عرض مشاركة مفردة
  #6  
قديم 08-08-2005, 05:12 AM
maher maher غير متصل
رب اغفر لي و لوالدي
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2004
الإقامة: tunisia
المشاركات: 2,978
إرسال رسالة عبر MSN إلى maher إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى maher
إفتراضي

[ رئام وما صار إليه ]
قال ابن إسحاق : وكان رئام بيتا لهم يعظمونه وينحرون عنده ويكلمون ( منه ) إذ كانوا على شركهم ؟ فقال الحبران لتبع إنما هو شيطان يفتنهم بذلك فخل بيننا وبينه قال فشأنكما به فاستخرجا منه - فيما يزعم أهل اليمن - كلبا أسود فذبحاه ثم هدما ذلك البيت فبقاياه اليوم - كما ذكر لي - بها آثار الدماء التي كانت تهراق عليه .
ملك ابنه حسان بن تبان وقتل عمرو أخيه له
( سبب قتله )
فلما ملك ابنه حسان بن تبان أسعد أبي كرب سار بأهل اليمن يريد أن يطأ بهم أرض العرب وأرض الأعاجم ، حتى إذا كانوا ببعض أرض العراق - قال ابن هشام : بالبحرين فيما ذكر لي بعض أهل العلم - كرهت حمير وقبائل اليمن المسير معه وأرادوا الرجعة إلى بلادهم وأهلهم فكلموا أخا له يقال له عمرو ، وكان معه في جيشه فقالوا له اقتل أخاك حسان ونملكك علينا ، وترجع بنا إلى بلادنا ، فأجابهم . فاجتمعت على ذلك إلا ذا رعين الحميري فإنه نهاه عن ذلك فلم يقبل منه فقال ذو رعين
ألا من يشتري سهرا بنوم سعيد من يبيت قرير عين
فأما حمير غدرت وخانت فمعذرة الإله لذي رعين
ثم كتبهما في رقعة وختم عليها ، ثم أتى بها عمرا فقال له ضع لي هذا الكتاب عندك ، ففعل تم قتل عمرو أخاه حسان ورجع بمن معه إلى اليمن ; فقال رجل من حمير :
لاه عينا الذي رأى مثل حسا ن قتيلا في سالف الأحقاب
قتلته مقاول خشية الحبس غداة قالوا : لباب لباب
ميتكم خيرنا وحيكم رب علينا وكلكم أربابي
قال ابن إسحاق : وقوله لباب لباب لا بأس لا بأس بلغة حمير قال ابن هشام : ويروى : لباب لباب .

[ ندم عمرو وهلاكه ]
قال ابن إسحاق : فلما نزل عمرو بن تبان اليمن منع منه النوم وسلط عليه السهر فلما جهده ذلك سأل الأطباء والحزاة من الكهان والعرافين عما به فقال له قائل منهم إنه والله ما قتل رجل قط أخاه أو ذا رحمه بغيا على مثل ما قتلت أخاك عليه إلا ذهب نومه وسلط عليه السهر فلما قيل له ذلك جعل يقتل كل من أمره بقتل أخيه حسان من أشراف اليمن ، حتى خلص إلى ذي رعين فقال له ذو رعين إن لي عندك براءة فقال وما هي ؟ قال الكتاب الذي دفعت إليك : فأخرجه فإذا فيه البيتان فتركه ورأى أنه قد نصحه .
وهلك عمرو ، فمرج أمر حمير عند ذلك وتفرقوا

