عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 15-09-2005, 05:10 AM
noureddinekh noureddinekh غير متصل
Banned
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2005
الإقامة: europe
المشاركات: 855
إفتراضي رسالة إلى مؤتمر القمة العربية

رسالة إلى مؤتمر القمة العربية قبل ان تعقد واردت ان انقلها لماتحمله من معنى لاولي الالباب في هذا العصر المتردي

[line][line][line]

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو والمعالي، رؤساء الدول والحكومات العربية


نرحب بكم في أرض الجزائر التي اجتمعت كلمة العرب على تأييدها ونصرتها في كفاحها المسلح ضد الاستعمار الاستيطاني الفرنسي، وأجمعت كلمتهم على اعتبار استقلالها وانتصارها في هذه المعركة المجيدة نصرا للعرب جميعا، ونصرا لقضايا الحرية والتحرر في العالم.


إنكم تلتقون اليوم على هذه الأرض وشعبها يحتفل بالذكرى الخمسين لثورته المنتصرة، والجامعة العربية، التي ساندت الجزائر في كفاحها التحريري، تحتفل بالذكرى الستين لإنشائها، وإننا لنجد في تزامن هذين الحدثين ما يدعونا لمصارحتكم بآرائنا في بعض القضايا الهامة المعروضة على اجتماعكم الموقر، منطلقين في ذلك من نظرة نقدية واعية لما عاشته شعوبنا من أحداث وتجارب، ومن مواجهة واعية وواقعية لما يرتسم في الأفق من تحديات.

قضية الإرهاب

إن بعض الأيدي التي تصافحونها اليوم في الجزائر هي لمجاهدين ومناضلين كان يوصف أصحابها بالإرهابيين، وتنطبق عليهم مقاييس الإرهاب التي تعتمدها الولايات المتحدة اليوم وتريد فرضها على العالم، ونحن جزء منه، بل نحن الجزء المستهدف أكثر. وإننا ننتظر منكم رفضا صريحا للخلط المتعمد بين الكفاح التحريري وبقية أنواع العنف المرفوضة. ونرجو أن لا يكون في قرارات القادة العرب، صراحة أو ضمنا، تجريم لمن هم اليوم في وضع المجاهدين الجزائريين بالأمس. وليس من الصعب التعرف على مجاهدي اليوم بالعودة لجوهر القضايا التي تدفعهم للتضحية بأرواحهم.



إن الدول الغربية تستعمل محاربة الإرهاب لتغطية أغراض مختلفة أخرى وتضفي القراءة الدينية على جميع مظاهر العنف الموجه ضدها في العالمين العربي والإسلامي، وتوظف هذه القراءة لدغدغة الأحكام المسبقة الكامنة في المجتمعات الغربية عن الإسلام والمسلمين، وتعتم، في نفس الوقت، على أخطاء ومظالم السياسات الغربية تجاه العديد من القضايا التي تهم الوطن العربي والعالم الإسلامي، تلك المظالم التي تعد المحرك الأساسي للعنف واستفحاله في العلاقات الدولية.

إن الاكتفاء، في الرد على هذه الحملة، باستنكار التطرف، وهو موجود لدى أتباع جميع الديانات، أو التباري في شرح الطبيعة السمحة للدين الإسلامي دون تحميل السياسات الغربية، والسياسة الأمريكية بصفة خاصة، مسؤوليتها في استفحال العنف يشكل تهربا من طرح المشكلة بجميع أبعادها، ومسايرة للتيارات المتطرفة التي تسيطر اليوم على السياسة الخارجية الأمريكية، وتريد فرض نظرتها على العالم.


إن إحجام الدول العربية عن مواجهة أخطاء السياسات الغربية ومظالمها في الوطن العربي والعالم الإسلامي، مواجهة سياسية حازمة يدفع شرائح عديدة في المجتمعات الإسلامية للاعتقاد بأن تبني العنف أصبح هو المسلك الوحيد للتعويض عن تقاعس الحكومات.


القضية الفلسطينية

إن الساحة العربية لم تخل يوما واحدا، منذ نشأة القضية الفلسطينية، من المبادرات الخارجية التي تدعي أنها مصممة لحلها، وجميع هذه المبادرات تنتهي إلى الفشل وإلى مزيد من تآكل المواقع والمواقف العربية. والمبادرات الحالية لا تخرج عن هذا المنوال. ووظيفتها هي إشاعة الانطباع، والانطباع فقط، بأن التسوية العادلة قريبة المنال.

وإذا كانت السياسة العربية الرسمية قد اختارت المراهنة على تسوية القضية الفلسطينية على أساس الشرعية الدولية رغم ما تتضمنه هذه الشرعية من إجحاف، فإن إسرائيل أظهرت أنها غير مستعدة لأية تسوية حقيقية وعادلة. وهو ما يعزز موقف الرافضين لهذا النوع من التسويات التي لا تأخذ في الاعتبار حقوق الشعب الفلسطيني كاملة.

