الموضوع: العروض رقميا
عرض مشاركة مفردة
  #4  
قديم 04-06-2000, 01:15 AM
خشان خشان خشان خشان غير متصل
عضو قديم
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2000
المشاركات: 300
Post

الأخوين الفاضلين عمر ومجدي
سلام وبعد
أشكر لكما تشجيعكما واهتمامكما.
وبودي قبل الخوض أن أقول بأن من اعتاد التفاعيل يجد صعوبة في الربط بينها وبين الأرقام ولهذا أرجو التركيز على المقاطع التالية وأرقامها تسهيلا للتواصل، كما أني سأحاول الربط ما أمكن بين الأرقام والتفاعيل، وسأركز هنا على أرضية هامة جدا ما أراها أخذت أهميتها من دارسي العروض، وهي تفسر ظواهر كثيرة منها بعض أنواع الزحاف الثقيل، وهي الخبب وما يتصل به.
وقبل الاستمرار بودي أن أذكّر الأخ عمر إلى ما وقع لديه من سهو فالذي ذكرت نازك أنه يقصم ظهر الكلمة إن جاء في وسطها هو الوتد المجموع وليس السبب.
المتحرك=1، الساكن=ه ،
السبب الخفيف=1ه =2
السبب الثقيل= 11 = 2 بخط تحتها
الوتد المجموع = 11ه = 3
الفاصلة = سببان = المتعارف عليه أنهما خفيف فثقيل=211= 31، حيث كل (21=3) وسوف نرى في قادم الحديث أن كل سببين مهما كان نوعهما هما فاصلة، ويمكن إحلال أي سبب مكان الآخر -إلا في حدود الإستثناء- دون أن يضطرب الوزن.
أرى أن الأوزان في الشعر العربي قسمان رئيسان وثالث بينهما، ومن أسباب ثقل الوزن الخلط بين هذين النوعين من التفاعيل نتيجة زحاف أو سواه خارج الحدود المقررة كما سنرى.
1- الخبب وهو مكون من فواصل أي أزواج من أسباب، وتفاعيله وكلها قابلة لأن يحل أحدها محل الآخر، وهي على النحو التالي (خ= سبب خفيف =2، ث= سبب ثقيل =11)
أ - خ+خ= فَعْ لُنْ =فَعْلُنْ =2+2=22=4
ب - ث+خ=فَعِ لُنْ =فَعِلُنْ 11+2= 211=31=4 بخط تحتها
ج - خ+ث=فاعِلُ =112 =22 بخط تحت (2) الثانية، لاحظ أنه إن كان السبب الثقيل أولا جاز جمع 22على 4 بخط تحتها
د - ث+ث= فَعِ لَنُ =1111=22 بخط تحت كل منهما
وهنا يلاحظ أنه لا يوجد وتد أصيل أبدا، وأن فعِلُن=211=31 في الخبب ووتدها هنا وتد ظاهري،
هي غير فعلن=31 في المتدارك، حيث أن اصل فعِلُن في المتدارك فاعلن تحولت إلى فَعِلُن (32 تحولت 31) فالوتد هنا حقيقي، ولسائل ان يقول وما الفارق، والجواب:
خذ بيت الشعر يا ليلُ الصبُّ متى غده --أقيام الساعة موعده
ووزنه = 22 /22 / 31 / 31 --31 / 22 / 31 /31، والأن لنركز على (أقيا=31)، وهذه تفعيلة خببية لا تمت إلى فاعلن التي في المتدارك بصلةن ووتدها ظاهري، ولنحاول أن نرى الفرق عندما نحل محلها
أولا، تفعيلة خببية أخرى مثل فاعلُ= 112فيصبح النص المحرف:
يا ليل الصب متى غده --- هلْ نذُر الساعة موعده
ووزن العجز كان 31/31/22/31 فصار = 112 / 22 / 31 / 31= 31312312
والوزن كما ترى مستقر ومستساغ،
ولكننا لو احللنا فاعلن محل فعِلُن في أول العجز في النص المحرف:
يا ليل الصب متى غده --- هل قيام الساعة موعدُه
ووزن العجز كان 31/31/22/31 فصار 32/ 22 / 31 /31 وواضح الثقل الناتج عن ذلك.