وثوب لخينعة ذي شناتر على ملك اليمن
[ توليه الملك وشيء من سيرته ثم قتله ]
فوثب عليهم رجل من حمير لم يكن من بيوت المملكة يقال له لخنيعة ينوف . ذو شناتر ، فقتل خيارهم وعبث ببيوت أهل المملكة منهم فقال قائل من حمير للخنيعة :
حمير للخنيعة :
تقتل أبناها وتنفي سراتها وتبني بأيديها لها الذل حمير
تدمر دنياها بطيش حلومها وما ضيعت من دينها فهو أكثر
كذاك القرون هل ذاك بظلمها وإسرافها تأتي الشرور فتخسر
وكان لخنيعة امرئ فاسقا يعمل عمل قوم لوط ، فكان يرسل إلى الغلام من أبناء الملوك فيقع عليه في مشربة له قد صنعها لذلك . لئلا يملك بعد ذلك ثم يطلع من مشربته تلك إلى حرسه ومن حضر من جنده قد أخذ مسواكا فجعله في فيه أي ليعلمهم أنه قد فرغ منه . حتى بعث إلى زرعة ذي نواس بن تبان أسعد أخي حسان وكان صبيا صغيرا حين قتل حسان ثم شب غلاما جميلا وسيما ، ذا هيئة وعقل فلما أتاه رسوله عرف ما يريد منه فأخذ سكينا حديدا لطيفا ، فخبأه بين قدمه ونعله ثم أتاه فلما خلا معه وثب إليه فواثبه ذو نواس فوجأه حتى قتله ثم حز رأسه فوضعه في الكوة التي كان يشرف منها ، ووضع مسواكه في فيه ثم خرج على الناس فقالوا له ذا نواس أرطب أم يباس فقال سل نخماس استرطبان ذو نواس . استرطبان لاباس - قال ابن هشام : هذا كلام حمير . ونخماس : الرأس - فنظروا إلى الكوة فإذا رأس لخنيعة مقطوع فخرجوا في إثر ذي نواس حتى أدركوه فقالوا : ما ينبغي أن يملكنا غيرك : إذ أرحتنا من هذا الخبيث .
ملك ذي نواس
فملكوه واجتمعت عليه حمير وقبائل اليمن ، فكان آخر ملوك حمير ، وهو صاحب الأخدود ، وتسمى يوسف فأقام في ملكه زمانا .

[ النصرانية بنجران ]
وبنجران بقايا من أهل دين عيسى ابن مريم عليه السلام على الإنجيل ، أهل فضل واستقامة من أهل دينهم لهم رأس يقال له عبد الله بن الثامر ، وكان موقع أصل ذلك الدين بنجران ، وهي بأوسط أرض العرب في ذلك الزمان وأهلها وسائر العرب كلها أهل أوثان يعبدونها ، وذلك أن رجلا من بقايا أهل ذلك الدين يقال له فيميون - وقع بين أظهرهم فحملهم عليه فدانوا به .

