عرض مشاركة مفردة
  #3  
قديم 19-09-2002, 07:08 AM
aboutaha aboutaha غير متصل
زهير عكاري
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2000
المشاركات: 5,729
إفتراضي

أحببت ان اشارك بموضوعك الرائع بهذه المداخلة ... وارجو المعذرة لطولها



بقلم :محمود شنب


قال اليأس للأمل : متى يُقال الوزير في مصــر ؟؟

قال الأمـل : إذا أهمل في واجبه ، وقصر في آداء ما كلف به ؟

قال اليأس : لا

قال الأمـل : إذا خرج عن المألوف وأهان شعبه ومقدساته ؟

قال اليأس : لا

قال الأمـل : إذا أطعمنا السموم والهرمونات وانكشف أمره للجميع ؟

قال اليأس : لا

قال الأمـل : إذا تعامل مع الأعداء ومكنهم من البلاد ؟

قال اليأس : لا

قال الأمـل : إذا سَب الله ورسوله والقرآن والسُنه؟

قال اليأس : لا

قال الأمـل : إذا نشر الفواحش والإعلام الفاسد ؟

قال اليأس : لا

قال الأمـل : إذا كان شاذاً ؟

قال اليأس : لا

قال الأمـل : إذا اختلس أو زَور أو كَذب أو ضلل ؟

قال اليأس : لا

قال الأمـل : إذا فعل كل ذلك مجتمعاً ؟

قال اليأس : لا

إحتار الأمل وقال لليأس في يأس :

ــ حيرتني فما من مصيـبة إلا وذكرتها .. فمتى يُقال الوزير ؟؟

ضحك اليأس وقال للأمل :

ــ يا غبي .. يُقال إن لم يفعل كل ذلك !!!

تبَسم الأمل وقال : سأغفرها لك ـ فليس في الأمل غباء ....

قال اليأس : بل فيه كل الغباء إذا وضع في غير موضعه ..

قال الأمـل : سأغفر لك ذلك ـ شريطة أن تصاحبني لنستمع معاً إلى العراك الدائر الآن ما بين "الكلمات" و"الحكمة".

قال اليأس : أي عراك هذا الذي يحدث ما بين الشئ ونفسه .. إن الكلمات حِكم والحِكم كلمات .

قال الأمـل : لا ، لقد تعبت الكلمات من كثرة التكرار دون فائدة وها هي تتعارك مع الحِكمة قائلة لها :

أريحيني .. لقد تعبت وفقدت قوتي وقدرتي على التأثير والتغيير ..

فقالت لها الحِكمة : اصبري "إن التكرار يُعلم الحمار"!!

ردت الكلمات : التكرار لم يُعلم الحمار .... الضرب هو الذي علمه .

قالت الحكمة للكلمات : لكنك الطريقة المناسبة للتغيير ـ فالحجة تقابلها حجة ، والأفكار تقابلها أفكار .

قالت الكلمات : تلك مقولة حق أريد بها باطل فكل شئ في يد السلطة ، لقد ضعت يوم ضاعت الأمانة ـ ولم تعد لي قيمة أو تأثير بعدما استغلني المنافقون أشنع إستغلال ، لقد حرفوني عن موضعي ولديهم إعلام جبار يغسل العقول ويحير الأفكار ـ فدعكم عني وابحثوا عن غيري ..

قالت الحـكمة : أنتِ طريقنا الوحيد .

قالت الكلمات : عندما يُـقفل طريق يُفتح ألف طريق .

قالت الحـكمة : وما هو أمضى الطرق ؟

قالت الكلمات : الجهــاد .. الجهــاد .. الجهــاد !!

قالت الحـكمة : بالكلمات ؟

قالت الكلمات : باللكمات !!

قالت الحـكمة : لكن ذلك يؤدي إلى الفوضى وضياع الحقوق وسفك الدماء والوصم بالارهاب .

قالت الكلمات : إن أردنا التغيير علينا بأقوى الايمان وليس بأضعفه .

قالت الحـكمة : لكن دفع المصيـبة مقدم على جلب المنفعة !!

قالت الكلمات : قولك يؤيدني ولا يؤيدك ، لقد بدأتي بكلمة "دفع" وفي ذلك عمل .

قالت الحـكمة : وكيف نتركك ... وإذا كان لابد فكيف نجدك ؟؟

قالت الكلمات : ستجدوني عندما تسبق الأفعال الأقوال .

قالت الحـكمة : أمهلينا بعض الوقت .

قالت الكلمات : أمهلتـكم سنين طويلة إلى أن ضاع كـل شئ ـ لـقد وضـعــــتم عـلـى الخيانة شرف ، وعلى الشذوذ حرية ، وعلى الكفر ابداع ، وعلى الربا فائدة ، وعلى التخاذل حِكمة ، وعلى الجبن شجاعة ، وعلى التمرد خُلع ـ حتى الجبن أسميتموه سلام وقلتم سلام الشجعان بدلاً من سلام الجبناء ـ أحد الكُتاب جعل عنوان مقاله : (وبالحق أقول) ـ وهو أبعد الناس عن الحق !!!

قالت الحـكمة : فعل ذلك أولى الأمر ولم نفعل .

قالت الكلمات : أنتم منهم وهم منكم وأينما تكونوا يولى عليكم .

قالت الحـكمة : نحن مستضعفين في الأرض ـ فلِما القسوة ؟

قالت الكلمات : أهملتموني وقد كنت لكم أعذب ما يُنطق وأجمل ما يُكتب .. واستبدلتموني بأحط اللغات .

