عرض مشاركة مفردة
  #7  
قديم 19-10-2005, 04:17 AM
أحمد ياسين أحمد ياسين غير متصل
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2005
الإقامة: فرنسا
المشاركات: 6,264
إفتراضي

وكذالك جعلناكم امة وسطا


هذه هي الوسطية حسب قناعتي في هذا التحليل


الطابع العام للشريعة اليهودية يميل إلي القوة و العنف , و الطابع العام للمسيحية ينحصر في الرحمة و السلام
و لما كانت الحياة لا تنظم إلا بالطرفين من كل شئ فقد جاء الإسلام يمجد الرحمة حيث ينبغي أن تكون الرحمة و ذالك فان الله – يصف ذاته بالقوة في قوله تعالي (..... وَكَانَ اللَّهُ قَوِيّاً عَزِيزاً ) ويصف الله ذاته بالرحمة في قوله تعالي ( ..... وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً )
فصفة القوة جاءت حيث ينبغي أن تكون القوة وصفة الرحمة جاءت حيث ينبغي أن تكون الرحمة
والرسول الكريم يدعوه الله إلى الرحمة ولين الجانب والشورى فيقول تعالى في سورة آل عمران
"فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ ...... "
ومن سمات الرحمة في الإسلام والدعوة إليها خطاب الله إلى المؤمنين في قوله تعالى في سورة آل عمران
وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ
وإذا ما تعلق الأمر بالدين والدعوة إليه فان ذالك ينبغي أن يكون بطريقة الرحمة والتلطف والترغيب لا العنف والإكراه ذالك لان طبيعة الدين وسماحته خير داعية له ".....لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ...."
"ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ....." كل هذه الرحمة من صلب الدين الإسلامي وروحه ,ولكن إذا حزب الأمر وتعرض المسلم للخطر أصبح من المحتم عليه أن يخلع ثوب الرحمة واللين وان يركب المراكب الخشنة فالمسلم رحيم على قومه وأهله وجيرانه,ورحيم على أهل الكتاب ما لم يظهر منهم الاعتداء , ولكن إذا حاول الكفار الاعتداء كانت هذه الآية خير مصور لواقع الحال
""مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ .... "
والسلام يكره الخنوع والمذلة والاستضعاف , فهو يدعو إلى الرحمة العزيزة التي لا تنتهي بالمسلم إلى الذل والضعف , ويطالب المسلم أن يعيش سيدا مستقلا غير ذليل .وإلا فالهجرة واجبه حتى يستعد ويستعيد أرضه كما حدث للمسلمين الأوائل حينما هاجروا إلى الحبشة ثم إلى المدينة حتى تجهزوا للنصر فعادوا إلى مكة فاتحين ظافرين فان الله تعالى يقول في سورة النساء
" قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا .... "
ثم تأتي الدعوة إلى القوة والعزة في قوله تعالى
"وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ ...... "
ويحض الرسول صلى الله عليه وسلم على القوة فيقول "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف. وفي كل خير. احرص على ما ينفعك واستعن بالله. ولا تعجز. وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كان كذا وكذا. ولكن قل: قدر الله. وما شاء فعل. فإن لو تفتح عمل الشيطان".
وهكذا جاء الإسلام وسطا يدعوا إلى الرحمة ولا يغفل القوة وهو حينما يدعو إلى القوة يدعو إليها بعبارات تخاطب القلب وتنفذ إلى الوجدان فتهز المشاعر هزا عنيفا ولذلك فان كبير المستعمرين جلادستون كان يقول للإنجليز ...لن تستطيعوا أن تستعمروا المسلمين مادام هذا الكتاب بين ظهرانيهم, يقصد القرءان الكريم
ولذلك فان حرب الانجليز على القرءان ومحاولة محوه من قلوب المسلمين من أخس الحروب وأحط الخطط لكنهم ليسوا بمستطيعين أن يفعلوا به شيئا لان الله اتخذ على نفسه عهد ا بالمحافظة عليه
"إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ "