عرض مشاركة مفردة
  #14  
قديم 16-08-2006, 06:21 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

وسائل الإعلام

يزعم منظرو الحريات العامة وحقوق الإنسان في العالم الليبرالي ، بأن من مهام الصحافة و أجهزة الإعلام ، هي مراقبة وتقييم أعمال الحكومة . و تكثر نصوص التشريعات من مقدمات تركز على تلك المسألة .

ويعتبر الكثير من السياسيين أن الصحافة والإعلام ، تشكل السلطة الرابعة في المجتمعات (الديمقراطية ) ، بعد السلطات التشريعية و التنفيذية و القضائية .

و بما أن معظم الأخبار الهامة في الولايات المتحدة الأمريكية ، تصدر عن الدولة ، فإن مؤسسات وأجهزة ونشاطات الدولة أصبحت أهم مصادر المعلومات التي تمد وسائل الإعلام بالأخبار . وفي غياب الرقابة الخارجية والاعتماد بشكل رئيسي على الدولة ، أصبحت وسائل الإعلام عرضة لارتكاب الأخطاء والتستر عليها ، وقيام بعض الجهات الحكومية وغير الحكومية باستخدامها كوسيلة ليس فقط للكشف عن الأسرار وتعرية الحقيقة ، بل و أحيانا لإخفاء الحقيقة وتزويرها.

لقد اتفقت النخب الحاكمة في الولايات المتحدة ، على استغفال الجمهور الأمريكي و تضليله في توريد المعلومات الخارجية ، وجعلت من نفسها المورد الرئيسي للمعرفة له والاطلاع على أعمال الحكومة وفق ما تراه تلك النخب .

كما اكتشفت تلك النخب الأهمية القصوى للإعلام ، وبالقدر الذي تكون علاقة أجهزة الإعلام مع أفراد تلك النخب جيدة ، بالقدر الذي سيكتب له النجاح في الوصول الى أعلى المراتب ..

فعلى سبيل المثال استطاع ( جاك كمب ) لاعب كرة القدم من تحويل شخصيته الرياضية الى شخصية سياسية أوصلته الى الكونجرس وشجعته لخوض انتخابات الرئاسة عام 1988 .. كما استطاع (رونالد ريغان ) من استغلال شهرته كممثل و تحويلها لشهرة سياسية أوصلته لمنصب الرئيس لدورتين متتاليتين .

وهذا مما جعل السياسيين الأمريكان يطلقون على تلك الديمقراطية ب (الديمقراطية الإعلامية ) .. وغدا الأشخاص الراغبون في الوصول الى مقاعد البرلمان (الكونجرس) .. أكثر ارتباطا بأجهزة الإعلام من ارتباطهم بأحزابهم . وصار لهذا النشاط شركات عملاقة متخصصة في السيطرة على الرأي العام ، من خلال ابتكار طرق كمقياس الرأي العام وتوجيهه بطرق مؤثرة ، تجعله يقبل على انتخاب مرشح دون غيره .. ويؤيد موقفا سياسيا دون غيره .. وتعاود تلك المؤسسات العملاقة للتأثير على باقي الجمهور من خلال تحليل يتسم بالإيحاء للجمهور بإتباع رأي والاصطفاف معه دون غيره .

كما لم تنس وسائل الإعلام التي ارتبطت مع النخب الحاكمة ( ماليا وعقائديا) بالتأثير على شعوب الأرض وتوجيهها ضمن سيطرة شبه مطلقة على أجهزة الإعلام القارية والقطرية .. وتصدير أنماط من القناعات و أساليب الحياة التي تبشر بما تريده تلك النخب .. مع تشددها المطلق في إخفاء الحقائق عما يحدث فعلا ..

فالتكتم على خسائر الحروب التي تخوضها أمريكا .. وتجاهلها لما يصنعه حلفاؤها في العالم من انتهاك فاضح لحقوق الإنسان ( الكيان الصهيوني مثلا) وتجاهلها لردات الفعل عند شعوب الأرض ، والتعتيم عليها ، لتقديم نفسها كمخلص ، لا كمجرم دولي عملاق ، وتصفيتها لكل الأصوات الإعلامية التي تحاول فضح أكاذيبها ..

كل ذلك جعل من الإعلام ذراعا إمبرياليا صهيونيا (بالتحالف والتمويل) .. بذل من أجله الكثير من الأموال .. فالدعم المالي الهائل لقنوات تلفزيونية بعينها ، وجعلها تستفيد من مصدر تمويل وهو (الدعايات والإعلانات التلفزيونية ) التي تحيلها عليها شركات متخصصة ومرتبطة بقادة رأس المال .. وبالمقابل حرمان القنوات التلفزيونية والإعلامية التي تناوئ هذا الخط ، من هذا المصدر الضخم ، يجعل إمكانيات التلفزيونات ووسائل الإعلام الوطنية غير قادرة على المنافسة لضعف إمكانياتها وتواضع كوادرها و برامجها ..
__________________
ابن حوران