عرض مشاركة مفردة
  #82  
قديم 20-01-2006, 08:35 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

ما هي المصلحة العامة و من يقررها ؟

يكثر الحديث عن المصلحة العامة ، و يكون المستمع للحديث ، بمجرد أن يسمع بهذا المصطلح ، تقفز لمخيلته صورة سريعة عن تلك المصلحة العامة ، ولكن تلك الصورة تكون بالأبيض و الأسود ، تفقد لونها أو ألوانها ، و أحيانا تفقد حدودها ، وأحيانا تصطبغ بصبغة المتحدث نفسه . فوزير إعلام دولة عربية عندما يتكلم عن المصلحة العامة ، فإنه يقصد مصلحة النظام ، تماما كما يتكلم وزير الداخلية عن الأمن ، فإنه يعني بكلامه أمن النظام .

أما أبناء الأحزاب و النقابات و العسكر و أبناء الأسر و الزعامات التقليدية ، فإنهم يشرحون موضوع المصلحة العامة وفق مخزونهم المعرفي عنها وفق منظومتهم الأيديولوجية .

إن هذا الشكل الأميبي ( من الأميبا) حول تحديد المصلحة العامة ، سيعقد تشكيل أساس البناء ويكرس التيه لفترات أطول ، وسيكرس الخلاف ، وتبقى الدورة أزلية ..

لكن هل هناك مصلحة عامة نموذجية ، يمكن أن تنسحب على أي قطر أو حتى مدينة أو قرية ، وفي كل العهود و الأزمان ؟ .. لا أظن ذلك بكل تأكيد ، فالمسألة تتغير بتغير طرائق الرزق ، وتتغير بتغير الأعداء ، و التحالفات ، وهذه ليست ثابتة أيضا .. فعدو الأمس قد يصبح حليف اليوم ، ولنا في أوروبا خير مثال .

مع ذلك فان إيجاد وعاء يستطيع استيعاب كل تلك التغيرات ، في المواقف هو مسألة حسمت على مر التاريخ ، و تجلت في العصر الراهن بشيء أطلق عليها مصطلح ( دستور ) .. وهو يناقش أحقية كل فئات المجتمع بالتعريف عن ذاتها ويضمن حركتها بما لا يتعارض مع الحركة العامة للمجتمع الكلي .

و أحيانا تبادر الأحزاب أو التيارات الفكرية ، بكتابة دساتير مقترحة للمجتمع ، لا تطلق عليها مصطلح ( دستور ) بل تشرح أهدافها التي تزعم أنها تقدمها كخدمة للمجتمع ، وتناضل أو تسعى من أجل تحقيقها ، ومن يتأملها سيجدها تشكل دستورا من قبل ذلك الفصيل أو التيار .. ولكن تقاس مسألة القبول لهذا البرنامج من عدمه ، من قبل المجتمع ، من خلال الأتباع الذين يؤمنون أو يشاركوا من كتب مثل تلك الأدبيات رؤيتهم .

وقد تكون قساوة أنظمة الحكم ، أو ضعف إعلام ذلك التيار على تبيان رؤيته لا يعطي لمسألة الأتباع أهمية كبرى ، لذا فان الاحتكام لتلك المسألة يعتبر مبكرا لاعتباره مؤشرا على رجاحة تفسير موضوع المصلحة وفق أساس حجم الأتباع .

وعليه فان الالتقاء بين التيارات و أخذ ما يشتركون فيه من نقاط ، هو المدخل الأكثر أهمية في التحرك العام .
__________________
ابن حوران
الرد مع إقتباس