الموضوع: لله ثم للتاريخ
عرض مشاركة مفردة
  #40  
قديم 04-09-2006, 11:20 AM
زومبي زومبي غير متصل
Banned
 
تاريخ التّسجيل: Dec 2005
المشاركات: 664
إفتراضي

-67-

المبحث الرابع

دويلاتهم منذ القرن الثالث
مضى المجوس يحيكون المؤامرات على الاسلام والمسلمين ، وكانوا يهدفون من وراء هذا : ابعاد المسلمين عن دينهم الذي ملكوا به الدنيا وجعل منهم خير أمة أخرجت للناس ، والعمل على هدم الخلافة الاسلامية ، واثارة النعرات العرقية .

وفي مطلع القرن الثالث من الهجرة أنهكوا الخلاقة الاسلامية ، فسقطت هيبة الخلفاء في أعين ولاتهم على الأمصار لكثرة الفتن والمؤامرات فاستغل المجوس ضعف الخلافة وشجعوا طاهر بن الحسين"1" على الاستقلال بخراسان ، ووقفوا الى جانبه يذودون عن الدولة الطاهرية التي قامت في نيسابور واستمرت حتى عام 259 .

وهذا أول انقسام عرفته الخلافة الاسلامية منذ بداية العصر العباسي ، وكان بداية لمزيد من الدويلات والانقسامات ، ومما يجدر بالذكر أن هذه الطعنة التي منى بها المسلمون جاءت من خراسان !! وللمرة الثانية .

(1) طاهر بن الحسين بن مصعب الخزاعى ، وطد الملك للمأمون بعد أن زحف على بغداد وقتل الأمين عام 198 ، وولاه المأمون خراسان ، فلما استقر فيها قطع الخطبة للمأمون ، فقتله أحد غلمانه عام 207 ، واستمر أحفاده من بعده في حكم خراسان حتى عام 256 .


-68-

وبعد قيام الدولة الطاهرية قامت الدويلات التالية :

1_ القرامطة :
في الأحساء والبحرين واليمن وعمان وفي بلاد الشام حينا من الزمن .

2_ البويهيون :
في العراق وفارس وسائر المشرق .

3_ العبيديون :
في مصر والشام .

-69-

المبحث الخامس
القرامطة
بداية ظهور القرامطة كان في عام 278 ، ولعل أصل الكلمة آرمية ، وتظاهر القرامطة في بداية دعوتهم بانتسابهم الى اسماعيل بن جعفر الصادق ، وتتسم دعوتهم بالمرحلية :

ففي المرحلة الأولى ينادون بالتشيع لآل البيت ، وفي المرحلة الثانية يقولون بالرجعة وأن عليا يعلم الغيب ، وفي المرحلة الثالثة يشرحون للمدعو مثالب على و أولاده ، وبطلان ما عليه أهل ملة محمد صلى الله عليه وسلم "2" ، ويوصون دعاتهم :
( وان وجدت فيلسوفيا فهم عمدتنا ، لأننا نتفق وهم على ابطال النواميس والأنبياء ، وعلى قدم العالم ) .

فظاهر مذهبهم الرفض وباطنه الكفر ، ومن مصطلحاتهم أن الجناية هي مبادرة المستجيب بإفشاء سر قدم إليه قبل أن ينال رتبة الاستحقاق لذلك .

والزنا : إلقاء نطفة العلم الباطن الى نفس من لم يسبق معه عقد العهد .

(2) انظر رسالة القرامطة لابن الجوزي تحقيق محمد الصبا غ .


-70-

والغسل : هو تجديد العهد
وفعل القرامطة بالمسلمين العرب كما فعل من قبلهم سابور ذو الأكتاف :

حرق القرامطة بني عبد القيس في منازلهم ، ودخلوا الكوفة عام 293 وأوقعوا فيها مذبحة رهيبة ، وفي عام 294 اعترضوا قافلة الحجاج في طريق مكة فقتلوا الرجال وسبوا النساء ،
وفي عام 311 دخل أبو طاهر القرمطي البصرة ووضع السيف في أهلها ، وفي عام 317 وصل أبو طاهر مكة يوم التروية فقتل الحجاج في المسجد الحرام ، واقتلع الحجر الأسود ، الذي بقي بحوزتهم حتى عام 335 .

وفي عهد الحسن بن أحمد بن أبي سعيد الجنابي"3" ملك القرامطة البحرين والأحساء واليمن وعمان وبلاد الشام وجنوب العراق ، وحاولوا احتلال مصر لكن محاولاتهم باءت بالفشل ، وأقاموا دعاة لهم في كل قرية من ممتلكاتهم ، وكان هؤلاء الدعاة يعملون بما يوحى إليهم من أوامر وأنظمة ، ثم انهم أمروا الدعاة أن يجمعوا النساء في ليلة معروفة ويختلطن بالرجال ويتراكبن ولا يتنافرن ، وكانوا يقولون :



(3) الحسن بن أحمد بن أبي سعيد الحسن بن بهرام الجنابي القرمطي ، من أمراء القرامطة ، وجده الحسن بن بهرام الجنابي كبير القرامطة ومعلن مذهبهم ، ومن أهل جنابة بفارس فهو فارسي الأصل .
وزعماء القرامطة كلهم من الفرس كالفرج بن عثمان والحسين بن زكروية وعلى بن الفضل ، وسليمان ويوسف ابنا الحسن ، ويطلق على القرامطة اسم (الباطنيون) أو (الحشاشون) أو (الفدائيون) .

