح لحذائي رغم معزته الكبيرة عندي بأن يعبر عن شعوره عند كل سقطة فيفضحني بضحكاته المتكررة أمام الملأ. لذا أضطر في كل مرة أن أخصم جزأ من مصروفي لصيانته و أنا كاره لذلك، و عسى أن تكرهوا شيء و هو خير لكم.

وصلت إلى المسجد وقد وضعت اللمسات الأخيرة على خطتي للانتقام فكان لابد من الفراق، و في منظر رومانسي لا يتكرر إلا في الأفلام العربية الرديئة التي كان المسئولين هنا يحاولون تسويقها للعامة "ثلاثة كيلو بقرشين و الرابع تاع البانكس " و لكن هيهات الكل كان يصوم عن المشاهدة حتى يفطر على فيلم هوليوودي لا يسبب له عسر في الهضم كما تفعله عادة الافلام العربية ، ألقيت على حذائي نظرة أخيرة... و كدت أن أطبع على جبينه قبلة وداع لما وجدته في نفسي من لوعة الفراق و لكن صديقي من ورائي وصل بي على باب المسجد و ربت على كتفي و سلم علي و أنقذني دون أن يعلم من مشهد مخز يحاكي بعض المشاهد التي تتكرر تلقائيا عندما يتفضل صاحب السعادة بإظهار يده الشريفة للرعية فيقفز الجميع لتقبيلها على نتانتها و سوء عملها. و لكن شتان بين تقبيل من تركبه و تقبيل من يركبك.

قمت بتصريف هذا الصديق سريعا لأنه سيفسد علي خطط الانتقام من سرقة حذائي الجديد و رميت حذائي القديم بقوة على الأرض كي أثير انتباه السراق الذين يأتون عادة زرافات في مثل هذا الوقت المتأخر ( منافقين... لا يقومون إلى الصلاة إلا و هم كسالى) و نظرت إلى آخر الوافدين و أنا أصرخ بداخلي : " توشيه دوك يا وحد الـ...... !!! ...الرجل فيكم يتقدم و يسرقه كما سرقتم حذائي الجديد Nike Air Max " الذي كدت أن أترك الصلاة بعد أن فجعت فيه ... و اغرورقت عيناي و أنا أتذكر حذائي المسروق الذي كلفني إضافة إلى العمل في المكتب، الوقوف شهر في الأسواق الشعبية في العاصمة أبيع "زلابية بوفاريك" الى غروب الشمس و أنا أصرخ في شهر رمضان المعظم بلغة بني عربوب:" تسع الاف تسع الاف تسع الاف ...تسع الاف الزلابيه يا الزَّوالي..... الرخا يدَهَّشْ" "أيا هنا زلابيه تاع بوفاريك الزينه..." " زلابية شابه و بنينه "..... كول يا الزَّوالي ...اليوم مَتشي كل يوم"

انقطع حبل أفكاري على صوت المقيم و أسرعت إلى الصف و أنا امني نفسي بأن تتكرر هذه المرة سرقة حذائي كي تكون حجة على كل من يأوي الإرهاب الأعمى الذي يعتدي على ممتلكات الناس، و أعلن رسميا ضم مسجد الحي إلى المؤسسات الراعية للإرهاب. ( بدعة أمريكية سبقهم إليها الكثير من العرب)

وانقضت الصلاة و خرجت متأخرا كي أترك لهم الفرصة كي يسرقوه فانتقم من الجميع: السارق و الذي يوفر له المأوى و الساكت على فعلته فكلهم شاركوا في الجريمة و لكن نابت يد الجاني عن الشركاء، قررت أن اسرق بدله ثلاث أحذية جديدة، لا يهم من يكون أصحابها فقد نزلت فتواي و الأكيد أن ضحية بطشي لن يكون الا واحد من الثلاثة اصناف التي ذكرت في الفتوى الأرغونيه للانتقام من سراق الأحذيه و لكن للأسف خرجت إلى ساحة المسجد و وجدت حذائي القديم بانتظاري و لسان حاله يقول: " ماني على فراقك يا شوق قادر.."

فشلت الخطة...
و لكنني بعد طول تفكير انتبهت إلى السبب....
لم يكن حذائي يحمل شعار NIKE أو ADIDAS .... التين تثيران شهية السراق
في المرة القادمة سأرسم عليه احد الشعارين........ أو كلاهما معا.
أظن أنني سأرسمهما معا كي أزيد من حظوظ النجاح.
طابت أوقاتكم

بوفاريك مدينة كلونيالية جنوب العاصمة الجزائر مشهورة بالإرهاب الأعمى و المبصر في نفس الوقت و صناعة حلوى الزلابية طبعا.
__________________

ميدالة للفرح كل يوم
اعطيني حبه VALIUM
غير باش افتح عينيَ
و الدنيا ترجع بلا هموم


ابن قنب الهندي- " هموم الزواليا"