إن الاستراتيجية التفاوضية، التي يقبلها الطرف العربي تسهل على إسرائيل التنصل من أي التزام جاد عن طريق التسوية، وتحشر العرب في موقف دفاعي هش. يضاف إلى ذلك أن الطرف العربي تخلى حتى عن الفعل السياسي الحازم، وأصبح ينتظر من الآخرين القيام بالأدوار الأساسية في معركة يتقرر فيها مصير الوطن العربي.

وفي الوقت الذي تعترف فيه بعض الدول العربية بإسرائيل، وتزداد الضغوط لدفع دول أخرى لهذا الاعتراف، وتتعالى الدعوة للتطبيع مع الكيان الصهيوني نرى أن مشروع الدولة الفلسطينية، في مخططات السياسات الغربية، مؤجل باستمرار ومرهون بمشيئة وإرادة إسرائيل.


ولهذا فإننا نعتقد أن الوقت قد حان، بالنسبة للقادة العرب، لإصدار تصريح جماعي يعتبر الدولة الفلسطينية قائمة على الأراضي المحتلة سنة 1967 بما فيها القدس كعاصمة لها، وتجنيد الدبلوماسية العربية لترشيح فلسطين لعضوية الأمم المتحدة، ودعوة جميع الدول للاعتراف بها، واستخلاص كل النتائج السياسية والقانونية لهذا الاعتراف ومساعدة الدولة الفلسطينية على ممارسة مهامها في تمثيل الشعب الفلسطيني على جميع الأصعدة، وفي مقدمتها التفاوض على القضايا الكبرى المعلقة ، وأهمها التمسك بعودة اللاجئين إلى ديارهم.

إن المفارقة الكبرى التي لا تفهمها الشعوب العربية هو أن يتم الاعتراف بإسرائيل، ويتردد العرب في اعتبار الدولة الفلسطينية قائمة في حدود الشرعية الدولية المنقوصة، لأنهم ينتظرون أن توافق إسرائيل على قيام الدولة الفلسطينية.


قضية العراق

إن الوجود الأمريكي في العراق، مهما كانت أسبابه وذرائعه، ومهما كانت التغطيات القانونية التي أسبغت عليه لاحقا، يمثل احتلالا بالقوة غير مشروع، واعتداء على السيادة الوطنية. وإن بقاء القوات الأمريكية لا يساهم في استتباب الأمن ولا في الاستقرار السياسي المنشود في العراق. بل إنه عامل هام من عوامل انعدام الأمن والاستقرار. وإن ربط الجلاء عن العراق بضرورات مقاومة الإرهاب أو نشر الديموقراطية

في الوطن العربي يعني التنظير والتمهيد لاستعمار طويل الأمد.

ومن جهة أخرى فإن التجاهل السياسي لقوى المقاومة المسلحة لهذا الاحتلال، خطأ لا يبرره ما يفرزه الوضع في العراق، من عنف مرفوض، مجهول الهوية، مجهول الدوافع والأهداف.



وإننا ننتظر من القادة العرب أن يساندوا المساعي والدعوات العديدة المطالبة بجلاء القوات المسلحة الأجنبية عن العراق، ويشجعوا توحيد صفوف العراقيين، كل العراقيين، على المطالبة بهذا الجلاء، والمحافظة على وحدة العراق وسيادته، واستبعاد كل ألوان العنف في حل الخلافات بين العراقيين، وبناء مستقبل العراقيين عن طريق الحوار بينهم ووفق ما يريده الشعب العراقي.

قضية لبنان

إن الأوضاع غير السليمة التي سادت، فترة من الزمن، في هذا البلد العربي الكبير بموقعه وإشعاعه، أظهرت، على الساحة الدولية، تحالفا بين الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، يتحرك كوصاية حقيقية يراد فرضها من جديد على لبنان والمنطقة العربية كلها.

وإن القادة العرب مدعوون لتمكين الشعب اللبناني من كل الأسباب التي تتيح له حل مشاكله بنفسه، دون تدخل خارجي قريب أو بعيد. وحماية المقاومة، ورفض الوصاية المقنعة التي تمارسها الدول المذكورة تحت ذريعة الدفاع عن الحرية وحقوق الإنسان.

إن الأخطاء التي ارتكبت في لبنان، والتي اعترف بها الرئيس السوري بشار الأسد، كامنة في طبيعة العديد من الأنظمة العربية، وإذا كان انسحاب الجيش السوري يساعد على تجفيف منابعها في لبنان، فإن الحكمة تقتضي اجتثاث جذورها من جميع أنظمة الحكم في الوطن العربي، تجنبا للتطورات السلبية التي يمكن أن تفرزها.

وهذا يقتضي، العدول عن سياسة التفرد والإقصاء التي عمقت الهوة بين الشعوب وأنظمة الحكم، ويقتضي إقامة نظم ديموقراطية حقيقية تشرك الشعوب في القرار السياسي والتسيير السليم للدولة والمجتمع. وتقتضي، في العلاقات الدولية، رفض الحلول الملغمة التي يراد فرضها من الخارج على المنطقة العربية.

وتفضلوا، أصحاب الجلالة والفخامة والسمو والمعالي بقبول فائق التحية والتقدير.

الجزائر في 19 مارس/أذار 2005


mehriab@wissal.dz