-71-

ان ذلك من مصلحة الود والألفة بينهم ، فالصناديقي وهومن كبار دعاتهم _ ذهب الى اليمن فأقام فيها دارا سماها (دار الصفوة ) ، يأمر فيها النساء بمخالطة الرجال ، ويتعهد الأول الذين ينجبهم هذا الجماع ويسميهم ( أولا الصفوة )"4" .

ودعا القرامطة الى مؤاخاة الناس على اختلاف دياناتهم وأجناسهم وطبقاتهم .. وخلاصة القول ان دعوة القرامطة صورة لدعوة مزدك التي تعرضنا لها عند حديثنا عن أديان الفرس قبل الاسلام .

واستمرت دولة القرامطة في الأحساء حتى عام 466 حيث قضى عليها عبد الله بن على من بني عبد القيس بمساعدة ملك شاه السلجوقي ، إلا أن القضاء عليها كان عسكريا ، أما من الوجهة العقائدية فلقد اختلطت بالاسماعيلية والنصيرية وسائر الفرق الباطنية ، ولا تزال هذه الأفكار تجد رواجا في كل من بلاد الشام وايران و الهند والقطيف ونجران .

ومن يتصدى لتقويم الحركات الثورية اليوم التي يشهدها العالم الاسلامي يجد أنها صور طبق الأصل عن حركتي القرامطة ومزدك ، كما يجد قاسما مشتركا بين هذه الحركات والماسونية العالمية والشيوعية العالمية


(4) انظر كتاب ( المهدي والمهدوية ) ل عبد الرزاق الحصان ، ومن مصادر المؤلف في اختلاط الرجال مع النساء : اتعاظ الحنفاء ، ديوان بن مقرب العيوني شاعر الأحساء .
واليوم الذي يجتمعون فيه هو الليلة العاشرة من محرم أي في العيد الفارسي المشهور ( النوروز ).

-72-

اللتان تناديان بالاباحية والمؤاخاة والمساواة دون النظر الى الدين والجنس"5" .

(5) في عام 1973م ألف أحد الباطنيين كتابا أسماه ( الحركات السرية في الاسلام ) ، وخص القرامطة بفصل عنوانه ( القرامطة تجربة رائدة في الاشتراكية ) ، وقال عنهم كلاما أكثر مما يقوله الجنابي نفسه ، وهذه جرأة لا يحمد عليها مؤلف الكتاب الدكتور محمد اسماعيل .وقبل أشهر صرح وزير معروف في حكومة عدن الشيوعية قال فيه :
ان القرامطة اشتراكيون ، وهم رواد لنا عملوا على توزيع الثروة ، والقضاء على التميز الطبقي . ولقد أنصفوا الفقراء والعمال والفلاحين ، ثم زعم الوزير ان تاريخ القرامطة مشوه ، وختم تصريحه واعدا بأن حكومته ستنهج نهج القرامطة وفاء لهم وايمانا بأفكارهم.
كتب هذا البحث عام 1397 .


-73-

المبحث السادس
البويهيون
البويهيون : أسرة فارسية من سلالة سابور ذي الأكتاف ، أسس دولتهم أبو شجاع بويه ، وحكم البلاد بعد هلاكه أبناؤه علي (معز الدولة) ، وحسن (عماد الدولة ) ، وأحمد (ركن الدولة ) .

استولى البويهيون على العراق عام 334 حيث خلعوا الخليفة العباسي المستكفى بالله وجاؤوا بالفضل بن المقتدر فنصبوه خليفة وأعطوه لقب (المطيع لله ) ، وصار الخليفة ألعوبة بأيدي الملوك الديلاميين الذين دام حكمهم أكثر من مائة عام ، كانوا خلالها أصحاب الكلمة المطلقة ففرضوا التشيع ليستتروا به وباسمه ينشرون معتقداتهم المجوسية ، وأوقدوا نار الفتنة بين السنة والشيعة وأرادوا من وراء ذلك أن تقع الحروب والفتن بين الناس فلا يجدوا وقتا لحربهم وتخليص الناس من شرورهم .

وفي عهدهم تجرأ سفهاء الناس على شتم الصحابة رضوان الله عليهم .

وفي سنة 352 أمر البويهيون باغلاق الأسواق في اليوم العاشر من المحرم ، وعطلوا البيع ، ونصبوا القباب في الأسواق ، وعلقت عليها المسوح وخرج النساء منتشرات الشعور يلطمن في الأسواق ، وأقيمت النائحة على الحسين ، وتكرر ذلك في زمن الديالمة"6" ، وهذه الحادثة
(6) انظر كتاب المهدي والمهدوية لمؤلفه عبد الرزاق حصان ، ص 75 .

-74-

ظهرت لأول مرة في تاريخ بغداد ، وهي من الأمور التي لم تعرفها العرب لا في الجاهلية ولا في الاسلام ، غير أنها أصبحت عرفا ومناسبة دينية مهمة عند الجعفرية الامامية الاثني عشرية .

وآخر ملوك البويهيين أطلق على نفسه اسم ( الملك الرحيم ) منازعة لله في اسمه كما أطلق الحاكم العبيدي على نفسه ( الحاكم بأمره ) :
(( تشابهت قلوبهم قد بينا الآيات لقوم يوقنون )) .
البقرة : 118