2-النوع الثاني من الأوزان هو بقية أوزان الشعر العربي (عدا الكامل والوافر والوتد فيه أصيل بل هو سمتها المميزة، والسبب الخفيف فيها لا يكون قابلا لتحريك ثانيه أبدا فلا يحل محله سب ثقيل أبدا، ولنسم هذه الأوزان بأوزان السبب الخفيف أو أوزان السبب تسهيلا للمقارنة بأوزان الخبب، واقصى ما يتوالى فيها عادة سببان ولا تطيق ثالثا فإن توالت أربعة أسباب صار لدينا تفعيلتان خببيتان فاختلط السبب بالخبب وحصل الاضطراب (الرهق)، ومن ذلك ورود مستعلن=312في البسيط في البيت التالي للأخطل:
يتَّصلون بيربوعٍ ورفدهمو --- عند الحوادث مغمورٌ ومحتقر
فالصدر تقطيعه = يتْ=2/تَ=1، صِلو=3/ ن=1/ بِيَرْ=3/بو=2/عِنْ=2/وَرِفُ=3/دُ=1،همو=3
ووزنه=3132231312
ويمكننا كتابة ذلك على الشكل التالي= 112 /112 /22 / 32/ 31
وهنا ترى أربعة تفاعيل خببية وتفعيلة سببية، مما يدفع الوزن نحو الثقلن ويخف هذا الثقل لو أننا حرفنا الصدر ليصبح يتصلونا بيربوعٍ ورفدهمو = 112/ 22 / 313223 ، إذ تتوالى فقط تفعيلتان خببيتان بعدهما وتدن ويبقى الوزن لذلك ثقيلا ولكن ليس كسايقه.
كم يتنتفي الثقل لو حرفنا الصدر ليصبح: يتّصلون بيربوعٍ جمْعا
ووزنه = 112/ 112/ 22 / 22 /22، ويصبح الوزن خببيا بالكامل ولا يعود من البسيط.
3-النوع الثالث ويضم الوافر والكامل وهو يجمع صفات من النوعين السابقين، فالفاصلة فيه سببها الأول خببي (يتنقل بين خفيف وثقيل)والثاني سببي (دائما خفيف) وكل سبب قبل الوتد الحقيقي لا يكون إلا خفيفا فكأن الوتد الصلب هذا يلزم ما قبله صفة السبب فإن حال بينهما حائل تملص السبب الذي يسبق الحائل من هذه الجبرية الوتدية. وهنا أقول إن هذه الإزدواجية ملازمة للفاصلة حيث وجدت في أي بحر فلو أخذنا البسيط مثلا وأحللنا
مُسَتَفعلن =3211=331محل مسْتفْعلن، وخذ النصين
يتَّصلونَ بيربوعٍ ورفدهمو =3132231312، وهو ما يجيزه علم العروض
والنص المحرف يتواصلون النّدى يوما ورفدهمو 331(مسَتَفْعِلُنْ، متفاعلن)/ 32/ 322/ 31، وهو ما لا يجيزه علم العروض أيهما أخف وأسلس. ثم إليك الأبيات التالية من بحور شتى وانظر كيف يبقى الوزن مقبولا رغم تثقيل السبب الأول
1-الرمل: أنا في اللذات مخلوع العذار هائمٌ في حبِّ ظبْيٍ ذي احورارِ
231/ 232 /232 -- 232/ 232 / 232
ومعدَّلا: أنا في اللذات قد خلعوا عذاري هائمٌ وأحبّ ظبيا ذا احورارِ
231/ 1132 / 232= 23313431
2-الرمل: شادن يسحب أذيال الطرب يتثنّى بين لهوٍ ولعِبْ
232/ 231/ 32 -- 231/ 232/ 31
ومعدلا: شادن خلبته ألحان الطربْ فانتشى وتراقصت من الركب
1132/ 232/ 32 1132/ 232/ 32
وخذ للشاعر مانع سعيد العتيبة قوله:
يا فتاتـي لا تخافـي حبنا لن يقتلوهْ =232 /232 /232/ 32ه
دربنا صعبٌ ولكن لن أحيد ولن أتوهْ =232/ 232/ 1132/ 32ه (لنْ أحيدَوَ =1132= فاعلاتُكَ)
كم كتابٍ مزّقوا صفَحاتهِ أو مزّقوهْ =232/ 1132/ 232/ 32ه (مزّقوا صَفَـ =1132=فاعلاتُكَ)

من الطويل:
أ-أحب سلا من أجل كونك من سلا فكل سلاوِيٍّ إليَّ قريب
ب-أحب سلا ولأجل أنك من سلا فكل سلاوِيٍّ إليَّ قريب
فصدر البيت الثاني= 13/(2113=313)/33/13
= فعولُ/ مفاعِيَلُن= مفاعلَتن/فعولُ/ مفاعلن، وما أراه ثقيلا
