عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 09-03-2006, 11:32 AM
قناص بغداد قناص بغداد غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Dec 2005
المشاركات: 740
إفتراضي حال خصوم المجاهدين

عُقد مرة مجلس لشيخ الإسلام - أبي العباس أحمد ابن تيمية - فتكلم فيه بعض أكابر المخالفين، وكان خطيب الجامع، فقال الشيخ شرف الدين ابن تيمية - أخو الشيخ أبي العباس -: (كلامنا مع أهل السنة، واما أنت؛ فأنا أكتب لك أحاديث من الصحيحين، وأحاديث من الموضوعات، وكلاماً من سيرة عنترة، فلا تستطيع التمييز بينها!)، فسكت الرجل [1].

أعلم يا عبد الله - وفقك الله لارشد امرك - أن حال خصوم المجاهدين الموحدين هو حال هذا الخطيب، وشأنهم لا يعدو شأنه، فهم أهل العي والجهالة، لم يتنوروا بنور السنة، ولم يعرفوا ما عليه السلف الصالح، جل بضاعتهم قراءة كتب المفكرين - كسعيد حوى وفتحي يكن وأمثالهما - ممن لا يعرفون هدي السنة، ولم يتشبعوا بها؛ حتى تصبح أفكارهم على الهدي الصحيح، والنور النبوي المشرق.

ولذلك تجد احدهم يحاورك الليالي والأيام ولا يستطيع أن يستشهد بآية أو حديث أو كلام لإمام سلفي مرضي السيرة، إنما يصرف الأوقات في لوك الكلمات المقعرة، والتي لا تسمن ولا تغني من جوع، مثل عبارات "الوجه الحضاري"، و "الإصلاح الحضاري"، و "النزعة الحضارية"، و "المشروع الحضاري"!

ولو سألته عن معنى "الشهادتين"؟ ومعنى "كلمة التوحيد"؟ لما عرف عنها شيئاً، ولو سألته عن معنى "الإيمان"؟ لكان منتهى فهمه أن يقول لك: (هو التصديق)!!

فهم يُشغلون أنفسهم بالتعريفات التي أُحدثت، ويتنافسون في تحديدها، كتعريف "المجتمع"، وتعريف "السياسة"، وتعريف "الدولة"، وتعريف "الحكومة"، ولو سألته عن حديث صحيح في الباب أو في المسألة لظن أنه سؤال من عالم القمر والمريخ! بل ربما يعجب أن يكون في المسألة آية محكمة أو سنة ماضية!

هذا ما أحدثه انشغال الناس بما يسمى بـ "الفكر الإسلامي"، وتنفيرهم وعدم دفعهم وترغيبهم نحو كتب السنة والهدي النبوي وكتب السلف، فصار الشباب كثير الكلام، فخم العبارة، ولكنها خاوية المعنى، لا تحسم قضية، ولا تهدي لعمل صالح.

وليس الأمر متعلق بالشباب فقط، بل هو شأن شيوخهم وقادتهم - مفكرين، قادة، خطباء - إن قرأ الواحد كتاباً، فلا يعدو أن يقرأ "إحياء علوم الدين" لابي حامد الغزالي، ثم ينصح به، فإن زاد... قرأ كتاب متن فقه وضع لصغار الطلبة والمبتدئين، وهو مع ذلك يتعلم فن الدخول والخروج والجدال الفارغ، والمحاورة المضيعة للوقت والاعمار.

ويُتقن أن يعلم أن في المسألة خلافاً، فإن سُئل عن مسألة قال لك: (اختلف فيها الفقهاء)!!... ويتركك بلا جواب حائراً، فإن شددت عليه في تقريب الحق بين هذه الاختلافات، او تحديد الصواب، قال لك: (أنا استحسن هذا القول)!! أو : (أنا أميل لهذا القول)، فإن سألته عن المُرجح؟ قال لك: (هذا تميل له النفس)!! أو : (هذا موافق للمصلحة)!! أو : (هذا أليق بهذا الزمان)...

وهكذا صار هذا المُفكر يُفتي بحسب استحسانه وميل نفسه وهواه، ولا يُقيم لصحيح السنة شأناً، ولا للقواعد الاصولية رأساً، فهو عار عن كل هذا، ولم يبذل فيها جهده، ولا يعيرها اهتمامه.

بل هو ربما مستهزئ بأهلها، وينبزهم بالألقاب السيئة، كأن يقول عنهم: (هؤلاء متكلسون متحجرون)، أو : (هؤلاء متخلفون، خطابهم ليس حضارياً، وعباراتهم لا تليق بهذا الزمان الحضاري)!

فحسبنا الله ونعم الوكيل...

لقد صارت السنة غريبة، وصار أهلها غرباء... وهم أقل من الملح في الطعام... وكما وصفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قوم قليل... في قوم سوء كثير... من يعصهم أكثر ممن يطيعهم).

[عن نشرة الأنصار