الجزيرة وأخواتها
بسم الله الرحمن الرحيم
قيل ويقال الكثير عن هذه القناة سلبا وإيجابا،ولكن ومما لا شك فيه هو أن هذه القناة تربعت ومنذ نشأتها على عرش الريادة في سماء الإعلام العربي الممتلئة بالغيوم التي لا سحاب ترجى منها.
عندما نقوم بتحليل ظاهرة قناة الجزيرة يجب أن ننظر لها أولا وقبل كل شيء من الزاوية الإعلامية الصرفة بعيدا عن كل التأويلات السياسية أو العقائدية أو الأيديولوجية.وفي هذه الحالة سندرك أنها حققت نجاحا منقطع النظير وقل مثاله ليس فقط في الإعلام العربي بل في الإعلام العالمي،فهي من حيث جودة التقنية وعلو الحرفية الإعلامية لا يشق لها غبار وبهذا المكسب يجب أن نفتخر جميعا انطلاقا من كونها نتاج عقول والسنة ووجوه عربية. فبدون حسد أو مزايدات هي القناة الأولى
بدون منازع أو حتى ظل .
أما من ناحية الواجهة الفكرية والخطاب الإعلامي أو المنظور الأيدلوجي أو العقائدي فحدث ولا حرج ،فرضى الناس غاية لا تدرك وخصوصا عندما نتحدث عن أفراد أمة أشبعوهم أطنانا من الإعلام الموجه والسخيف الذي يعمي البصيرة قبل البصر ويشل الفكر التحرري والنظرة النقدية التي تبنى على أساس علمي وشفاف.
بلا شك أن للجزيرة كبواتها ككل جواد من الطراز الأول وهذا من طبيعة الأشياء ولكن ومن غير المعقول هو أن نرى أخواتها الآتي يحاولن تقليدها يخبطن خبط عشواء بدون تدبير أو تمييز بين ما هو طالح وما هو صالح.وانا هنا في غنى عن ذكر الأسماء فاللبيب بالعربية يفهم!!!
من المسلم به أن الإعلام برمته موجه لمصلحة من يموله ولكن الاختلاف يكمن في مقدار هذا التوجيه، فكناك التوجيه الفاضح والذي يخل بالذوق والإحساس كمعظم قنواتنا الوطنية والتي هي أشبه في معظمها بشريط فيديو عائلي نرى فيه الحاكم وهو يمشي ويضحك ويقبل هذا ويصافح ذلك ويستقبل هذا ويودع آخر،ينزل من طائرة ويطلع أخرى، ويتهجى خطابا،............أشياء سخيفة لا معنى ولا مدلول لها.
وهناك قنوات موجه نسبيا كقناة الجزيرة وبعض من القنوات الأجنبية والتي مقدار التوجيه فيها يظل إلى حد ما مقبول نسبيا ،فالجزيرة لم تأتي من السماء فهي نتاج فكرة ومخطط قطري كان له السبق في وضع الفكرة وتجسيدها على أرض الواقع ومن البديهي أن يستعملوا هذا النجاح الإعلامي لمصلحتهم كما لو كانت ستفعله أي دولة أخرى بدون تخمين أو تردد، وما يحسب لقطر في هذا الميدان وتشكر عليه هو أنهم لم يستغلوا هذا المكسب بشكل فاضح وخشن ،بل تعاملوا مع هذه الوسيلة بقدر لا بأس به من اللباقة وحسن الذوق.
ما يحيرني ويدهشني في هذه الحكاية هو كيف لقناة مثل الجزيرة والتي تتميز بطابع الحرية والجرأة والحرفية أن تنمى وتترعرع في وسط دولة ليست بديمقراطية ولا حرة في إعلامها ولا في سياساتها والأغرب من ذلك كله هو كيف تمكنت الجزيرة من الحصول على هذا المستوى العالي من المصداقية وتقبل المواطن العربي لها وهي تبث من على مسافة بضع كيلو مترات من أكبر وأهم قاعدة أمريكية في الخليج العربي؟؟؟
كيف تمكنت الحكومة القطرية من التوافق بين هاتين القاعدتين؟؟
من الواضح هنا أن الحكومة القطرية قلبت كل قواعد الاتزانات واصبحت لاعب سرك ماهر ومتمرس ولكن ما اخشاه هو ان ينقلب السحر على الساحر وتصبح الجزيرة ومن ابتكرها يوما في خبر كان.
|