أنظر إلى هذه الأبيات من قصيدة المرقش الأكبر التي كثر القول باضطراب وزنها، ولم يتسن لي الاطلاع على سواها من القصيدة
1. هل بالديار ان تجيب صممْ لو كان رسم دارس كلَّمْ
2. الدار قفـرٌ والرسوم كما رقَّشَ في ظهر الأديم قلمْ
3. وديارُ أسـماءَ التي تـبلت قلبي فعيني ماؤها يسجمْ
4. أضحت خلاءً نبْتها تَـئِدٌ نوّر فيها زهوهُ فـاعتمْ
5. بل هلْ شجتك الظعنُ باكرةً كأنهنّ النخلُ من ملهمْ
6. النشر مسكٌ والوجوه دنا نبرٌ وأطراف الأكفِّ عنمْ
7. ماذا عـلينا إن غزا ملـكٌ من آلِ جفنةَ ظالمٌ مرغمْ
إن افتراض تكافؤ 31=4 و22=4دون اشتراط ورود (الفاصلة +3=331) يعطينا وزنا مستقرا رقميا، كما يوضح ذلك الجدول التالي

م الوزن قبل التأصيل الوزن بعد التأصيل
الصدر العجز الصدر العجز
(حذفت الجدول وابقيت صيغته، لاضطراب الأرقام وصعوبة ضبطها هنا، وليت أحدا يعرفني كيفية نقل صورة إلى الشرح هنا، لأن ذلك يسهل الكثير، والفكرة أن هذا الشعر إذا افترضنا تعادل 31 = 211 مع 22 يكون كله صحيح الوزن بهذا الاعتبار، أي التعادل دائما بين السبب الخفيف والسبب الثقيل.)
يلاحظ هنا أن العروض تأتي دائما 31= 4.وهذا ينسجم مع القول بأن 31 في هذه الأبيات بما في ذلك العروض والضرب هي 211=متفا أو فعِـ لن المثقَّلة من فعْـ لن وليست 31 مخبونة فاعلن
وإليك ما ذكره صاحب المدارس العروضية عن هذه القصيدة (6-ص242):"وقد علق الدكتور عبدا لله الطيب (المرشد-جـ1ص81) على بيت المرقش الأكبر في مفضليته (هل بالديار أن تجيب صممْ) الذي جعله ابن عبد ربه في العقد الفريد من السريع إلى أن هذا الوزن ليس مضطربا حقيقة، وإنما هو وزن قديم مهجور تركته آذان العلماء الأوائل فاعتبروه كأنه غير مستقيم، ثم إن وزن المرقش هذا عند د. عبد الله الطيب ليس من السريع كما ذكر ابن عبد ربه ولكنه شيءٌ وسط بين الكامل الأحذ والسريع الذي دخلته العلل. ويراجع بهذا الصدد ما ورد عن الكميل أو شبيه السريع (ص- ).
وعن هذه القصيدة يقول الشيخ جلال(16-ص651):"ونجد في قصيدة المرقش الأكبر من شعراء الجاهلية نموذجا ظاهرا للجهد الذي بذله الشاعر الجاهلي في سبيل الخروج بالرجز من فلكه إلى فلك آخر هو فلك الكامل، ونرى الشاعر قد غاص في غمرة من الارتباك، جاوز فيها ما ما غاص فيه عبيد بن الأبرص الذي وُصفت قصيدته المشهورة بالارتباك الشديد."
وأنا أرى أن ذلك ليس التنظير الوحيد المعقول، بل أرى أن هناك تنظيرا آخر لو قال به أحدهم لكان حريا بأن يلقى من القبول ما لا يقل إن لم يزد عما يلقاه قول الشيخ جلال وهو قول أحدهم المحتمل:"إن وعي الفطرة العربية على تعادل 211و22 يظهر جليا في قصيدة المرقش الأكبر التي صيغت على الوزن الجد الذي يضم الكامل والرجز والسريع وما هذه الأوزان إلا أحفاد لذلك الوزن، نما الإحساس باستقلال كل منها عن الآخر فيما بعد لدرجة أصبحنا نرى في الجمع بينها مشقة وتكلفا ولم تكن كذلك في حس العربي قريب العهد من الفطرة وجيل أصول البحور حيث تجتمع هذه الأوزان بصفتها تناويع لوزن واحد كان يراه الشاعر في غاية السهولة واليسر. ولعل هذا يفسر الكثير مما نحسبه اضطرابا في قصيدة عبيد بن الأبرص."