ابتداء وقوع النصرانية بنجران
[ فيميون وصالح ونشر النصرانية بنجران ]
قال ابن إسحاق : حدثني المغيرة بن أبي لبيد مولى الأخنس عن وهب بن منبه اليماني أنه حدثهم أن موقع ذلك الدين بنجران كان أن رجلا من بقايا أهل دين عيسى ابن مريم يقال له فيميون ، وكان رجلا صالحا مجتهدا زاهدا في الدنيا ، مجاب الدعوة وكان سائحا ينزل بين القرى ، لا يعرف بقرية إلا خرج منها إلى قرية لا يعرف بها ، وكان لا يأكل إلا من كسب يديه وكان بناء يعمل الطين وكان يعظم الأحد فإذا كان يوم الأحد لم يعمل فيه شيئا ، وخرج إلى فلاة من الأرض يصلي بها حتى يمسي .
قال وكان في قرية من قرى الشام يعمل عمله ذلك مستخفيا ، ففطن لشأنه رجل من أهلها يقال له صالح فأحبه صالح حبا لم يحبه شيئا كان قبله فكان يتبعه حيث ذهب ولا يفطن له فيميون : حتى خرج مرة في يوم الأحد إلى فلاة من الأرض كما كان يصنع وقد اتبعه صالح وفيميون لا يدري فجلس صالح منه منظر العين مستخفيا منه لا يحب أن يعلم بمكانه .
وقام فيميون يصلي ، فبينما هو يصلي إذ أقبل نحوه التنين - الحية ذات الرءوس السبعة - فلما رآها فيميون دعا عليها فماتت ورآها صالح ولم يدر ما أصابها فخافها عليه فعيل عوله فصرخ يا فيميون ، التنين قد أقبل نحوك ، فلم يلتفت إليه وأقبل على صلاته حتى فرغ منها ، وأمسى فانصرف .
وعرف أنه قد عرف وعرف صالح أنه قد رأى مكانه فقال ( له يا ) فيميون ، تعلم والله أني ما أحببت شيئا قط حبك وقد أردت صحبتك ، والكينونة معك حيث كنت ، فقال ما شئت أمري كما ترى ، فإن علمت أنك تقوى عليه فنعم ؟ فلزمه صالح .
وقد كاد أهل القرية يفطنون لشأنه وكان إذا فاجأه العبد به الضر دعا له فشفي وإذا دعي إلى أحد به ضر لم يأته وكان لرجل من أهل القرية ابن ضرير فسأل عن شأن فيميون فقيل له إنه لا يأتي أحدا دعاه ولكنه رجل يعمل للناس البنيان بالأجر .
فعمد الرجل إلى ابنه ذلك فوضعه في حجرته وألقى عليه ثوبا ، تم جاءه فقال له يا فيميون ، إني قد أردت أن أعمل في بيتي عملا ، فانطلق معي إليه حتى تنظر إليه فأشارطك عليه . فانطلق معه حتى دخل حجرته ثم قال له ما تريد أن تعمل في بيتك هذا ؟ قال كذا وكذا ، ثم انتشط الرجل الثوب عن الصبي ثم قال له يا فيميون ، عبد من عباد الله أصابه ما ترى ، فادع الله له .
فدعا له فيميون ، فقام الصبي ليس به بأس . وعرف فيميون أنه قد عرف فخرج من القرية واتبعه صالح فبينما هو يمشي في بعض الشام إذ مر بشجرة عظيمة . فناداه منها رجل فقال يا فيميون ; قال نعم قال ما زلت أنظرك وأقول متى هو جاء حتى سمعت صوتك ، فعرفت أنك هو لا تبرح حتى تقوم علي فإني ميت الآن قال فمات وقام عليه حتى واراه ثم انصرف وتبعه صالح حتى وطئا بعض أرض العرب . فعدوا عليهما .
فاختطفتهما سيارة من بعض العرب ، فخرجوا بهما حتى باعوهما بنجران وأهل نجران يومئذ على دين العرب ، يعبدون نخلة طويلة بين أظهرهم لها عيد في كل سنة إذا كان ذلك العيد علقوا عليها كل ثوب حسن وجدوه وحلي النساء ثم خرجوا إليها فعكفوا عليها يوما . فابتاع فيميون رجل من أشرافهم وابتاع صالحا آخر .
فكان فيميون إذا قام من الليل يتهجد في بيت له - أسكنه إياه سيده - يصلي ، استسرج له البيت نورا حتى يصبح من غير مصباح فرأى ذلك سيده فأعجبه ما يرى منه فسأله عن دينه فأخبره به وقال له فيميون : إنما أنتم في باطل إن هذه النخلة لا تضر ولا تنفع ولو دعوت عليها إلهي الذي أعبده لأهلكها ، وهو الله وحده لا شريك له . قال فقال له سيده فافعل فإنك إن فعلت دخلنا في دينك ، وتركنا ما نحن عليه .
قال فقام فيميون ، فتطهر وصلى ركعتين ثم دعا الله عليها ، فأرسل الله عليها ريحا فجعفتها من أصلها فألقتها ، فاتبعه عند ذلك أهل نجران على دينه فحملهم على الشريعة من دين عيسى ابن مريم عليه السلام ثم دخلت عليهم الأحداث التي دخلت على أهل دينهم بكل أرض فمن هنالك كانت النصرانية بنجران في أرض العرب قال ابن إسحاق : فهذا حديث وهب بن منبه عن أهل نجران .