قالت الحـكمة : ولاة الأمر فعلوا ولم نفعل ولديهم الإعلام والتعليم والصحافة وكل شئ .

قالت الكلمات : يأتي الغريب دياركم ويحدثكم بلغته وتستحوا أن تحدثوه بلغتكم وملأتم شوارعكم بأسماء غريـبة وأكلتم "الهمبورجر" وشربتم "السفن أب" ولبستم "الشورت" و"البوت" وسكنتم "الرف جارد" وتلاقيتم بـ "هــاي" وتوادعتم بـ "باي" ـ فما أحقركم ؟؟

قالت الحـكمة : نحن نعارضهم من أجل ذلك فكيف تتخلين عنا ؟

قالت الكلمات : النار تطهر الأحجار .

قالت الحـكمة : لا نملك إلا القول .

قالت الكلمات : ومن يسمعكم ؟

قالت الحـكمة : أفضل من السكوت أو من أن نمشي معهم .

قالت الكلمات : تبحثون دائماً عن السهل دون تضحيات .

قالت الحـكمة : ستكون فتن وأهوال .

قالت الكلمات : الأهوال للرجال والفتن لفاقدي الايمان ـ لقد هجرتم أفضل ما بي من معاني ووءدتم أعز مفرداتي وكلماتي التي ربما أوجدني الله من أجلها .... ألم تستحوا ؟!

قالت الحـكمة : ماذا تقصدين ؟؟

قالت الكلمات : أين النبل والشهامة والفروسية والايثار .. أين الرجم والقطع والوصل والزجر والهجر والنصر والفخر .. أين الجهاد .. أين كل ذلك في حياتكم ؟؟

قالت الحـكمة : إنها مختارات هلاك تمقتها السلطات وتحاكم من ينطق بها كأنها متفجرات ..

قالت الكلمات : وهذا فراق بيني وبينكم إلى أن تسبقوني بالأفعال .

قالت الحـكمة : لقد أدخلتـنا كلماتك السجون وأدمعت بلاغتك العيون ـ فلمن تتركينا؟

قالت الكلمات : دخلتم السجون بغبائكم ـ فقد ظهرتم قبل أن تفعلوا وتكلمتم قبل أن تعملوا ـ وفي كل حين يلقون إليكم بطعم لتظهروا فيقطفوا خير ما فيكم ـ تارة بالانتخابات وتارة بالنقابات وهكذا فاتركوني وشأني .

قالت الحـكمة : بدونك كيف نؤدي فرض الله ونعبده ؟

قالت الكلمات : الله يريد العمل وليس اللفظ ، يريد الفعل وليس القول ... ألم تقرأوا "وقـل إعملوا" ؟؟

قالت الحـكمة : بدونك نصبح في مهب الريح .. ولا ندري كيف نتصرف ؟

قالت الكلمات : الطريق واضح .. إما الجهاد .. وإما الكتابة .

قالت الحـكمة : فلتكن الكتابة ..

قالت الكلمات : اكتبوا لافتات التأيـيد وباركوا العهد السعيد واكتبوا مثل ما يكتب سعده وسعيد ورجب ورمضان وأنيس ـ ستأكلوا من الخارج وتكبروا في الداخل وستعيشون كالسلاطين وفي الإعلام تظهرون وفي السفريات تـُسحبون .

قالت الحـكمة : الويل لنا مما تصفين !!

قالت الكلمات : والويل لكم إن لم تتحركوا ـ ووداعاً حتى حين ....

تدخل الصبر وقال : أيتها البلاغة .. لماذا كل هذه القسوة مع من رفعوكِ عزة ، وصانوكِ أمانة ، وحفظوكِ عبادة ، وأحبوا فيكِ الشهادة ؟؟ إن العسس يتبعهم كظلهم ويضيق الخناق عليهم وعلى أهلهم ولولاي لماتوا كمداً وهماً .

جففت الكلمات عرقها ، وارتاح نبض عروقها ، واستراحت لقول الصبر وقالت في هدوء وحسرة : إستعملوني كثيراً وغاصوا في حكمتي ونهلوا من كنوزي حتى استوى عودهم وطاب فكرهم وحان وقت فطامهم وعليهم من الآن حسن التفكير وبراعة التدبير وكفاهم ما أخذوا مني ومنك ، واليوم لا محالة من الفراق إما إلى طيب الأفعال وإما إلى عبث الأقوال ، ولنتركهم ينطلقوا ويتحركوا فقد نرى منهم ما يشفي الصدور ، ويريح القلوب .

قال الصبر : أخشى أن يفقدوني ولا يجدوا غير اللعب والخوض فيما لا يفيد .

قالت الكلمات : شباب يتصف بالحكمة ويتحلى بالبلاغة ويستعين بالصبر والصلاة لا تخشى عليه من شئ ـ إنني أقسو عليه لأرشده .

قال الصبر : ولكن لابد أن نكون معهم .

قالت الكلمات وهي تودع الصبر والحكمة : سنكون معهم ولكن بعد الأفعال لا الأقوال .

........ من خلف النافذه ـ تبسم الأمل وقال لليأس : هل سمعت ؟؟ إن كل شئ يحدث بالصبر والحكمة ـ فهز اليأس رأسه ساخراً وقال : وبالكلمات يفرغ كل منا شحنته ونظل في أماكننا لا نغير ولا نتغير .. أيها الأمل إنني مع الكلمات في كل ما قالت ولتذهب أنت والحكمة إلى الجحيم .
__________________


التطرف آفة عظيمة وصفة ذميمة تدمر الوطن وتضع المجتمع
الرد مع إقتباس