-وهذه الأبيات من رواية مجنون ليلى، وينطبق عليها ما تقدم من تكافؤ 31و22 أو 4 و 4 بخط تحت الأولى:
يا نجـدُ خذْ بالزّمام ورحّبي 322/ 32 / 331
سر في ركاب الغمام ليثربِ 322 / 32 / 331
هذا الحسين الإمام ابن النبي 322 / 32 / 322
حيث البيت الأخير من مجزوء البسيط ولنا أن نعتبرها كلها من شبيه مجزوء البسيط. ومن المناسب هنا أن اذكر بقراءة ما جاء في (ص ) و (ص ) فيما يخص هذا الموضوع لدى ع. مستجير.
-من أوزان الرجز (أو السريع) -أنظر مستفعلن مستفعلن متفعلْ 322/ 322 / 23 ، ومنه قول الشاعر ):
إذا الجياد مدّت الأعنة وبذّت الخيل بسبقهنّه
فإنه يمكن أن يقول -وأرى قوله صوابا من حيث الوزن-:
وإذا الجياد مددنها أعنّه وبذذن خيلا في سباقهنّه
331 /331 /23 =متفاعلن متفاعلن متفاعلن (مُفالن)
أو القول: هُرعت إليك جموعهم تنادي يا سيِّدي هيّا إلـى الجهاد
وادفع بجيشك غاشما تمادى "يا ربُّ" يبتهلُ الذي ينادي
فإذا اعتبرنا هذا من الكامل كان العروض والضرب فيه على وزن مفاعنْ وهي متفاعلن وقد لحقها الوقص والقطع . وأنت هنا بين أربع خيارات:
أ - أن تقبل هذا العروض والضرب في الكامل لتكون أول من يفعل ذلك وأول من يقول بجواز الوقص والقطع معا.
ب - أن تعتبر هذا من الموزون شبيها بالرجز.
ج - أن تقبل مقولة أن الرجز والكامل بحر واحد. وإليك بهذا الصدد ما ذكره كل من الشيخ جلال( 16-ص651):"وربما أريد بهذه التسمية [الكامل] تكامل بناء أول قصيدة عربية نبغت من تفاعيل الرجز أي بإجراء تحولات خاصة في تلك التفاعيل التي إن اختلفت أشكالها فإن إيقاعها ظل على ذات الجرس والحالة."و ع.أنيس (14-131):"أما قول بعض مؤرخي الأدب إن الرجز أقدم الأوزان فليس هناك ما يؤيد هذا القول، بل إن النظر في مقاطع هذا الوزن ومقارنتها بمقاطع الكامل تجعلنا نرجح أن بحرا كالكامل قد سبق الرجز في الوجود وليس ببعيد أن بحر الرجز تطور للبحر الكامل، ذلك لأن المقاطع العربية بوجه عام قد تطورت من النوع المتحرك إلى النوع الساكن."
لو أنّ سائلا سأل هل يجوز في الشعر الوزن:
مستفعلن فَعِلُنْ مُتَفٍعِلُ فاعلُن لكان الجواب الأولي لا
ولكن هذا لا يلبث أن يتغير فهذا الوزن = 322 / 31 /113 / 32= 322 / 331 /331
وهذا لكامل فهذه الزحافات أو العلل تخرج من البسيط ولا تخرج من الشعر.
ولاحظ أنه ترتب على حذف نون الوتد الخروج من الخصائص السببية المحضة في البسيط إلى الخصائص المختلطة في الكامل.
أرجو أن أكون أوضحت جانبا مما طلبتما، وأن أكون بينت النظرة الشمولية التي تتيحها الأرقام لتناول علم العروض. وما هذا إلا غيض من فيض. وقد عانيت من الأرقام وانعكاس اتجاهاتها يمينا ويسارا.
بل إن علم العروض ليشارف بالأرقام حدود الواقع ويطرح مقارنات أخرى مع حقائق بعيدة عن مجاله .

الرد مع إقتباس